هندسة الضرائب

مشكلة التهرب الضريبي الطويلة الأمد في بلادنا، والتي صارت مع الأيام كالمرض المزمن المتمكّن بقوة من الجسد، تحتاج إلى علاج هادئ ودقيق، إذ لا تنفع مع مثل هذه الأمراض غرف الإسعاف السريعة، فالجسد المبتلي بهكذا مرض بات يحتاج إلى إقامة في المصحّ أو المستشفى في أقسام متخصصة غير إسعافية، ولا بدّ من إجراء العديد من الفحوصات وحالات الاستقصاء والتحاليل والصور الشعاعية والبانورامية الدقيقة، حتى يتمكن الأطباء من تشخيص المرض بدقة، والوقوف على أسبابه ونتائجه بالكامل، ومن ثم البدء برحلة العلاج لهذا الجسد المنهك.

الجسد الذي أعنيه هنا هو الاقتصاد طبعاً، وعن مرض التهرب الضريبي نتحدث، وفي الحقيقة هو ليس مجرد مرض عابر، بل هو وباء حقيقي يجتاحنا ويجتاح معنا العالم كله، حيث يصل حجم التهرب الضريبي في العالم إلى / 427 / مليار دولار في السنة حسب التقرير الأخير لشبكة العدالة الضريبية غير الحكومية التي تتخذ من لندن مقراً لها، والذي أطلقته منذ يومين – في 20 تشرين الثاني الجاري – وهذا التهرب الضريبي الضخم المستحق للحكومات من أجل رعاية مواطنيها كان كفيلاً بالقضاء على نسبة كبيرة من الفقر في العالم، وعلى نسبة أكبر من البطالة عبر إقامة المشاريع والاستثمارات، فضلاً عن الدور الذي يمكن أن يلعبه في تحسين الخدمات للمواطنين.

هذا بالشكل العام، ويمكننا أن ندرك ذلك بالصورة المصغّرة بالنسبة لبلادنا أيضاً، والآثار التي يمكن أن يحدثها هذا التهرب الضريبي على الوضع العام، إلى جانب المكاسب التي يمكن تحقيقها في حال تمّ الالتزام بأداء الضرائب على نحوٍ عادل.

على كل حال المشكلة هنا في سورية أن التهرب الضريبي لا يقتصر على الشركات والأفراد المكلفين بالضرائب، وإنما المشكلة – التي يمكن أن تكون هي الأصعب والأعقد – تتمثّل بتواطؤ مسؤولي وموظفي الضرائب مع المكلفين، فالذي يتوجب عليه ضبط العملية وإعادتها إلى المسار الصحيح العادل، هو ذاته الذي يشكل غطاء للمتهربين، ولذلك من الصعب معالجة الأمر من جهة المكلفين فقط، والتضييق عليهم باعتبارهم هم الطرف الوحيد المعني بالمشكلة، بل لا بد من إدخال جميع الأطراف المعنية إلى مخبر المعالجة وتلقي العلاج في المكان السليم تبعاً لعمليات الفحص والاستقصاء بلا هوادة ولا مجاملات، وعلى الأرجح فإن المكلفين سيلتزمون بأداء ضرائبهم عندما يلمسون أن مختلف الموظفين الحكوميين الذين لهم علاقة بأنشطتهم يلتزمون بمهامهم فقط دون أي ابتزاز على أسس من العدالة والإنصاف، ويعملون على تطبيق القانون الضريبي الذي يجب أن يدخل هو أيضاً إلى مختبر العلاج كطرفٍ معنوي ربما يحتاج إلى إصلاحٍ وإعادة هندسة وترتيب.

بالعموم إن علاج مرض التهرب الضريبي المزمن عبر التركيز على طرف واحد وإهمال الأطراف الأخرى لن يكون مجدياً، لابل على العكس سيزيد من الأمر تفاقماً، وضياعاً بلا جدوى لمزيد من الجهد والوقت.

على الملأ – علي محمود جديد

 

 

آخر الأخبار
المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة في اليوم العالمي للطفل.. جامعة دمشق داعمة لقضايا الطفولة بمناهجها وبرامجها التعليمية استشهاد 36 وإصابة أكثر من 50 جراء عدوان إسرائيلي على مدينة تدمر بالتزامن مع يوم الطفل العالمي.. جهود لإنجاز الاستراتيجية الوطنية لحقوق الطفل "التجارة الداخلية" بريف دمشق تبدأ أولى اجتماعاتها التشاورية أسطورة القانون رقم 8 لحماية الناس..!! حمى عناصر الرقابة التموينية والتضخم والغلاء.. مرسومان بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرة د... رئاسة مجلس الوزراء: عدم قبول أي بطاقة إعلامية غير صادرة عن وزارة الإعلام أو اتحاد الصحفيين السفير الضحاك: استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي يهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين انطلاق الحوار الخاص بتعديل القوانين الناظمة لعمل "التجارة الداخلية" بطرطوس الأملاك البحرية لا تُملك بالتقادم والعمل جار على تعديل قانونها وزير التجارة الداخلية: بهدف ضبطها ومراقبتها .. ترميز للسلع والمنتجات ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43972 منذ بدء العدوان عراقجي: فرض أوروبا إجراءات حظر جديدة ضد إيران خطوة مدانة واستفزازية ارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان على جنين ومخيمها لليوم الثاني إلى خمسة في يومهم العالمي.. مطالبات فلسطينية بحماية فورية للأطفال من استهدافهم الممنهج القوات الروسية تحرر بلدة في دونيتسك وتقضي على 50 عسكريا أوكرانيا في سومي زيلينسكي: أوكرانيا ستهزم بحال أوقفت واشنطن دعمها العسكري     "كاونتر بانش": مطالبات بإقرار عضوية فلسطين في الأمم المتحدة