الليبرالية الجديدة.. تنفث سمومها في مجتمعاتنا

الثورة أون لاين – لميس عودة:

الليبرالية الجديدة مفهوم فضفاض يتسع لكل التناقضات والالتباسات الفكرية لجهة الضبابية والغموض اللذين يكتنفان الخبايا الملغومة لمروجيها من جهة، والأيدي الخفية التي تتحكم بكونترول توجيهها وتعويمها على سطح الإعلام كمنهج ظاهره “ديمقراطي” ومضمونه تخريبي من جهة ثانية.
فهي كمصطلح مجرد تعني حرية الفرد بالمطلق فلا حدود تحدد أطرها التي من الواجب أن لا تتجاوزها، ولا ضوابط تهذب هذه الحرية التي يجري التسويق لها وحشوها بديناميت الغايات الخبيثة، ولا قوانين أو عقائد إنسانية وأخلاقية تكبح جموح انحرافها عن الطريق السوي في السلوك والعلاقات، وانزلاقها إلى منحدرات التطرف والجريمة، وكل ماعداها من محظورات تخريبية وهدامة لأي مجتمع.
هذه الليبرالية الملغومة التي يجري العمل على تسويقها بشعارات رنانة ووفق بروباغندا دعائية ممنهجة تحرض جميع الأفراد على اتباعها باعتبارها المنقذ للفرد والطريق لتحسين ظروفه وتحقيق آماله، والتخلص مما يعانيه من أزمات وصولا لنتائج كارثية، وبالمقابل على كل الدول لكي تكون ديمقراطية بنظر منظري الليبرالية الحديثة ورعاة نفث سمومها، التهليل لها والمسارعة إلى تطبيقها، وإلا فهي تعادي أفرادها وتعرقل انفلاتهم المرجو، وانحلالهم من كل المفاهيم الإيجابية والضوابط التي تحصن المجتمع من فيروسات الاختراق الممنهج والهجمات الخارجية لغزو العقول، وإطلاق عنان الانحلال الخلقي والإنساني بإثارة الغرائز البهيمية.
هذه “النيو ليبرالية “كما يحلو للبعض تسميتها هي حرب ناعمة في قشرتها الخارجية مزركشة بشعارات حرية الفرد وسلطته المنسلخة عن أي قيم مجتمعية والمتحررة من أي ضوابط أخلاقية أو سلوكية.
ما تقوم به الليبرالية الحديثة بدس سمومها في كل ما تسوقه من طروحات وتسعى لتكريسه من مفاهيم لديمقراطيات مشبوهة ومسمومة في آن معاً، تسوق من خلالها أن كل ما يهمها هو “حرية “الفرد بالمطلق بعيدا عن أي معايير تضبط آلية سلوكه، وفي أحيان كثيرة تعديات وانتهاكات لحرية وحقوق الآخرين من أبناء المجتمع الواحد، وكل ذلك تحت مسميات براقة من ضمنها أن سلطة الفرد لا يحدها حدود منطقية، ولا تشذبها مفاهيم أخلاقية وإنسانية، وصولا للمراد بالسيطرة على العقول وتحريك الغرائز بما يتماشى مع الغايات الخبيثة المعدة في مختبرات التضليل الدعائي، بما يسهل انقياد الأفراد وراء كل ما يتم طرحه من مفاهيم خاطئة غايتها تخريب المجتمعات عبر تضخيم فكرة الأنا المرضية، وتعزيز سبل انقيادها بعمى البصيرة لتسهم بتدمير مجتمعاتها وتحقيق أجندات من يبثون سموم الليبرالية الحديثة.
لم ترتق يوماً الأمم ولم تبنَ الحضارات إلا بالعلاقة البينية الفعالة والمتينة والمتلاحمة بين الأفراد ومؤسساتهم الوطنية، وكل ماعدا ذلك هو محض كذب وادعاء، فالترويج لفكرة الانحراف عن سكة تشريعات الدولة الناظمة وقوانينها، والعقائد السليمة التي تكبح الشذوذ الأخلاقي وتردع الاعتداء على الآخرين، وذلك وفقاً للمعيار الذي يقول تنتهي حرية الفرد عندما تتجاوز حدود الأخلاق وتصل لإيذاء الآخرين على كل الصعد، وصولاً إلى الخروج من الروابط المجتمعية بدءا من الأسرة، كل ذلك لن يؤدي إلا لخراب منظومة المجتمع كاملة وصولا إلى الانحلال، ليس في الممارسات السلوكية فحسب بل في كل ما يضبط إيقاع سلامة المجتمعات ويضمن توازنها.
إذا أفكار الليبرالية الحديثة هدامة يراد من ورائها فصل عرى ترابط المجتمعات بالعزف على أوتار تعزيز مفهوم الأنا الانتهازية وتقويض سلطة القانون الجامع الذي تلتقي على ضفافه كل مكونات المجتمع، فلا يسمح بتعديات ولا انتهاكات ولا تجاوزات على شرعته وإلزامية امتثال كل أبناء المجتمع الواحد لمضامين القوانين الرادعة والبناءة.
إن الليبرالية الجديدة مصيرها الأفول حتى في الغرب الذي رعاها بذاته، بعد أن أثبتت فشلها لأنها عززت سلطة رأس المال ووسعت الهوة الاقتصادية بين أبناء المجتمع بكونها كرست الاحتكارات للمال فزاد عدد الفقراء وزادت الأزمات، وانعدمت المساواة في الحقوق والواجبات وذلك لمصلحة قوى اقتصادية مهيمنة، وأخرى سياسية خفية تتحكم بأزرار غسيل العقول ومسح الأدمغة وتطويع المجتمعات وإخضاعها كقطعان منقادة بحبال المال والتطرف والغرائز .

إذاً الليبرالية الحديثة تبدو كغول يريد التهام كل القيم والقضاء على تماسك المجتمعات المحصنة، عبر استلاب مبرمج للعقل وتحفيز للغرائز الشهوانية، وخداع بالمال تسهيلاً لتفريغ الإنسان من إنسانيته أولا، وإغوائه بإمكانية تحقيق ميوله عبر الدوس على المعتقدات والتحلل من المفاهيم الجامعة ثانيا، ما يسهل على منظريها جره إلى حيث يريدون، وهذا ما تعمل عليه منظمات مشبوهة تغذي التطرف الإرهابي والانحلال الأخلاقي في الوقت نفسه، خدمة لأجندات تعمل عليها كبرى شركات الاحتكار ومسوقي العولمة بمعناها السلبي لا الإيجابي، ولا تغيب عنها أصابع الصهيونية القذرة التي تحرك كل مكامن الشر في العالم، فكل شيء مباح للوصول إلى الغايات القذرة عبر تفكيك عرى العقد الاجتماعي، وهدم منظومات الأخلاق وشرعنة الرذيلة والانعتاق الفج من الضوابط والقيم التي تحصن المجتمع وتضمن أمن وسلامة جميع أفراده.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة