خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتعميق أزمات ماكرون

الثورة أون لاين – ترجمة: ختام أحمد:

لقد أظهرت لنا مؤشرات كثيرة أن الاتحاد الأوروبي في ورطة حقيقية وربما يكون أسوأ ما في الأمر أنه بات يتحول من مشروع قابل للحياة إلى حالة من الذعر، حيث يتراجع في رغبته على تصميم نفسه على النموذج الفيدرالي الأمريكي، ولا يمكن أن تكون هناك أمثلة أفضل من مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ووعكة كوفيد وفرنسا البائسة.
في الساعة الأخيرة من المفاوضات رأينا ثبات بريطانيا حول مطالبها من أجل الخروج من الاتحاد، وهذا يعني إن الاتحاد يطلق النار على نفسه وينتظر السقوط، ولعل أكبر الخاسرين مما يجري هم المؤيدون والمستفيدون من الاتحاد وهم “طبقة العمال”، فقد طرح مانويل ماكرون مخاوفه حول كيفية التعامل مع غضب الآلاف من الصيادين الفرنسيين الذين سيفقدون لقمة عيشهم اعتباراً من الأول من كانون الثاني القادم في حال أرادت بريطانيا أن تستعيد سيطرتها الكاملة على مياهها، وبصفتها لم تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي، سيكون لديها أفكارها الخاصة حول كيفية وضع قواعد المساعدة التجارية والدولية والتعامل مع الدول الأخرى.
إن إثارة هذا الأمر من قبل الرئيس الفرنسي اليائس في المفاوضات في اللحظة الأخيرة يوضح مدى ضعف الاتحاد الأوروبي، فكيف يمكن أن تصبح تلك العلاقة رخيصة بين صديقين حقيقيين ” فرنسا وبريطانيا”.؟!
من الواضح أن هناك انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي حول كلفة خروج بريطانيا من الاتحاد، حيث يسعى العديد من الدول الأعضاء، مثل ألمانيا، على سبيل المثال، لإعادة حقوق الصيد من المملكة المتحدة مقابل صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد.
يمتلك الاتحاد الأوروبي مليارات اليورو تحت تصرفه لتعويض الصيادين وإعادة تدريبهم للعمل في مجالات أخرى غير الصيد وجعلهم غير عاطلين عن العمل، ولا يوجد سبب وجيه لدى الاتحاد لجعل الصيادين الفرنسيين عاطلين عن العمل، لكن هذه الصفقة الرخيصة التي ستختطفها فرنسا، تجعلها تبدو ضعيفة وغير فعالة، الأمر الذي سيكلفها غالياً في استطلاعات الرأي، عندما تجري انتخاباتها في عام 2024.
بالطبع ليس خروج بريطانيا فقط هو من يقسم الاتحاد الأوروبي الذي كان لدى ماكرون طموحات في أن يكون قوة عظمى وله جيشه الخاص، بل هناك افتقار واضح للوحدة داخل الاتحاد الأوروبي مما قد يتسبب في زيادة نزيفه وتفككه.
في منتصف تشرين الثاني الماضي، لم يتمكن الاتحاد من التوقيع على اتفاقية لتخصيص ما يقرب من 2 تريليون دولار كخطة إنقاذ لدول أعضاء تضررت بشدة من جائحة Covid-19، بالتحديد إيطاليا وإسبانيا إلى حد ما، فميزانية الست سنوات التي من المفترض الموافقة عليها الآن، لم تتضمن هذه الحزمة، وهي ضربة كبيرة لإيطاليا وقد تؤدي إلى نمو المشاعر المعادية للاتحاد الأوروبي داخل إيطاليا، هناك تأرجح هائل في أصوات اليمين المتطرف الايطالي في البرلمان الأوروبي، ما يمكن أن يتسبب بحملة إيطالية لمغادرة الاتحاد الأوروبي شأن بريطانيا، وهذا يشكل قلقا حقيقياً لدى دول أوروبا الشرقية.
من ناحية أخرى لم تستطع هذه الدول مواجهة تدفق المهاجرين من المناطق الساخنة والمضطربة في إفريقيا ” والتي هي بالمصادفة من تتلقى مئات ملايين اليورو كمساعدات إنسانية لهؤلاء المهاجرين “، وهناك صلة بين انتهاكات حقوق الإنسان وتدفق مواطني الطبقة الوسطى ممن يقترضون الأموال لدفعها إلى المهربين” رؤوس الأفاعي” لنقلهم إلى ليبيا ومن ثم إلى أوروبا، لكن الاتحاد الأوروبي نفسه لا يمكنه السيطرة على ذلك.
يحتاج ماكرون للتعامل مع مشكلة المهاجرين لإنقاذ نفسه في صناديق الاقتراع ولا أحد يمزح بشأن القانون الجديد وأغراضه الذي حول فرنسا إلى دولة بوليسية حيث صدمت لقطات الفيديو المروعة التي تظهر قيام رجل شرطة فرنسي وهو يضرب بعنف منتج موسيقي العالم بأسره، لطالما كان الاتحاد الأوروبي دكتاتورية تستخدم رعاية الديمقراطية لتغطية نواياها الحقيقية، بل كان إنشاؤه يتعلق حقاً بكونه قوة أكبر لتحل محل الديمقراطيات التي لا تستطيع إنجاز أمورها بمفردها، ولكن ما نشهده اليوم هو دائرة كاملة، حيث تتأثر الدول الأعضاء بالنقد اللاذع لمشروعها، لدرجة أنها تنغمس في نفس الأمر.
أصبح ماكرون ديكتاتورًا من وجهة نظر العالم الثالث، وسيكون العالم سعيدا بتجريد فرنسا من أوراق اعتمادها “الديمقراطية”، في الواقع، التشبث بالسلطة بالنسبة لماكرون هو الموضوع المشترك لكل من رئاسته لفرنسا والاتحاد الأوروبي، حتماً سيكون الاتحاد هو الذي سيمنحه وظيفة عالية الأجر.
بقلم : مارتن جاي
Strategic Culture

آخر الأخبار
مياه دمشق وريفها".. بحث التعاون مع منظمة الرؤيا العالمية حمص.. الوقوف على احتياجات مشاريع المياه  دمشق.. تكريم ورحلة ترفيهية لكوادر مؤسسة المياه تعزيز أداء وكفاءة الشركات التابعة لوزارة الإسكان درعا.. إنارة طريق الكراج الشرفي حتى دوار الدلّة "اللاذقية" 1450 سلة غذائية في أسبوع أهال من درعا ينددون بالعدوان الإسرائيلي على دمشق ‏الحوكمة والاستقلالية المؤسسية في لقاء ثنائي لـ "الجهاز المركزي" و"البنك الدولي" المستشار التنفيذي الخيمي يدعو لإنشاء أحزمة سلام اقتصادية على المعابر وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور