الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
لم يكن قرار الإدارة الأوروبية للقمر الصناعي (يوتلسات) والقاضي بإنزال قنوات الإعلام الوطني السوري عن تردداتها مجرد مصادفة عابرة بل أتى في سياق الحرب المستمرة على الدولة السورية من أجل التعتيم على إنجازاتها في محاربة الإرهاب، وخاصة أنه تزامن مع احتفالات شعبنا بذكرى النصر على الإرهاب في مدينة حلب، تلك المدينة الشامخة التي أسقطت بصمود أهلها ودماء وتضحيات شهدائنا وشهداء جيشنا العظيم المشروع الإرهابي الذي كان معداً لها لإسقاطها في سياق المخطط التركي لاحتلال المدينة والسيطرة عليها، وقد سبق للنظام التركي وبشكل ممنهج أن قام بنهب وسرقة ونقل معامل حلب ونقلها إلى أراضيه بعد أن دمر بنيتها التحتية والاقتصادية بواسطة أدواته الإرهابية تحت أنظار الإعلام الغربي الذي تصرف كشاهد زور دون أن يرف له جفن.
في الأبعاد، يجسد القرار الأوروبي أحد أوجه البشاعة التي يتميز بها الطرف الأوروبي الذي يتغنى بالحريات والديمقراطية، ولا سيما أنه كان شريكاً أساسياً في الحرب والعدوان على سورية، في حين كانت شعاراته بشأن الحريات مجرد مكياج تجميلي لتضليل الشعوب في الوقت الذي تحولت فيه إلى مطية للاحتلال والابتزاز والاستثمار في دماء الأبرياء.
ويعتبر القرار جريمة أوروبية تضاف إلى سجل جرائم الأوروبيين بحق الشعب السوري وشعوب المنطقة، وهي امتداد للإرهاب الغربي الممنهج الذي يستهدف حوامل صمود الدولة السورية، وعلى رأسها الإعلام الوطني الذي أثبت قدرة عالية في مواجهة إمبراطوريات الإعلام التي حاولت تشويه الحقائق وقلب الوقائع، وهذا تجلى واضحاً من خلال كشف إعلامنا الوطني لكل مسرحيات الخداع والزيف التي مارستها أطراف الإرهاب، ومنها (مسرحيات الكيماوي) التي لا تزال فصولها مستمرة حتى اللحظة، والتي تقف وراءها دول أوروبية في مقدمتها بريطانيا التي بدت أدوارها واضحة في هذا الأمر.
بكافة الأحوال لم يكن القرار مفاجئاً بل كان متوقعاً، كونه أتى في سياق الحرب الإرهابية المتواصلة على الدولة السورية، أي هو امتداد لاستراتيجية التصعيد والحصار التي تنتهجها الولايات المتحدة وأوروبا ضد الشعب السوري بهدف دفعه للقبول بالشروط والإملاءات الأميركية على الطاولة السياسية.
لطالما حاولت منظومة العدوان والإرهاب إسكات الإعلام الوطني السوري كي تنفرد بتغطية الأحداث وفبركتها وتشويهها على الأرض خدمة لأجنداتها الاستعمارية، وذلك عبر ماكينتها الإعلامية الضخمة وأذرعها في المنطقة وخارجها، تلك الماكينة التي كانت شريكاً مباشراً في سفك دماء الكثير من أبناء الشعب السوري، لكنها برغم التطور التكنولوجي الهائل والإمكانات الضخمة التي تمتلكها والأموال الهائلة التي تصرف وتدفع من قبل لوبيات المال والصهيونية العالمية وأدواتهم في دول البترودولار، لم تستطع إسكات أو تحييد صوت الإعلام الوطني السوري الذي كان ولا يزال ينقل الحقيقة دون تشويه أو تزوير بكل مهنية وموضوعية و قدم في سبيل هذا الهدف الكثير من الشهداء والجرحى الإعلاميين خلال سنوات الحرب الغاشمة.
وفي المضمون، يحاكي القرار الأوروبي بحكم تبعية أوروبا المفرطة للولايات المتحدة القرارات الأميركية المتخذة لمعاقبة الشعب السوري، ومنها الحصار الجائر المفروض عليه في سياق استراتيجية الحصار المفروضة عليه كما أسلفنا لإخضاعه ودفعه للاستسلام، بعد أن خاض حرباً مشرفة تمكن فيها من هزيمة الإرهاب وأدواته في معظم أراضي الجمهورية العربية السورية.
ولا شك بأن هذا القرار هو إرهاب إعلامي صرف، ينسف كل ما تدعيه الجهات التي تقف خلفه من حريات وديمقراطيات مزعومة، وهو برهان جديد على الشراكة الأوروبية مع الإرهاب في هذه الحرب ولا سيما أن قنوات التحريض والتضليل وسفك الدماء الداعمة للإرهابيين لا تزال تصدح من القمر الأوروبي بكل حرية ودون حرج.