الثورة أون لاين – دينا الحمد:
هذه هي أميركا تعرف طبيعتها العدوانية شعوب العالم قاطبة، فهي تقترف أبشع الجرائم بحق الإنسانية، ثم تنكرها وتضلل العالم بأنها كانت تدافع عن حقوق الإنسان وتحارب الإرهاب وتؤسس للديمقراطيات في شرق المعمورة وغربها، ثم سرعان ما يخرج أحد مسؤوليها ليسرب أنها ارتكبت الفظائع والموبقات، وحتى في التسريبات المذكورة فإن الأمر على الأرجح يمثل استثماراً جديداً في كل ما فعلته إدارتها العدوانية من جرائم أو تخطط له في قادم الأيام.
مناسبة هذا الكلام تصريحات، أو بمعنى أدق، اعترافات جيمس جيفري المبعوث الأميركي إلى سورية، والذي استقال من منصبه منذ أسابيع فقط، حيث يقول بأن هدف قواته من دخولها إلى سورية هو منع الدولة السورية من بسط سيطرتها على كامل أراضيها، فهو بهذا الاعتراف يؤكد المؤكد بأن الولايات المتحدة دعمت الإرهابيين والمرتزقة من أجل إطالة أمد الأزمة والحرب العدوانية على سورية كي تحقق أهدافها وأجنداتها الاستعمارية.
وتتلخص هذه الأهداف العدوانية باحتلال جزء من الأراضي السورية ومحاولة تغيير واقعها الديمغرافي عن طريق تهجير سكانها تمهيداً لإقامة كانتونات انفصالية تخدم أجندات الميليشيات الإرهابية الانفصالية كقسد وتحقق أهداف الكيان الإسرائيلي، فضلاً عن نشر الفوضى الهدامة والإرهاب في كل المنطقة من العراق إلى سورية ولبنان وشمال إفريقيا لتسهيل رسم خرائطها من جديد وبما يخدم مشاريعها التفتيتية والاستعمارية.
يقول جيفري بأن هدف قوات الاحتلال الأمريكي منع الدولة السورية من بسط سيطرتها على كامل أراضيها، فهو إذاً إقرار أميركي جديد يفضح هدف الإدارة الأمريكية الحقيقي من إبقاء قواتها المحتلة في سورية، ويعري تضليلها الذي تروج له بأنها باقية لمحاربة الإرهاب، ويفضح شعاراتها المزيفة حول حقوق الإنسان وحماية اللاجئين وغيرها.
كما أن تصريحات جيفري تنسف الرواية الأميركية الكاذبة التي روجتها على مدى سنوات الحرب الإرهابية على سورية، والتي زعمت فيها بأنها جاءت إلى الأراضي السورية لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي في إطار ما أطلقت عليه اسم (التحالف الدولي) الذي أنشأته خارج إطار مجلس الأمن والشرعية الدولية، كما تفضح زيف إعلاناتها المتكررة بأنها قضت على هذا التنظيم المتطرف ثم تعود لتقول بأنها تطارده.
تأتي تصريحات جيفري في سياق الاعترافات الأميركية المتتالية عن حقيقة جرائم أميركا بحق السوريين، والتي سبقتها اعترافات ترامب نفسه الذي أعلن فيها أن قواته المحتلة موجودة في سورية لحماية آبار النفط، ثم سرعان ما تبين أن تلك القوات تسرقها وتنهبها بالتواطؤ مع ميليشيا (قسد) الانفصالية.
تصريحات جيفري تظهر عدوانية أميركا على حقيقتها، وتكشف زيف شعاراتها التي تروجها حول مكافحة الإرهاب ومطاردة تنظيم (داعش) المتطرف، والدفاع عن حقوق الإنسان، تماماً مثل تصريحات العديد من رؤساء السي آي إيه والمسؤولين كهيلاري كلينتون ممن اعترفوا فيها بتأسيس الاستخبارات الأميركية لهذا التنظيم ومده بكل أسباب البقاء، وفضحوا عبر مذكراتهم ومقالاتهم العلاقة المشبوهة بين واشنطن وداعش لقتل السوريين وتهجيرهم ورسم خريطتهم من جديد كما خطط البيت الأبيض آنذاك في عهد إدارة أوباما واستمر التخطيط الهدام في عهد المتغطرس دونالد ترامب.