الثورة أون لاين -ملك خدام:
هكذا حال الحياة ، تبدأ صغيرا يحتفي بك الكبار ، ثم يشتد عودك ،لتنتهي في شتاء شيخوختك البارد مسنا لاحول لك ولا قوة فلا تعلم بعد علم شيئا .
باختصار انك مشروع طفل كبير بحاجة الى عناية فائقة ومشددة ممن حولك ،ونادرا ما تنجو من جحود او نكران على النطاق العام أو الخاص ، فعلى سبيل المثال لا الحصر انت لا تملك حق استخدام بطاقة التأمين الصحي بعد التقاعد لأنك تجرد منها وانت في اوج حاجتك اليها مع تصاعد أمراض الشيخوخة المزمنة عقب الستين.
كما انك لا تستطيع تجيير تعويض الوفاة مثلا للاستطباب وانت تتقدم طاعنا في السن ومن المفارقة ان يتمتع به الورثة الذين ينعمون براتبك التقاعدي رغم ان بعضهم – حتى لا ننساق خلف التعميم – لم يوفر لك حق الرعاية والاهتمام كما يجب ،واعرف حالات ألقت عبء هذه المهمة على دور المسنين والمشافي والممرض الخصوصي هذا فقط اذا كان ذوو المسن من ميسوري الحال فكيف اذا كانوا فقراء او معدمين؟
سيتلاشى هذا المسن ببطء لا مناص امام غلاء المعيشة وانحسار رواتب المتقاعدين ناهيك عن ارتفاع اسعار الأدوية وسوء خدمة المشافي وعدم كفاية كوادرها وضعف التأهيل الأكاديمي أو الأخلاقي ما يجعل بعضهم يستقبل هذا المسن كحالة ميؤوس منها فيرشحها لدراسة او حلقة بحث او اطروحة في الدراسات العليا.
ما يذكرنا والشيء بالشيء يذكر بلقطة لا انسانية عبرت على السوشال ميديا في بلد متأزم بالكورونا حين اقدم أحد أطبائه على نزع المنفسة بلا أدنى رحمة من خدمة مريض مسن ليضعها في خدمة آخر شاب تاركا ذلك المسن يتخبط في سريره وهو يعاني سكرات الموت القسري المفروض عليه علنا لعدم كفاية تجهيزات المشفى دون النظر بعين الاعتبار الى نبل ما قدمه هذا المسن خلال سني حياته الطويلة لينعم أمثال هذا الطبيب او الشاب بحياة كريمة.
لست متشائمة أو سوداوية المزاج في مواجهة واقع مر نعيشه أو نعتاش عليه، وانما أصبو لإشعال شمعة في ظلام وجدان الانسانية بأن المسن روح وجسد افناه لنحيا من خيره حتى بعد وفاته، فلا أقل من أن نكرمه حيا يرزق لا بعد ان يموت ،ونعامله أسرة ومجتمعا ومؤسسات برفق ورعاية واهتمام لاسيما وأن بعض البلدان أخذت تتجه للاستفادة في خطوة أثبتت جدواها من الخبرة التراكمية بعد الستين للقضاة والأطباء وأساتذة الجامعة امام ضعف كفاءة وتأهيل بعض القوة الناهضة لجيل فتي لا يشعر بالالتزام والمسؤولية.
خلاصة القول.. لكل شاب قدوة وضعت قدمه في سكة المسار الصحيح سواء في الحياة أو المهنة فكيف يستقيم النأي عنه بعد ان نصل لأهدافنا وكيف عنه نحيد ؟!!..