الثورة أون لاين – حسين صقر:
كثيرة هي الأمراض النفسية التي تترك آثاراً سلبية على صحة الفرد، وذلك بحسب الجنس والعمر، حيث تتنوع ما بين الاكتئاب والهوس والقلق وانفصام الشخصية والخرف وفرط الحركة واضطراب الطيف التوحدي، وتلعب دائرة العنف والحروب والفقر والبطالة وحرمان الفرد من أبسطة حقوقه دوراً كبيراً في ذلك، وبالتالي يصاب بتلك الأمراض التي تشكل اللامفرداتية أو الأليكسيثيميا إحداها، والتي تتسبب بعدم قدرة المريض التعرف على وصف مشاعره، ويجهد ذاته أيضاً للتعرف على مشاعر الآخرين أو الاستجابة لها.
وفي هذا السياق يفيد خبراء الصحة النفسية أنه لا يوجد تشخيص رسمي للألكسيثيميا، على الرغم من أن الكثير من المقاييس يمكن أن تساعد في التعرف على علاماتها، كما أنهم لا ينصحون بوصف علاج لها، وفي حال ترافقت اللامفرداتية مع حالة أخرى، مثل الاكتئاب أو اضطراب الكرب التالي للصدمة، يمكن حينها البحث عن علاج لتلك المشكلات لتجنب تفاقم الأعراض أو المضاعفات.
وفي هذا الإطار يقول الدكتور محمد صبحي الحفار إن المصابين بالألكسيثيميا قد يعانون من مشكلات في الحفاظ على العلاقات والانخراط في المواقف الاجتماعية، وقد تترافق حالتهم باضطراب نفسي مرافق كالاكتئاب أو قد تحدث دون وجود اضطراب قابل للتشخيص، موضحاً أنه وجدت ارتباطات بين اللامفرداتية ومرض التوحد، مشيراً إلى أنه وفقاً لبعض الأبحاث، يعاني ما يصل إلى 13٪ من السكان من اللامفرداتية، وهي أكثر شيوعاً، بين الذكور، ولا يمكن تشخيصها سريرياً رغم أنه قد يترافق مع المريض فيها اضطراباً في صحته العقلية، ومشاكل في التأمل الذاتي، أو مراقبة العمليات العقلية والعاطفية لديه، فضلاً عن الارتباك عند اختبار الأحاسيس الجسدية المرتبطة بالعواطف، والصعوبة في إيصال عواطفه للآخرين والاستجابة لها، ما يؤدي إلى صعوبات في البيئة الاجتماعية والعلاقات الشخصية.
وأوضح الحفار أن أعراض وعلامات اللامفرداتية تتمثل نبرة الصوت والتعابير الوجهية، و ضعف مهارات التكيف عند مواجهة التوتر، و لا يعرف السبب المؤدي إلى تلك الحالة، لكن هناك تأثير للعامل الوراثي، حيث يكون الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالحالة إذا كان أحد أقربائه مصاباً فيها.
وقال أيضاً: إن العوامل البيئية تلعب دوراً في حدوث اللامفرداتية كالتعرض للصدمات في الطفولة، أو وجود حالة صحية جسدية أو عقلية، أو وجود عوامل اجتماعية واقتصادية، بالإضافة للأشخاص الذين أصيبوا بأذية في جزء من الدماغ في منطقة ما يُعرف بالجزيرة الأمامية، فهؤلاء معرضون أكثر للإصابة بالحالة.
وأشار الحفار إلى أن عدد الذكور الذين يعانون من اللامفرداتية يقارب ضعف عدد النساء، ولا سيما المتقدمين في السن، والذين انخفض لديهم مستوى التعليم، أو تدنت حالتهم الاجتماعية والاقتصادية، كما انفقد لديهم الذكاء العاطفي، وهو ما يؤدي أيضاً إلى الإصابة بالاكتئاب والرهاب والشعور بالكرب.
ونوه الحفار إلى أن علاج اللامفرداتية يكمن بكثرة القراءة عن المشاعر ومعانيها، والعودة للتفكير بتلك المعاني، ثم التطبيق بالكتابة عنها في صورة مقالات، حيث يشكل ذلك نوعاً من الدعم النفسي للمرضى، وهو كأن يجتمع بعض الأفراد الذين يعانون من نفس المشكلة ويبدأ كل واحد منهم في محاولة التعبير عما يشعر به، كنوع من محاولة مشاركة المشاعر والعثور علي دعم من أفراد يعانون من نفس المشكلة، بالإضافة لحضور المرضى العروض الفنية والمسرحية وتحريضهم على إبداء الرأي والحديث، وإشراكهم في جلسات الاسترخاء والتأمل الجماعية، والتعبير عن المشاعر المفرحة والمحزنة، ومحاولة إدماجهم في المجتمع بشكل كلي، كما إشراكهم في حل بعض المشكلات البسيطة وتنظيم الرحلات لهم، وتحريضهم للتعبير عما رأوا أو عايشوا.