بايدن وإعادة النظر بما اقترفه ترامب..

الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:

ثمة أمور أساسية اشتملت عليها السياسة الخارجية لدونالد ترامب ، ومنها إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين “إسرائيل” وبعض دول الخليج ، والإيعاز لحلفاء أميركا بزيادة الإنفاق على أمنهم ، ويتمثل الأمر الأكثر أهمية في خفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق ، ومع ذلك ففي أحيان أخرى ، كانت السياسة العدائية لترامب مثيرة للخوف والقلق .
وفي هذا السياق ، لا بد أن نستذكر ما نهج إليه ترامب من تهديد بمواجهة كوريا الشمالية “بالنار والغضب” ملوحاً باستخدام الأسلحة النووية ، وذلك قبل التحول الذي طرأ على السياسة الأميركية تجاه بيونغ يانغ المتمثلة بتخفيف التوترات عقب عقد القمة التي اقتصرت على بروتوكول التقاط الصور ، وعلى الرغم من نفي إدارة ترامب الضلوع في عملية الانقلاب الفاشلة ضد الحكومة الفنزويلية التي يرأسها نيكولا مادورو ، واكتشاف تورط عنصرين سابقين في القوات الأميركية الخاصة بها ، فقد بدا جلياً ما بذله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من مساع حثيثة لإطلاق سراح الجنديين المعتقلين .
ولا ريب أن ترامب هاجم سورية بصواريخ كروز ليثبت أنه أكثر صرامة من باراك أوباما الذي سبق وأن هدد بقصفها ، بالإضافة إلى شن ترامب حرب تجارية على الصين موجها انتقاده لها بزعم أنها المسبب الرئيس في انتشار ما سماه “فيروس الصين” .
ولم يكتف بذلك ، بل أجرى تعديلاً على السياسة الأميركية المحايدة حيال الخلافات الإقليمية بين الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي بهدف دعم خصوم الصين ، وكان كل من التهديدات والعداءات السابقة التي اضطلع بها كفيلة بإثارة نزاع عسكري ، أو ربما نشوب حرب مع دول أخرى ، ومع ذلك كانت إيران أكثر دولة تعرضت لعدوانية إدارة ترامب من بين الدول الأخرى .
خلال حملته الانتخابية عام 2016 ، وجه ترامب انتقاداً شديد اللهجة إلى الاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما مع طهران ، قاطعاً وعداً بتمزيقه واستبداله باتفاقية أفضل ، علماً أنه بموجب الاتفاق الأصلي قد وافقت طهران على تجميد برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية الدولية ، وعندما تسلم ترامب سدة الرئاسة نفذ وعده بتمزيق الاتفاق ، وإعادة فرض عقوبات قسرية على إيران ، إلا أنه لم يتمكن من ترهيب الإيرانيين ودفعهم لتقديم تنازلات أخرى وتوقيع اتفاقية مختلفة ، كما أدى اغتيال ترامب لقاسم سليماني (القيادي الإيراني البارز) إلى تدهور في العلاقات الثنائية بدرجة أكبر ، وما زاد الطين بلة اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زادة .
وجهت إيران أصابع الاتهام إلى “إسرائيل” التي رفضت التعليق على عملية الاغتيال ، ولاسيما أن الهجوم على ذلك العالم يحمل بصمات “إسرائيل” من خلال أسلوب القتل الذي انتهجته في الشرق الأوسط ، وفي حال ضلوع تل أبيب فعلا بعملية اغتيال العالم الإيراني يبرز لدينا سؤال ألا وهو : هل أعطى ترامب الداعم “لإسرائيل” الضوء الأخضر لتنفيذ هذه العملية ؟.
وفيما لو لم يعط موافقته ، فهل كانت “إسرائيل” تحاول القيام بها قبل انتهاء ولاية إدارة ترامب المقربة منها وتسلم إدارة بايدن الأقل وداً ؟ ولاسيما أن بايدن قد أعرب عن رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني متعدد الأطراف ، علماً أن ترامب و”إسرائيل” لن يدخرا جهداً في عرقلة إصلاح العلاقات الأميركية – الإيرانية ، ما يجعل اتخاذ تلك الخطوة أمراً من الصعوبة بمكان تحقيقه ، وربما استحالة تنفيذه .
ومع ذلك يجب على بايدن الخروج من هذه الأزمة والعودة إلى الصفقة ، فتعليق البرنامج النووي الإيراني أفضل من تزايد المخزون النووي الإيراني الذي بدأ منذ تراجع ترامب عن الصفقة ، إذ عززت طهران رويداً رويداً من برنامجها ومنحت الأوروبيين الفرصة والوقت اللازم لمساعدتها في الالتفاف على العقوبات الأميركية المتجددة ، لكن يبدو أن المساعي الأوروبية لم تفلح نظراً لارتباط الدول الأوروبية بأعمال تجارية مع أميركا من جهة ، وتحسباً لفرض عقوبات عليها في حال مساعدتها في تخفيف العقوبات المتجددة المفروضة على إيران من جهة أخرى .
لم تكن حكومة نتنياهو مرتاحة أبداً للاتفاق النووي الإيراني ، وربما اعتقدت أن إدارة ترامب ستهاجم المنشآت النووية الإيرانية ، بحيث لن تضطر للقيام بهذه المهمة أو على الأقل تقوم واشنطن بمنحها الضوء الأخضر للهجوم ، ومع ذلك ، فقد أوقف الاتفاق البرنامج النووي لإيران ، وذلك خلافاً للوضع الراهن الذي مكَّن إيران من استئناف برنامجها النووي من جديد .
لم يتبق لترامب سوى أقل من شهرين في البيت الأبيض إلا أنه قد يفكر بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني عبر شن غارات جوية عليه أو دعم “إسرائيل” للقيام بها للحيلولة دون تمكن إدارة بايدن من العودة للصفقة النووية.

بعد انسحاب ترامب من الاتفاق ، أظهرت إيران والموقعون الآخرون رغبة في إنقاذه ، سعياً منها لتحسين واقع الاقتصاد الإيراني عن طريق التخفيف من العقوبات المفروضة عليها ، وإزاء ذلك يتعين على بايدن العمل على العودة إلى الاتفاق النووي وإصلاح العلاقات مع إيران والحيلولة دون ما يمكن أن يفعله ترامب و”إسرائيل” قبل العشرين من كانون الثاني القادم موعد تسلمه منصبه الرئاسي .
بقلم : إيفان إيلاند
The American Conservative

آخر الأخبار
تفاهم بين وزارة الطوارىء والآغا خان لتعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث رحلة التغيير.. أدوات كاملة لبناء الذات وتحقيق النجاح وزير الصحة من القاهرة: سوريا تعود شريكاً فاعلاً في المنظومة الصحية في يومه العالمي ..الرقم الاحصائي جرس إنذار حملة تشجير في كشكول.. ودعوات لتوسيع نطاقها هل تتجه المنطقة نحو مرحلة إعادة تموضع سياسي وأمني؟ ماذا وراء تحذير واشنطن من احتمال خرق "حماس" الاتفاق؟ البنك الدولي يقدم دعماً فنياً شاملاً لسوريا في قطاعات حيوية الدلال المفرط.. حين يتحول الحب إلى عبء نفسي واجتماعي من "تكسبو لاند".. شركة تركية تعلن عن إنشاء مدن صناعية في سوريا وزير المالية السعودي: نقف مع سوريا ومن واجب المجتمع الدولي دعمها البدء بإزالة الأنقاض في غزة وتحذيرات من خطر الذخائر غير المنفجرة نقطة تحوّل استراتيجية في مسار سياسة سوريا الخارجية العمل الأهلي على طاولة البحث.. محاولات النفس الأخير لتجاوز الإشكاليات آلام الرقبة.. وأثر التكنولوجيا على صحة الإنسان منذر الأسعد: المكاشفة والمصارحة نجاح إضافي للدبلوماسية السورية سوريا الجديدة.. دبلوماسية منفتحة تصون مصلحة الدولة إصدار صكوك إسلامية.. حل لتغطية عجز الموازنة طرق الموت .. الإهمال والتقصير وراء استمرار النزيف انضمام سوريا إلى "بُنى".. محاولةٌ لإعادة التموضع المصرفي عربياً