الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
في إطار الحرب الإرهابية الهمجية الظالمة التي تستهدف سورية عموماً منذ نحو عشر سنوات لم يخرج الإعلام الوطني السوري من دائرة الاستهداف بوصفه أحد مكامن ونقاط القوة السورية في هذه الحرب التي كانت أوروبا ككيانات سياسية وحكومات جزءاً لا يتجزأ منها، ولم يكن مفاجئاً قرار إدارة القمر الأوروبي للبث الفضائي “يوتلسات” عزمه حجب قنوات الإعلام الوطني السوري مع بداية العام الجديد، فالجميع بات متيقناً من أن الحكومات الأوروبية قد رهنت قرارها السيادي للمشيئة الأميركية الغاشمة التي اعتادت على شن الحروب العسكرية ورعاية الإرهاب ومحاصرة الشعوب المستقلة خدمة لمصالحها، وباتت مجرد وكيل تنفيذي للأجندات الأميركية، بحيث تخلت عن قيمها ومبادئها التي تدعي احترام الحريات الإعلامية والدفاع عنها، وأثبتت مرة جديدة أنها مجرد مرتزق في هذه الحرب القذرة لا يقيم وزناً ولا اعتباراً لمصالح شعبه.
الاستهداف الجديد الذي تعرض له الإعلام الوطني السوري من قبل الأوروبيين هذه المرة يؤكد حقيقة أن هذا الإعلام بالرغم من إمكاناته المادية المتواضعة وحالة الإرهاب التي استهدفت العاملين فيه والحصار الذي فرض عليه كان فاعلاً في هذه الحرب، رغم استخدام الأعداء أدهى وأخبث وسائل وأدوات الفبركة والكذب والتضليل والدجل التي يمتلكونها، وأنه تمكن من النجاح في أداء رسالته الوطنية في أصعب وأحلك وأدق الظروف، بحيث تمكن من كشف الحقائق على الأرض وفضح التزييف الذي مورس خلال عشر سنوات من عمر الحرب، إلى جانب تمكنه من سحب البساط من تحت أقدام قنوات التضليل وسفك الدماء التي احتكرت المشهد لبعض الوقت ورصدت مليارات الدولارات من أجل تحقيق أهداف مشغليها والمتمثلة بإسقاط سورية وإخضاعها للمشروع الأميركي الصهيوني الذي يريد ابتلاع المنطقة برمتها.
ما من شك بأن الإعلام الوطني السوري من صحف وإذاعات وقنوات تلفزة كان رديفاً للجيش العربي السوري الباسل الذي استطاع كسر شوكة الإرهاب وتحرير معظم الأراضي السورية من رجسه وإعادة الأمن والأمان إليها، حيث قدَّم العاملون في إعلامنا الوطني بمختلف اختصاصاتهم عشرات الشهداء والجرحى أثناء عملهم جنباً إلى جنب مع أبطال الجيش في الميدان لنقل الصورة الحقيقة وتوثيق الأحداث وتقديمها للرأي العام المحلي والعربي والدولي بمصداقية وموضوعية بعيداً عن أبواق الدجل والفتنة والتضليل، ولولا تأثيره الفعال في هذه الحرب لما أعاره الأعداء أي أهمية، ولما استهدفوا العاملين فيه جسدياً ومعنوياً واستهدفوا مقراته وأبنيته بالتفجير والتخريب، وحاولوا حرمانه من أبسط الإمكانات والاحتياجات اللوجستية التي تمكنه من أداء دوره بحرفية ومهنية عالية، واليوم يحاولون حذفه عن الأقمار الصناعية كي لا يصل تأثيره إلى شعوب العالم، ظناً منهم أن مثل هذا الفعل غير الأخلاقي يمكن أن يؤثر في معنويات الإعلاميين السوريين ويثبط عزيمتهم أو يؤثر في أدائهم، فأوروبا ليست كل العالم وثمة خيارات كثيرة تجعل من القنوات الفضائية السورية حاضرة تمارس دورها وتصل إلى مختلف أصقاع الأرض حيث الجاليات السورية والعربية في كل مكان تترقبها باهتمام بالغ.
لعل الأكثر إثارة للاشمئزاز في قرار إدارة القمر الأوروبي “يوتلسات” ضد إعلامنا الوطني هو استمرار هذا القمر الأوروبي ببث القنوات التي تدعم الإرهاب علناً وتحرض على الحروب والقتل والتدمير، وتقدم نفسها منبراً لمتزعمي الإرهاب الدولي في أميركا والكيان الصهيوني والسعودية، ما يجعل من هذا القرار تهمة وحجة على من أصدره وليس العكس، لأن حجب قنوات تتحرى الحقيقة والدقة والموضوعية والأخبار الصحيحة عن البث الفضائي يسيء لسمعة الأوروبيين ويضعهم في دائرة الشك، ويجعل منهم رعاة للكذب والتضليل والتزييف الإعلامي، وهذه هي حقيقتهم التي كشفها الإعلام الوطني السوري في مناسبات لا يمكن إحصاؤها.