تأثيره يطال جميع مفاصل الحياة بما فيها الصحية …التقنين الجائر للكهرباء في حمص أصبح كابوساً ملازماً للمواطنين
الثورة أون لاين – تحقيق سهيلة إسماعيل:
لن نأتي بجديد إذا قلنا إن التقنين الجائر – وخاصة في الفترة الأخيرة – انعكس سلباً على حياة المواطنين، وتحولت الشكوى من موضوع الكهرباء إلى شكوى يومية, ولن نأتي بجديد كذلك إذا قلنا إن قطع الكهرباء أثَّر على جميع مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتجارية ما انعكس سلباً على الحياة عامة, وأثار أسئلة كثيرة سمعناها على لسان مواطنين التقيناهم في مدينة حمص فعبروا عن معاناتهم الكبيرة بسبب الوضع السيئ للكهرباء في المحافظة, حتى أن بعضهم وبأسلوب ساخر طالب بإلغاء الكهرباء من حياتنا حتى ينساها المواطن ويتأقلم مع الأساليب القديمة للحياة.
المواطنون : نقضي أيامنا بانتظار الكهرباء..
كميل شاهين صاحب ملحمة شاهين في حي عكرمة قال: لم يبقَ أسوأ من هذا الوضع, فمحلي يتطلب تشغيل البراد بشكل دائم لذلك أعتمد على المولدة, وهذا مرهق من الناحية المادية لأنني أدفع مبالغ كبيرة ثمن مازوت وبينزين لتشغيلها, وفوق ذلك أدفع مبلغ 75 ألفا فاتورة كهرباء في كل دورة وفق السعر التجاري, وأضاف: إذا بعت كيلو اللحمة بـ 16 ألف ليرة فسيكون قليلاً في ظل الظروف الحالية.
بدورها أم علي (ربة منزل) في حي ضاحية الوليد أكدت أن البراد الذي تملكه في متزلها تعطل بسبب القطع والوصل غير المنظم, ففي فترة الوصل وهي من حق المواطن تنقطع الكهرباء وتأتي فجأة ما أدى إلى تعطل الكثير من الأدوات الكهربائية المنزلية, وأضافت بأنها غير قادرة اليوم على شراء براد جديد لأن الأسعار مرتفعة جداً, وألقت اللوم على المسؤولين عن التقنين, ثم تساءلت بحسرة: هل تعوضني شركة الكهرباء في حمص عن خسارتي الكبيرة, أو تعطيني برّاداً غير البرّاد المتعطل؟
الدكتور باسم ونوس وهو من سكان شارع محمد الخضري قال: دفعت آلاف الليرات ثمن مصابيح كهربائية لأن الموجودة في منزلي احترقت بسبب القطع ثم الوصل المفاجئ للتيار الكهربائي, إضافة إلى تعطل المكنسة الكهربائية للسبب ذاته, وتابع حديثه قائلاً: لماذا لا تعلن الشركة العامة للكهرباء في محافظة حمص عن مواعيد محددة للتقنين وتلتزم به حتى لا يخسر المواطنون أدواتهم المنزلية؟ ولماذا لا تقدم أسباباً مقنعة للتقنين؟ أم أن الاستهتار بحياة المواطن ووقته هو السائد من قبل جميع المعنيين في المحافظة، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية لماذا لا يتم وصل التيار الكهربائي ولو لفترة قصيرة صباحاً, وكذلك في فترة المساء لأن طلاب المدارس والجامعات بأمس الحاجة للتيار الكهربائي…؟؟
وأعرب المواطن ب .ش بأسلوب ساخر عن استغرابه مما يحدث في مدينة كحمص فهي مصدر الطاقة لكل سورية, ومع ذلك تعاني معاناة كبيرة, وأضاف: عليهم أن يلغوا الكهرباء من حياتنا, ولنعد إلى الوسائل القديمة التي استعملها أجدادنا في الماضي, وهكذا نرتاح من دفع فواتير الكهرباء المُرهقة لجيوبنا, حيث تتضمن الفاتورة ضريبة نظافة ورسم إدارة محلية ورسما ماليا وضريبة تأخير وغيرها من الإضافات الأخرى, بينما لا يعمل المعنيون في قطاع الكهرباء على تأمين الكهرباء لنا وكأن الظروف الاقتصادية التي يعيشها المواطن ومنعكسات الحرب السلبية غير كافية لتجعل حياته صعبة ومعقدة.
الكهرباء حاجة ملحة وضرورة حياتية
وفي اتصال هاتفي مع نائب رئيس جامعة البعث الدكتور علي العبد الله تحدث عن التأثير السلبي لانقطاع التيار الكهربائي على الجامعة وعلى حياة الطلاب في المدينة الجامعية, حيث قال إن الجامعة وبجميع كلياتها تحتاج إلى التيار الكهربائي, سواء في المخابر أو القاعات التدريسية أو الكليات العلمية التي تعتمد على وجود شبكة أنترنت مثل كلية المعلوماتية وغيرها, وإن اعتماد الجامعة على المولدات مكلف جدا من الناحية المادية, وكان بإمكان الجامعة أن تصرف الأموال المخصصة لتشغيل المولدات على أمور أخرى تساهم في تطوير الجامعة, أما بالنسبة للطلاب فهناك معاناة كبيرة, وتزداد على من يقطن في المدينة الجامعية خاصة وأن الليدات ممنوعة في المدينة, فكيف سيدرس الطلاب وكيف سيتدبرون أمورهم؟
لذلك فإن وجود التيار الكهربائي حاجة ملحة وضرورة حياتية ليس للجامعة فقط وإنما لجميع الفعاليات الاقتصادية والخدمية والأهلية .
أعداد المشتركين
يتساءل أي مواطن متابع للتغيرات الديموغرافية في حمص عن سبب التقنين الجائر وازدياد الحمولات والقطع بسبب الحماية الترددية إذا كان عدد المشتركين في حمص (مدينة وريفا) 604,481 آلاف فقط, حسب ما أفادنا مدير المشتركين في الشركة العامة للكهرباء المهندس شكري شرّوف, مضيفاً بأن الحاصلين على عداد أحادي هم 577,551 مشتركاً, والحاصلين على عداد ثلاثي 24.773 ألف مشترك, وعداد توتر متوسط 2157 مشتركاً.
مدير شركة الكهرباء : التقنين ليس مسؤوليتنا
ورداً على سؤالنا وتساؤلات المواطنين أوضح المدير العام للشركة العامة للكهرباء في حمص صالح عمران قائلاً: ازدادت ساعات التقنين في المحافظة وأصبحت (خمس ساعات قطع، وساعة وصل) بسبب ضعف التوليد وهذا عائد للنقص في كميات الغاز الموجودة واللازمة لتوليد التيار الكهربائي, وقرار التقنين أو تحديده ليس بيدنا, وإنما يعود الأمر للوزارة فهي المسؤولة عن توزيع الطاقة, أما بالنسبة للفعاليات الاقتصادية والتجارية مثل المنطقة الصناعية الواقعة على طريق حماه فهناك تداخلات في الخطوط بينها وبين الأحياء المجاورة, أما بالنسبة للمدينة الصناعية فليس هناك تقنين يومي يُطبق عليها وإنما هناك تقنين أسبوعي حيث يتم قطع التيار الكهربائي من الساعة الواحدة يوم الخميس وحتى صباح يوم السبت, لكي لا تتوقف المعامل والفعاليات الاقتصادية الموجودة في المدينة.
طوارئ الكهرباء : بالعو الموس على الحدين
وكانت محطتنا الأخيرة مع بعض العاملين في طوارئ الكهرباء الذين رفضوا ذكر أسمائهم, لكنهم تكلموا عن معاناتهم الفائقة, حتى أنهم شبهوا أنفسهم بمن يبلع الموس على الحدين, فهم رغم ظروف عملهم الصعبة, سواء في الشتاء أو الصيف, ورغم الخطر الذي يواجهونه بدليل استشهاد بعضهم وهو يؤدي عمله, ليس لديهم أي ميزات تُذكر, ولا يقدر المواطنون عملهم, بل يتعرضون في كثير من الأحيان للشتم والإهانة.