ترامب عزل واشنطن عالمياً .. فماذا يصنع بايدن

الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:

” أمريكا أولاً ” هي السياسة الأساسية التي اتبعتها إدارة ترامب ، وهي تتبع القومية الاقتصادية وتراجع العولمة ، كما أنّها تقوم على رفض آليات التجارة المتعددة الأطراف ، وتؤكد فقط على المزايا التجارية الفريدة للولايات المتحدة ، وترفض في الوقت ذاته أن تتحمل المسؤولية العالمية في الوقت الذي تتوقع فيه من الدول الأخرى أن تخدم مصالحها ، إضافة إلى أنها تنكر المكانة الجوهرية للأمم المتحدة في النظام الدولي مع محاولة الحفاظ على احتكار البلدان على أساس طمعها وغطرستها .
إنّ هذا الموقف السياسي يهدف إلى خلق نمط دولي فوضوي يتجاهل القواعد الحالية ، ويدمر النظام الدولي المترابط والذي تشكّل على مدى العقود القليلة الماضية ، وبالتالي فهو يسمح للولايات المتحدة بأن تكون أقل تحفظاً وأكثر تدخلاً من جانب واحد في الشؤون الدولية .
وهنا يمكننا القول إن ممارسة إدارة ترامب لسياسة ” أمريكا أولاً ” ، التي استمرت أربع سنوات ، كان لها آثار سيئة على جميع المستويات، كما أنّها تسببت بحدوث الكوارث في الولايات المتحدة والعالم .
فقد أدت عمليات الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ واليونسكو ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، والعديد من الاتفاقيات والمؤسسات المتعددة الأطراف الأخرى إلى تقويض الجهود المهمة التي بذلتها جميع البلدان لمواجهة التحديات الرئيسية التي تواجه العالم ككل ، بشكل خطير جداً .
كما باءت بالفشل جميع الحروب التجارية ، من خلال وضع الحواجز التجارية ، والتي بدأها ترامب مع دول أخرى من أجل تعزيز الاقتصاد المحلي للولايات المتحدة وحل مشاكل التوظيف ، ففي الواقع أدت هذه الحروب التجارية إلى تفاقم الركود الحالي للاقتصاد الأمريكي ، كما أنّها قللت من فرص التوظيف ، وتفكك الوضع الراهن وسيكون من الصعب جداً إعادة تجميعه .
إنّ تمسك ترامب بسياسة ” أمريكا أولاً ” قاده إلى رفض التعاون الدولي في معركة العالم لمكافحة كوفيد – 19 ، الأمر الذي كان سبباً في أن تكون الولايات المتحدة من الدول الأكثر تضرراُ في العالم مع أكثر من 266000 حالة وفاة .
إضافةً إلى ذلك ، فقد أدت سياسة ” أمريكا أولاً ” إلى تصاعد استياء واسع النطاق في الداخل والخارج ، فاتباع هذه السياسة الأنانية أدى إلى تدمير المصداقية الدولية للولايات المتحدة وزادت من سوء المشاكل المحلية القائمة ، وقد كان رفض بايدن الكامل لسياسة ” أمريكا أولاً ” سبباً في انتصاره في الانتخابات الرئاسية ، فإدارته ستحارب بكل قوة لاستعادة الاحترام الدولي وتعزيز المصالح الأمريكية ، ومع ذلك فهناك خشية من قيام بعض السياسات المحلية على إعاقته في تحقيق ذلك .
فأولاً ، وبادئ ذي بدء لا بد أن يقوم بايدن بإعادة الولايات المتحدة للمشاركة بشكل فعّال في قيادة المؤسسات الدولية متعددة الأطراف لحل مشاكلها الداخلية والخارجية ، كما أنّه من المحتمل أيضاُ أن ينضم فريق بايدن إلى المشاركة في العمليات الدولية لمكافحة كوفيد – 19، وهو من الأولويات التي يجب على الولايات المتحدة أن تأخذه بعين الاعتبار .
ثانياً ، لابد أن يتبنى بايدن أيضاً العولمة ، وسيفتح السوق المحلية لمزيد من التدفقات التجارية الدولية ، وفي الواقع ستشهد حروب ترامب التجارية الكارثية نقطة تحول في ظل إدارته ، حيث قد يعمل فريقه على إيجاد بعض الطرق الممكنة لإنهائها ، وسيحاول إلى جانب ذلك تعزيز التنمية للتجارة الدولية قدر الإمكان من خلال المزيد من التبادلات النشطة مع البلدان الأخرى .
ثالثاً ، لا بد من تعديل سياسة ترامب الخارجية تجاه الصين ، فمن الناحية الموضوعية هناك حاجة ملحّة لدى فريق بايدن للتعاون مع الصين في العديد من القضايا ، فعلى الرغم من استمرار المنافسة بين هاتين القوتين العظميين يجب معالجة الكثير من القضايا الهامة مثل حل تحديات الوباء ، والتعافي الاقتصادي وتغير المناخ ، والتي تعد جميعها من أولويات بايدن بمجرد توليه منصبه من خلال التعاون الدولي ، وخاصة مع الصين ، وستكون متابعة الجهود التعاونية مع الصين عنصراً أساسياً في التخطيط الاستراتيجي العالمي المستقبلي لبايدن ، وسيكون ذلك بعيداً كل البعد عن التزام إدارة ترامب السابقة باتباع سياسة ” خسارة – خسارة ” تجاه الصين .
بدا واضحاً أن سياسة ترامب ” أمريكا أولاً ” تفتقر إلى الاتساق والتفكير الاستراتيجي ، ومن الواضح أنها تحمل السمات الشخصية لترامب نفسه ، باعتباره أنانياً ولا يمكن الوثوق به .
إن الفوضى التي أحدثها ترامب بسياساته المتعلقة بالشؤون الداخلية والخارجية ستجعل من الصعب على بايدن التخلص منها في فترة قصيرة .

بشكل عام ، تقف الولايات المتحدة على مفترق طرق مع انقساماتها السياسية والاجتماعية المحلية ، وستضع هذه المشاكل والانقسامات القيود على أي خطط قادمة مُحتملة بغض النظر عمن يحكم ، لكن سياسة ” أمريكا أولاً ” أثبتت أنها أضرّت بالبلاد أكثر مما نفعتها ، لكن هناك أمل لدى الكثير من الأمريكيين وحلفاء الولايات المتحدة بأن بايدن وفريقه سيكونون قادرين على إصلاح الأضرار الكبيرة التي لحقت بصورة الولايات المتحدة ومشاركتها على المسرح العالمي .

المصدر Global Times

آخر الأخبار
تفاهم بين وزارة الطوارىء والآغا خان لتعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث رحلة التغيير.. أدوات كاملة لبناء الذات وتحقيق النجاح وزير الصحة من القاهرة: سوريا تعود شريكاً فاعلاً في المنظومة الصحية في يومه العالمي ..الرقم الاحصائي جرس إنذار حملة تشجير في كشكول.. ودعوات لتوسيع نطاقها هل تتجه المنطقة نحو مرحلة إعادة تموضع سياسي وأمني؟ ماذا وراء تحذير واشنطن من احتمال خرق "حماس" الاتفاق؟ البنك الدولي يقدم دعماً فنياً شاملاً لسوريا في قطاعات حيوية الدلال المفرط.. حين يتحول الحب إلى عبء نفسي واجتماعي من "تكسبو لاند".. شركة تركية تعلن عن إنشاء مدن صناعية في سوريا وزير المالية السعودي: نقف مع سوريا ومن واجب المجتمع الدولي دعمها البدء بإزالة الأنقاض في غزة وتحذيرات من خطر الذخائر غير المنفجرة نقطة تحوّل استراتيجية في مسار سياسة سوريا الخارجية العمل الأهلي على طاولة البحث.. محاولات النفس الأخير لتجاوز الإشكاليات آلام الرقبة.. وأثر التكنولوجيا على صحة الإنسان منذر الأسعد: المكاشفة والمصارحة نجاح إضافي للدبلوماسية السورية سوريا الجديدة.. دبلوماسية منفتحة تصون مصلحة الدولة إصدار صكوك إسلامية.. حل لتغطية عجز الموازنة طرق الموت .. الإهمال والتقصير وراء استمرار النزيف انضمام سوريا إلى "بُنى".. محاولةٌ لإعادة التموضع المصرفي عربياً