الثورة أون لاين :
“حرية أمريكية قاتلة” هكذا وصف العديد من الخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان حق حيازة السلاح للأشخاص في القانون الأمريكي فعمليات القتل الجماعي التي يستفيق عليها الامريكيون ما بين الفينة والأخرى سمة بارزة للمجتمع الأمريكي الذي يعتبر حق حيازة السلاح الفردي حرية فردية وميزة للديمقراطية الأمريكية التي أسفرت عن نحو 600 عملية قتل جماعية داخل الولايات المتحدة لهذا العام فقط.
علاقة فريدة تجمع الولايات المتحدة بحيازة الأسلحة سخرها الدستور الأمريكي ذاته حيث انتشرت ثقافة حق الفرد في حيازة سلاح ناري برعاية القانون كإحدى مفرزات الليبرالية الحديثة التي تعطي الفرد حرية منفلتة من أي ضوابط والتي تهدد المجتمع الأمريكي والأسرة ولا سيما في ظل انتشار أعمال العنف والانتحار وجرائم القتل الجماعي التي بلغ عددها 582 هذا العام وفق منظمة “غان فايولينس اركايف” الأمريكية المعنية بتتبع حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة.
شركات تصنيع الأسلحة والذخائر التي تحولت الى لوبيات حقيقية تخضع القوانين وصناع القرار في الولايات المتحدة لأوامرها تبقى المستفيد الأوحد فكلما أصر الامريكيون على التمسك بما يعتبرونه حقاً مشروعا يكفله القانون بامتلاك السلاح زادت أرباح هذه الشركات ومن يقف وراءها بالتوازي بالرغم من الأضرار البالغة التي تسببها تلك الأسلحة بأيدي الأمريكيين بحق انفسهم ومحيطهم في آن معاً.
وتعد محاولات الحد من الحصول على تلك الأسلحة من المقترحات التي تفقد المرشحين أصوات الناخبين ورغم أن حق حيازة الفرد للسلاح تحول على مدى السنوات الماضية إلى قضية جدل مشحونة بالانقسامات بين الأمريكيين إلا أن الغلبة كانت دوما لمن يعتبرون حمل السلاح سمة تميز ديمقراطيتهم التي تتميز بأكبر عدد من جرائم القتل وحوادث اطلاق النار العشوائي مقارنة مع أي بلد في العالم.
وكانت المحكمة العليا الأمريكية أصدرت عامي 2008 و2010 قرارا أكدت فيه أن المادة الثانية للدستور تحمي حق الفرد في امتلاك سلاح ناري من دون أن يكون عسكريا أو مرتبطا بالجيش في وقت أشارت فيه إحصاءات مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن طلبات الحصول على أسلحة نارية وصلت عام 2012 إلى 16 مليون طلب.
منظمة “غان فايولينس اركايف” أوضحت ان حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة ارتفعت في حزيران الماضي وبقيت مرتفعة خلال الصيف حيث تشهد المدن الامريكية ارتفاعات قياسية في جرائم القتل بالأسلحة النارية مشيرة إلى أن تفشي فيروس كورونا كان بمثابة شرارة جديدة رفعت مبيعات الأسلحة على نحو غير مسبوق وأشعلت فتيل جرائم جديدة مع تفاقم الفقر والإجهاد النفسي وزيادة التوتر على خلفية الفيروس.
جرائم القتل وفق البيانات الأمريكية الرسمية تضاعفت في مدن عدة بما فيها سينسيناتي ولويزفيل التي شهدت ارتفاعا بعمليات إطلاق النار بنسبة 82 بالمئة مقارنة بعام 2019 كما تزامن الاندفاع الهائل لدى الأمريكيين لشراء أسلحة جديدة مع تقارير عن زيادات كبيرة في مكالمات العنف المنزلي إلى أقسام الشرطة المحلية والخطوط الساخنة حيث أبلغت 48 ولاية عن ارتفاع هذه المكالمات.
“شانون واتس” الخبيرة في مؤسسة مجموعة “مومز ديماند أكشن” لمراقبة الأسلحة النارية في أمريكا قالت.. إن “هذه الزيادة المستمرة في مبيعات الأسلحة تجلب مخاطر جديدة إلى المنازل الأمريكية والتي ستستمر لفترة طويلة بعد الوباء وبشكل خاص بالنسبة لملايين الأطفال في المنازل التي تحتوي على بنادق غير مؤمنة”.
ويستطيع الأشخاص في الولايات المتحدة اقتناء الأسلحة والذخيرة بأسعار متدنية عبر مواقع الإنترنت التي تعد سوقاً ضخمة كما تنشط تجارة تهريب الأسلحة عن طريق الحدود المكسيكية والعصابات المسلحة التي تنشط في الاتجار بالمخدرات.
وكثيرا ما يقوم منفذو الاعتداءات بوساطة الأسلحة النارية بموجب الحرية الأمريكية القاتلة بوضع حد لحياتهم إذ أن المتابع لتلك الحوادث سيجد ان معظم الهجمات التي شهدتها الولايات المتحدة قد انتهت بوضع منفذ الاعتداء حدا لحياته من خلال الانتحار بنفس السلاح وهو ما يشير إلى أن نسبة عمليات الانتحار بوساطة السلاح الناري في الولايات المتحدة مرتفعة أيضاً.
وتدافع مجموعات ضغط أمريكية قوية عن حق امتلاك السلاح في مواجهة أي تعديلات قانونية وقد نجحت هذه اللوبيات في تطويع الإدارات الامريكية المتلاحقة ولا سيما إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب لتحقيق مصالحها بذريعة وهم الحرية الزائفة.