الثورة أون لاين- فردوس دياب:
تُطالعنا الكثير من الأسئلة في اليوم العالمي للتسامح الذي يبدو أنه الأضعف والأقل حضورا من بين كل المناسبات العالمية، بعد أن تحولت الكثير من دول العالم، خاصة المتحضر الى قطعان من الوحوش التي تريد أن تنقض على الشعوب الضعيفة والمكافحة والمناضلة والتي تعيش بكرامة وسيادة من أجل ان تدمرها وتفكك عروتها وتضيع هويتها وتنهب خيراتها وثرواتها.
هل يحق لتلك الدول التي ترفع شعار الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان أن تحتفل بالتسامح الذي تنهشه كل لحظة بأنيابها التي تفوح منها رائحة الموت والتي تسيل منها دماء الانسان في كل مكان أرادت احتلاله وغزوه واغتيال تاريخه وهويته؟!.
ما يتوجب علينا إدراكه وفهمه جيداً أننا كسوريين إذا لم نحب ونتسامح مع بعضنا البعض فإن أحداً من هذا العالم المنافق والمتوحش لن يدير وجهه إلينا ولن ترف له جفن لأوجاعنا وآلامنا، لذلك علينا أن نسارع إلى التسامح والحب حتى ننهض من كبوتنا، وهذا لا يكون إلا بتعزيز ثقافة الحب والتسامح التي تشكل أرضية متينة وصلبة في قلب كل سوري، ولعل هذا ما نحتاجه في هذه الظروف الصعبة جدا التي تلفنا جراء الحرب والحصار والعقوبات، وكذلك حتى نتغلب على أحزاننا وأوجاعنا وأعدائنا الذين يتدافعون ويتسابقون لنهشنا وتقطيعنا.
زرع بذور الحب والتسامح يبدأ من الأسرة التي تلعب دورا كبيرا وأساسيا في زرع تلك البذور في قلوب وعقول الابناء من نعومة أظفارهم وتطبيقها وتمثلها أمامهم بشكل يومي وواقعي حتى تكتسب مصداقيتها وواقعيتها ، ذلك أن الأسرة والأب والأم تحديدا يمثلان للطفل القدوة والمثل الأعلى في الحياة ، فعندما يرى الطفل بأم عينيه تلك الثقافة التي تضم بين جناحيها باقة من القيم والمبادئ النبيلة والسامية هي اللغة السائدة بين والديه وفي داخل أسرته ، فهو بلا شك سوف يتعلم من أهله ما لم تستطع أي مدرسة في العالم أن تعلمه إياه كون تلك الدروس ستبقى محفورة في الذاكرة إلى الأبد حيث ستنعكس سلوكا وممارسة في حياته ، وسيتعلم التسامح والاعتذار والصفح حتى عن الذين يسيئون إليه، والاهم تعلمه كيف يحب ويتقبل الآخر حتى ولو كان على اختلاف معه ومهما كان نوع هذا الاختلاف.. وهنا نشير إلى بعض السلوكيات الخاطئة التي ينتهجها الأهل مع أطفالهم ظنا منهم أن تلك السلوكيات والتعاليم سوف تنتهي مع مرور الزمن دون أن ينتبهوا أنهم حين يزرعون في نفوس أطفالهم بذور الحقد والكراهية ونبذ الآخر، أن تلك البذور سوف تؤتي ثمارها في عقول وقلوب أطفالهم يوما ما ، وهو الأمر الذي سيحول حياتهم وحياة أبنائهم الذين سيصبحون يوما ما جيل المستقبل إلى جحيم ونار متقدة ستحرق ألسنتها كل من تطاله ، فمن يزرع الحب لابد أن يحصد الحب.