الثورة أون لاين – منذر عيد:
في الواقع، لا يكفي التطرق أو الحديث عن سياسة رئيس النظام التركي رجب أردوغان، ببضع زوايا سياسية، أو محاضرات، أو دراسات، بل إن نهج “السياسة الأردوغانية”، خاصة الخارجية منها، يحتاج إلى مجلدات ومجلدات، وأحاديث وأحاديث كثيرة ومطولة عنها، رغم قول البعض إن تلك السياسة أبسط بكثير مما يقال عنها، فهي واضحة الغايات والأطماع والمآلات، وأن الرجل وإن نفى العديد من أهداف تلك السياسة هنا أو هناك، إلا أنه لا يخجل منها، بل ويلبسها الكثير من الديمقراطية، والحرية، وفي كثير من الأوقات يلبسها ثوب الإنسانية، والغيرية على مصالح الشعوب.
في المطلق، فإن سياسية أردوغان، هي استمرار لسياسة السلاطين العثمانيين، لجهة توسيع نفوذ سلطنتهم، تحت راية الإسلام، وهي تسير على ذات الطريق في احتلال أراضي الغير، وسرقة خيرات الشعوب، مع خلاف بسيط بينهما، خلاف في الشكل فقط، فنحن نتحدث حالياً عن تركيا “الجمهورية” ونظام حكم مختلف عن “تركيا العثمانية”، لكن في السياسة، والتوسع الخارجي، فالنهج واحد، والغاية واحدة.
أين أخذت تلك السياسة “العثمانية”، رئيس النظام التركي حالياً؟، في جردة حساب بسيطة، امتطى رجب أردوغان حصان الأزمات في دول المنطقة، من أجل تحقيق غاياته التوسعية الاستعمارية، فدخل أصيلاً، بعد فشل الوكلاء الإرهابيين في تحقيق ما يصبو إليه في سورية، فكانت بندقية الجندي التركي المحتل جنباً إلى جنب مع بندقية الإرهابي الأجير، في مواجهة هدف الجيش العربي السوري بسط الأمن والأمان في جميع الأراضي السورية.
لم يتوقف أردوغان عند حدود سورية في سياسته العدوانية، وهو رهينة حلم العثمانية الجديدة، فوجد في ليبيا وما تشهده من أحداث أرضاً خصبة للدخول هناك، فأرسل مرتزقته إلى هناك للقتال إلى جانب “حكومة الوفاق” الإخوانية، بقيادة فايز السراج، ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وكل ذلك إحياء لحلم الإمبراطورية العثمانية، وتحويل ليبيا إلى “ولاية” يسرق خيرات شعبها، ويتخذها قاعدة متقدمة لتوسيع نفوذه في إفريقيا وجنوب أوروبا، وتشير الأنباء إلى هناك نية واضحة من أردوغان وفريق عمله، للتوجه نحو إفريقيا ودمج أكبر كم من التنظيمات المتطرفة بمنطقة الساحل والصحراء، في معادلة واحدة لاستهداف ليبيا.
ولأن السياسة الأردوغانية أساسها التدخل في شؤون الآخرين، وتأجيج الأزمات في المنطقة، وأين وجد مكاناً مناسباً لفعل ذلك قام بتحويل مرتزقته الإرهابيين إلى شركة استثمار ومقاولات، وعمل على نقل بنادق الارتزاق إلى إقليم ناغورني قره باغ، للقتال إلى جانب جيش أذربيجان ضد أرمينيا، فقتل الكثير منهم، وتم أسر عدد آخر، بما لا يدع للشك مكاناً، أو يمكن أردوغان من نفي تورطه الإرهابي هناك.
وبعد المعلومات التي كشفت نية رئيس النظام التركي إرسال مرتزقة سوريين إلى كشمير، لتأجيج النزاع فيها، تقول آخر الأنباء عن قيامه بالتحضير لإرسال المرتزقة إلى الصومال، حيث من المقرر أن يتم إنشاء معسكرات لتدريب هذه العناصر الإرهابية قبل إرسالها إلى الصومال في قريتي علي بيسكا وبليكا التابعتين لناحية راجو بمدينة عفرين.
وكشفت المعلومات أن النظام التركي فتح معبراً حدودياً بقرية بنيركا التابعة لناحية راجو أيضاً، وهو قريب من قاعدة الاحتلال التركية في عفرين، وذلك لاستخدامه في عملية نقل المرتزقة من عفرين إلى تركيا ومن ثم إلى الصومال.
عوداً على بدء، وفيما يخص قول البعض، بوضوح سياسة الإرهابي أردوغان، نقول هي فعلاً كذلك، أساسها الاعتداء والعدوان على أراضي الغير، ومحاولة إعادة أمجاد السلطنة العثمانية، ودعم النزاعات هنا وهناك، وسرقة خيرات الآخرين، بالمحصلة هي ذات النهج العثماني، لكن بخلاف السلطان والطربوش، أصبح “الرئيس” وربطة العنق.