الثورة أون لاين – هنادي الحوري:
من المعروف أن المكتبة المنزلية ركن أساسي لثقافة الأسرة وظلت لفترة طويلة قبل انتشار الإنترنت ودخوله كل البيوت المنهل الوحيد للمعرفة والتزوّد بالعلم وخزان ثقافة الأسرة وقد يكون لا يخلو بيت من وجود مكتبة مهما صغر حجمها فهناك من يخصص لها غرفا كاملة وهناك من يحتفظ بالكتب في غرفة بسيطة في أي زاوية من المنزل حسب ما تسمح لهم ظروفهم وإمكانياتهم.
وعلى الرغم من أهميتها في إثراء المخزون الثقافي للأسرة والمجتمع لما تحققه من فوائد تعليمية وتربوية وأخلاقية إلا أنها مفقودة في أغلب المنازل لعدة أسباب.
واستطلعت جريدة الثورة عدداً من الٱراء حول المكتبة المنزلية .. تواجدها أهميتها وضرورتها:
يرى صالح الأمير أستاذ في مادة اللغة العربية أن وجود المكتبة في كل منزل ضروري ومهم كالمعاجم اللغوية وكتب التاريخ ودواوين الشعر أو المراجع العلمية كالطبية والهندسية وغيرها، غير أنه يجد في اقتناء مكتبة حالياً ينطوي في وجود تحديين: الأول وجود الإنترنت، والثاني ارتفاع أسعار الكتب الورقية .
وقالت زينب موصللي مهندسة معمارية أنه يوجد في كل غرفة بمنزل عائلتها مكتبة تحوي عدداً من الرفوف، مشيرة إلى أن مكتبة غرفتها تضم كتبها الدراسية، حيث يتجدد محتواها كل عام، فعلاقتها بها كانت يومية نظراً لمحتواها، كما تحوي أيضا معاجم وكتباً علمية في مجال تخصصها، إضافة إلى كتب تعليم اللغات، وعند تخرجها من الجامعة ضمت إلى رفوفها قصصاً وروايات، مضيفة إن مكتبة الصالون تحوي كتباً علمية شاملة بجميع الاختصاصات، كما تحتوي الروايات، أما مكتبة الضيوف ففيها كتب قيمة من تلك التي تتألف من أجزاء متعددة حيث تراها وضعت للزينة أكثر من القراءة والاطلاع عليها.
وأضافت زينب إنه وبسبب عشقها وحبّها للقراءة والمطالعة يقوم أصدقاؤها بإهدائها الكتب باستمرار مما يغني مكتبها الخاصة بمختلف أنواع الكتب والمؤلفين والعناوين وهي معتادة على القراءة منذ صغرها فلا يوجد مدة محددة أو وقت معين للقراءة، حيث يعتمد ذلك على مدى استمتاعها بالكتاب الذي بين يديها، فكانت تطلع على كل الكتب ابتداء من قصص الأطفال
وطبعا بسبب حبها للقراءة فهي حريصة دائماً على زيارة معرض الكتاب ليس فقط للاطلاع وإنما لاقتناء ما يحلو لها من كتب لإغناء ثقافتها وإشباع نهمها للمعرفة وأيضاً تقتني قصصاً ترفيهية وتعليمة لقراءتها لأبناء أخواتها الصغار لتشجيعهم على القراءة وتقوية علاقتهم بالكتاب.
أبو يزن صحفي يبين أنه يملك مكتبة تحوي معظم أنواع المعارف الفكرية والأدبية والعلمية وحتى قصص الأطفال، ولكن الروايات تستحوذ على القسم الأكبر منها، وقد عمل لسنوات لزيادة محتوياتها وقام بتخصيص قسم من دخله لشراء الكتب لأن عمله يتطلب التوسّع بجمع المعلومات والاطلاع على مختلف العلوم والثقافات.
أما بالنسبة لأبنائه ففي بداية حياتهم استفادوا من المكتبة وخاصة أنه كان دائماً يشجعهم وكانت المكتبة عوناً لهم في تحصيلهم الدراسي، لكن مع انتشار النت خفّ اهتمامهم في قراءة الكتاب وحالهم حال كل الجيل الجديد، وللحقيقة هذا ليس بالشيء الصحي لأنه مهما تطورت وسائل التواصل يبقى الكتاب هو الأساس ولا غنى عنه والدليل أن الدول المتقدمة حتى الآن الكتاب بقيت له مكانته، وختم كلامه بقول للمتنبي: وخير جليس في الأنام كتاب.
رويدا موظفة تحبّ مكتبة المنزل وتحبّ وجودها حيث إنها عدا عن فوائدها في إغناء الثقافة والمعرفة لجميع أفراد الأسرة فهي تعطي شكلاً جمالياً أيضاً للمنزل، موضحة أنه كان بمنزلها السابق التي كانت تقنطه مع عائلتها مكتبة ومع انتقالها لمنزل ٱخر نتيجة للظروف لم تفكّر باقتناء مكتبة حيث أصبح كل شيء باهظ الثمن.
أم لؤي وجدت أن كتب المدرسة بالكاد أطفالها يقرؤونها خوفاً من العقاب في حال رسوبهم أو حصولهم على علامة متدنية في موادهم فكيف لها بشراء كتب أو ضم مكتبة بالمنزل، فهي تجد أن أجهزة الموبايل والكمبيوتر تستحوذ جلّ اهتمامهم حتى إنها أحيانا تلجأ لمكافأتهم بحصولهم على ساعات إضافية للعب على الكمبيوتر في حال إنهاء واجباتهم الدراسية أو بعقابهم بالحرمان من استخدامها في حال عدم إنهائها .
يؤكد ميار مدير بنك وأب لطفلين أنه حريص على وجود مكتبة في منزله ولو صغر حجمها وعدد رفوفها وهي تحتوي على كتب عامة في جميع المجالات، إضافة إلى كتب تخصصية في مجال عمله وتخصصه، وحالياً يحرص هو وزوجته على شراء العديد من الكتب التعليمية والترفيهية بشكل دوري لأطفاله ليعوّدهم على القراءة وليساعدهم على التقدم الدراسي وتفوقهم وإبعادهم عن الألعاب الالكترونية ومشاهدة التلفاز والفضائيات وزيادة معرفتهم بما يتناسب مع أعمارهم.
وهو يجد أن للأهل دوراً كبيراً في تشجيع الأطفال على قراءة الكتب سواء بإنشاء مكتبة منزلية ومشاهدة والديهم أو أخوتهم الأكبر عمراً وهم يطالعون الكتب أو بقراءة الكتب والقصص لهم وبشراء الكتب واقتنائها.
بشرى طالبة في المدرسة الثانوية تكره المكتبات على اختلاف أشكالها، سواء منزلية أو عامة.
فهي حسب تعبيرها تشعر بالقشعريرة من الكتب الورقية وتلجأ إلى الانترنت للحصول على كل ما تريده من تسلية وترفيه ودردشة أو حتى حصولها على أي معلومة تريدها في مجال دراستها.
أم أحمد لا تجد أي مبرر لوجود مكتبة وتعتبر ذلك نوعاً من أنواع البذخ وإنفاقاً مالياً غير مبرر في ظل ارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية التي نعيشها.
ضحى خريجة جامعية أشارت إلى أن المكتبة مهمة وضرورية في كل منزل حيث إنها تغني عن الذهاب إلى المكتبة العامة مما يعني أنها توفر مالاً وجهداً ووقتاً، موضحة أنها كانت تلجأ إلي مكتبة منزلهم في عمل حلقات البحث التي كانت تطلب منها أو الاستعانة بها في مشروع التخرج في حال كانت متنوعة وغنية بمحتواها
وتغني عن الذهاب للمكتبة العامة
حيث لم يكن الانترنت منتشرا ومتداولا كما هو الأن .
رشا تقول في صغرها كانت عائلتها تملك مكتبة منزلية يوجد فيها بعض الكتب والقصص والتحف والإكسسوارت، ورويدا رويدا لا تدري كيف اختفت الكتب وأصبحت فقط لعرض التحف التي كانت أمها حريصة على اقتنائها أكثر من أي شيء آخر مستغلة انشغال والدها بعمله حيث كان كثير السفر.
في حين تستذكر رزان خريجة أدب انكليزي ذكرياتها مع مكتبة المنزل التي كانت تحوي إضافة إلى كتبها الجامعية هي وأخوتها بعض الدواوين الشعرية والمعاجم والقواميس والروايات التي حرص أبوها على وجودها في المكتبة مع فرض نوع من المراقبة على نوعية الكتب التي تمكن قراءتها في مختلف مراحلهم العمرية على حد قولها.
وتتابع إنها لم تعد تلجأ إليها نتيجة لانشغالها بوظيفتها ولأنها أصبحت تلجأ للإنترنت للحصول على أي معلومة أو لقراءة أي كتاب أو رواية أما الآن فمكتبة العائلة أصبحت ديكوراً فقط فلا أحد يفكر بالاقتراب منها ومطالعة أي كتاب، إلا أنها حسب رأيها المكتبة تبقى ذات قيمة معنوية وفكرية وثقافية بالمنزل ولا تفكر هي وعائلتها بالتخلص منها أو الاستغناء عن وجودها الجمالي.
مهما تنوعت الآراء بأهمية المكتبة المنزلية وعدمها ومهما اختلفت بين من يرى ضرورة لوجودها ومن لا يعيرها اهتماماً تبقى المكتبة الركن الرئيسي للمنزل ومصدراً رئيسياً للثقافة والمعلومة الصحيحة لأن الثقافة نسغ الروح والعقل فالإنسان لا يمكن أن تنمو مداركه ومعارفة دون مورد ينهل منه والمكتبة هي هذا المنهل.