الملحق الثقافي:هنادة الحصري:
لا شك أن أي دور للأدب أو الإبداع بشكل عام يجب أن يكون منطلقاً نحو تغيير الواقع الذي نعيشه نحو الأفضل.
ثمة حوارات واعية وراقية تدور بيني وبين الأصدقاء نهدف من ورائها بأن نؤسس لحراك ثقافي حضاري يسهم بالارتقاء الكامل للوعي، وتحقيق الغاية التي وجدنا من أجلها على الأرض.
ولأن الله تعالى خلقنا في أحسن تقويم، فعلينا أن نحقق حكمة الله، والحكمة هي الوعي بالذات ومراجعتها بمعزل عن الأنا المتضخمة، لنصل الى التوازن النفسي، حيث نسعد ونتألم ونتعب ونستريح وننشط ونتكاسل..إلخ.
فالإنسان المتوازن إنسان فعال يعيش مع الجميع ويندمج معهم. تدور موضوعاتنا الرئيسية حول الاختلاف بين البشر، كم هو صعب أن ننسجم في ظل هذا الاختلاف.
فكنا مختلفين في كل شيء، لكن الاختلاف سنة الكون، فالتشابه موت وإلا ماذا سيؤول إليه حالنا إذا كنا نسخاً مكررة عن بعضنا، فالاختلاف ضرورة يحثنا على البحث عن طريق للتعامل ويمكننا من التعايش بشكل أمثل ووفق معايير إنسانية.
ثمة أمور نتفق بها مع الاّخر وأخرى نختلف عنه، وبهذا نطلع على فكر الاّخر فنثرى بأفكاره ويثرى بأفكارنا. وبهذا نكون كأننا نبحث عن أوجه للتعارف والتقارب لنصل إلى الإقرار بحق الآخر في الاختلاف. ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: «اختلاف أمتي رحمة».
نعم لن نتماثل بأفكارنا فحتى مفاهيم العدل والحق والخير والجمال نختلف فيها. وهنا دور الأدب في تفعيل ذلك، ورسالته أن نقبل الاختلاف ونعمل معاً لأجل الرقي والجمال.
إذاً لدينا خاصيتنا في التفكير والسلوك وفي إطلاق الأحكام، فلماذا ننكر على الآخر ذلك؟
انطلاقاً من هذا الواقع، لماذا لا نحاول تغيير نظرتنا وقبول الآخر ورؤية الحياة بمفاهيم مختلفة؟ نحن بحاجة إلى فكر تنويري يعترف بالآخر ولا يلغيه ولا يصطدم به، وهذا يتطلب وعياً للذات والآخر بعيداً عن مقولة متداولة جداً «إذا لم تكن معي فأنت ضدي».
كانت هناك اختراعات كبيرة خدمت البشرية وكان وراءها بشر، فهل نعجز عن اختراع الأمل بإحلال ثقافة التسامح يقودها الأدب محل ثقافة الإقصاء والحقد والكراهية وإغراق العالم بالتوتر؟
هذا الحقد الذي استسرى، فلم يعد خلافاً صحياً، بل امتد لنرى العنف يتصدر كل مكان في الأسر، في المؤسسات الحكومية، في المدارس بين الأطفال نتيجة الجو الأسري المتوتر، في الشارع العام حيث القهر والتعنيف والاضطهاد. فماذا حصل لنا؟
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا نسهم في تطوير الفكر البشري، فهو أصلاً يتطور بتطور البشرية؟ فإذا بقي الفكر ثابتاً، فيحدث هناك فصام بين الفكر والواقع الإنساني للفرد.
دعوة للمساهمة في تأصيل حراك تسامحي عقلاني مبني على احترام الآخر وحقه في الاختلاف.
التاريخ: الثلاثاء10-11-2020
رقم العدد :2020