قبل أربعة أعوام، وفي مثل هذا اليوم الـ 22 من كانون الأول 2016 تم الإعلان عن تحرير كامل مدينة حلب مع اندحار آخر إرهابي عن أحيائها الشرقية، بعد سلسلة معارك ضارية ضد التنظيمات الإرهابية وداعميها من الغرب الاستعماري ونظام اللص أردوغان وقد سجل خلالها أبطال الجيش العربي السوري ملاحم جديدة في البطولة والفداء، ليسقط بذلك المشروع الأردوغاني الاخواني في المنطقة، وتنهار كل أوهامه العثمانية التوسعية، فلم تنفعه قطعان إرهابييه المرتزقة الذين هربهم عبر الحدود من مختلف أصقاع العالم للاعتداء على الدولة السورية، ولم تنفعه كل الجرائم والمجازر التي ارتكبوها بحق أهالي حلب الصامدين، ولا اعتداءاتهم الوحشية على المدينة ومحيطها، فكتب رجال الجيش الميامين بدمائهم وتضحياتهم النصر المؤزر، معلنين بدء مرحلة جديدة، وانتصارات لاحقة على الإرهاب وداعميه.
انتصار حلب لم يكن حدثاً عادياً خلال مسيرة التحرير، بل شكل تحولاً استراتيجياً ومنعطفاً هاماً أكد قدرة جيشنا البطل والقوات الرديفة والصديقة على حسم المعركة ودحر الإرهاب وداعميه، وقد علمت حلب العالم معنى الصمود والصبر والانتصار، وكان لأهلها الذين صمدوا وقاوموا الإرهاب بشراسة، وظلوا متمسكين بأرضهم وحبهم لوطنهم، الدور الكبير في تحرير المدينة ودحر الإرهابيين إلى غير رجعة، ليعود نبض الحياة إليها من جديد ، وتعزف كل أحيائها وشوارعها المحررة لحن الانتصار، والذي من خلاله انتصرت حلب لسوريتها وحضارتها وعروبتها.
معركة حلب لم تكن كغيرها من المعارك ضد الإرهاب نظراً لتحصن التنظيمات الإرهابية في مناطق عمرانية وسكنية وفي أحياء المدينة القديمة الأمر الذي زاد من صعوبة العمل العسكري الواسع من جهة، وكذلك انفتاح خطوط الإمداد على الداعم التركي في الشمال الذي شارك التنظيمات الإرهابية في معظم المعارك لوجستياً وتسليحياً من جهة أخرى، حيث كانت التنظيمات الإرهابية قد حشدت منذ بداية عام 2012 كل قوتها العسكرية واستخدمت السيارات المفخخة ذات القدرة التدميرية الهائلة للاستيلاء على كامل المدينة.. وفي آب من العام ذاته اجتمع أكثر من 18 فصيلاً إرهابياً وسيطروا على الأحياء الشرقية من المدينة قادمين من الريف الشمالي من مارع وعندان والباب وتل رفعت وإعزاز، واستطاعت وحدات الجيش امتصاص الهجوم وأوقفته رغم عشرات المفخخات باتجاه ساحة سعد الله الجابري والصواريخ على الجامعة وعلى الجامع الأموي، إلا أنه نظراً للدعم الكبير الذي تلقته تلك التنظيمات عبر الحدود التركية من الاستخبارات التركية والقطرية وغيرهما من الدول المعادية تمكنت في شهري آب وأيلول 2013 من محاصرة الأحياء الغربية للمدينة وبلدتي نبل والزهراء من خلال سيطرتها على أغلب أرياف المدينة وعلى الطريق الدولية التي تربطها بحماة.
المعارك التي خاضها الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الحليفة والتي أفضت إلى تحرير المناطق والأحياء في مدينة حلب وريفها جاءت تتويجاً لإنجازات سطرها الجيش في مسيرة حربه على الإرهاب، محطتها الأولى كانت فك الحصار عن سجن حلب المركزي في أيار 2014 بعد صمود أسطوري لحامية السجن استمر قرابة عام ونصف العام وهو كان إنجازاً مهماً على اتجاه تحرير المدينة لقربه منها نحو 10 كم وموقعه قرب مدخلها الشمالي والسيطرة ناريا على شريان امداد رئيسي للإرهابيين بالمال والسلاح والإرهابيين من الأراضي التركية.
وبتحرير السجن والمنطقة المحيطة به تمكن الجيش من طرد الإرهابيين من شمال حلب لتصبح مداخل المدينة تحت السيطرة الكاملة ولم يتبق أي خيار للإرهابيين غير الانكفاء والتقوقع في جماعات متفرقة متقطعة الأوصال داخل بعض أحياء المدينة من دون محاور تسلل وامداد خارج نطاق جغرافي ضيق، لتعود بعد ذلك المدينة إلى حضن الوطن مجدداً بفضل تضحيات جيشنا المقدام، لتشكل عملية تحرير المدينة بعد ذلك فاتحة لعمليات عسكرية كبرى ضد التنظيمات الإرهابية، وتحرير مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي والجنوبي وفي دير الزور وأرياف حمص وحماة وغوطتي دمشق ومحافظتي درعا والقنيطرة والبادية السورية.
اليوم وبعد مرور أربعة أعوام على تحريرها من براثن الإرهاب وداعميه، فإن حلب استعادت ألقها مجدداً، مع انطلاق عجلة إعادة الإعمار بوتيرة متسارعة، لتبدأ مرحلة جديدة من الإنتاج والعطاء، رغم الحصار الأميركي والأوروبي الجائر، الذي يعكس فشل رعاة الإرهاب، وهزيمة مخططاتهم ومشاريعهم العدوانية.
من نبض الحدث- ناصر منذر