لو كان مثل هذا الحدث الكبير في الحسكة حيث يهدد العطش أكثر من مليون مواطن.. في أي مكان من العالم كنا شاهدنا المجتمع الدولي يتسابق لعقد الاجتماعات وإصدار البيانات والإسراع للتضامن والمساندة.
لماذا عندما يموت مواطن أميركي أو أي أجنبي حتى بحادث سير نتيجة شربه الخمر يهرع الجميع للتباكي والمساندة تحت غطاء حقوق الإنسان؟
أقل ما يمكن قوله اليوم: إن ما يحدث جريمة بحق الإنسانية، ويتم تنفيذ هذه الجريمة بالعلن، والغريب المدهش والمؤلم إن كل الهيئات والمنظمات والمؤسسات الدولية على علم بهذه الجريمة المستمرة.
كلهم يعلمون أن الماء موجود، ومصادره متوافرة، لكن قوات الاحتلال التركي ومرتزقته هم الذين يسيطرون على محطة ضخ المياه في علوك شرق مدينة رأس العين المحتلة من قبل النظام التركي، والكل يعلم أن هذه المحطة هي المصدر الوحيد الذي يغذي مدينة الحسكة وبلدات تل تمر وأبو راسين والهول، وعدداً كبير من القرى الواقعة في ريف الحسكة، لكن في الوقت نفسه الكل صامتون ويتفرجون على العطش الذي يهدد الناس بالموت، بينما الاحتلال التركي يجعل من أزمة المياه وتحكمه في تشغيل محطة المياه ورقة ابتزاز ما جعل الأزمة تتحول إلى كارثة إنسانية.
المعاناة المزمنة مع الاحتلال التركي بدأت منذ احتلاله لمدينة رأس العين في تشرين الأول 2019 عندما شهدت العديد من القرى بريف بلدة تل تمر قصفاً بقذائف المدفعية من الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة، تسبب ذلك القصف بانفجار أنبوب المياه الرئيسي القادم من محطة مياه علوك ليخرج عن الخدمة، وخلال القصف الوحشي لقوات الاحتلال التركي على قرية أم الكيف، تسبب القصف بكسور في خط المياه لمحطة علوك والذي يمد نحو مليون مواطن بمياه الشرب.
واليوم تتفاقم أزمة مياه الشرب أكثر بعد قيام قوات الاحتلال التركي بمنع تشغيل الآبار ومحطات الضخ وقطع الكهرباء عن المحطة، ولا أحد يستطيع أن يجعل النظام التركي يتوقف عن جريمته لا بالاتفاقات والتفاهمات بين الاطراف الضامنة، ولا من بوابة المنظمات والمؤسسات الدولية، وما يزيد خطورة وتداعيات الجريمة عدم توافر الحلول البديلة من قبل الحكومة.
فهل أصبحت الحسكة مدينة منسية متروكة للقضاء والقدر وتحت رحمة الاحتلالين التركي والأميركي، أم إن أهلها النشامى الذين صبروا وصمدوا طوال سنوات الحرب لن ينتظروا كثيراً.
الكنز – يونس خلف