الثورة أون لاين – بيداء قطليش :
على الرغم من مرور ما يقارب أكثر من عشرة أشهر على بدء تأثيرات أزمة فيروس “كورونا المستجد” على العالم ، لا يزال كابوس كورونا يطارد الاقتصاد العالمي ، ويدفع بالعديد من الدول إلى خانة الفقر ، حيث عداد الإصابات والوفيات يشهد قفزات كبيرة ، ليلقي بظلال قاتمة على اقتصاد العالم والأوضاع المالية لسكان الكرة الأرضية برمتها .
هذا الأمر عاد ليدفع العديد من دول العالم مجدداً لإعادة فرض إجراءات صارمة في محاولة لاحتواء تفشي الجائحة بصورة أكبر ، تتمثل في الإغلاقات الاقتصادية لفترات مختلفة لحماية صحة مواطنيها وتخفيف الضغوط عن أنظمتها الصحية ، وقدرتها على تحمل التبعات الاقتصادية لهذه الإغلاقات ، وكل ذلك يأتي بالتزامن مع الوقت الذي تتسابق فيه مراكز البحث العلمي في مختلف أنحاء العالم لتطوير لقاحات مضادة للفيروس منذ عدة أشهر .
وفي ظل التأثيرات العميقة لوباء كورونا على الاقتصاد العالمي ومستقبله ، تأتي تحذيرات صندوق النقد الدولي الذي أكد مراراً على أن الاقتصاد العالمي يواجه أسوأ حالة ركود منذ الكساد الكبير في بداية القرن الماضي ، وأن هنالك قنبلة موقوتة تتربص بالاقتصاد العالمي ، تتمثل بالمستويات العالية جداً للدين العام الذي زاد خلال العام الجاري 2020 بشكل كبير بسبب أزمة كورونا ، وغيرها من المتغيرات التي تدفع باتجاه رسم صورة قاتمة وضبابية للاقتصاد العالمي وللاقتصادات الوطنية .
ومنطقة اليورو تواجه اليوم وضعاً اقتصادياً كارثياً جراء الوباء مع تسجيل انكماش كبير وارتفاع هائل في الديون ، فيما الانتعاش سيكون أدنى من المرتقب ، بحسب توقعات المفوضية الأوروبية التي لا تشير إلى خروج سريع من الأزمة ، وتتوقع تراجعاً إجمالياً للناتج الداخلي لمنطقة اليورو بنسبة 7,8% عام 2020 .
وترى المفوضية في الوقت الحاضر ، أن الاقتصاد سيعود إلى مستوى ما قبل الوباء بالكاد عام 2022″ ، لكنها تشير إلى أن نسبة الغموض المرتفعة التي لا تزال تحيط بالاقتصاد تطرح مخاطر بتدهور آفاقه ، وهي ترجح بالتالي عودة الوضع إلى طبيعته عام 2023 .
وبحسب المفوضية الأوروبية ، فإذا كان الانكماش سيحل على اقتصاد جميع دول منطقة اليورو ال19، فإن آثاره ستكون أشد على إسبانيا (-12,4) وإيطاليا (-9,9%) وفرنسا (-9,4%) ، أما ألمانيا ، القوة الاقتصادية الأولى في المنطقة ، فتمكنت من تقليص حجم التراجع مع توقع اقتصار الانكماش فيها على 5,6% عام 2020 .
وحملت هذه الصعوبات الاقتصادية الدول الأعضاء على الإنفاق بشكل طائل دعماً للاقتصاد ، ما انعكس على العجز في ميزانياتها العامة مع توقع اتساعه ليتخطى حتى 10% في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا خلال العام الجاري .
ومن المتوقع بالتالي أن ترتفع ديون الدول الأعضاء عام 2020 لتتخطى 100% من إجمالي الناتج الداخلي في منطقة اليورو بصورة إجمالية .
وسيكون مستوى المديونية مرتفعاً بصورة خاصة في اليونان (207,1% عام 2020) وإيطاليا (159,6%) . أما في فرنسا ، فسيصل الدين إلى 115,9% من إجمالي الناتج الداخلي في 2020 على أن يواصل الارتفاع في 2021 و2022