الثورة – منال السماك:
بقدر ما وفر العالم الافتراضي من فرص للتواصل و اكتساب المعرفة و تقريب المسافات، فإنه فتح الباب على مصراعيه أمام انواع جديدة من الجرائم و المخاطر التي لا تخضع للحدود الجغرافية، فحول بعض ضعاف النفوس العالم الرقمي و منصات التواصل الاجتماعي إلى مسرح لممارسة شتى أنواع الجريمة الالكترونية، بهدف تحقيق مكاسب مادية و مآرب شخصية، و لكن القانون السوري تحمل المسؤولية، و لم يكن غافلاً عن مرتكبي تلك الجرائم، فسنّ العقوبات المناسبة لكل نوع من الجرائم الإلكترونية بما يتلائم و حجم الضرر الذي يحدثه مرتكب الجريمة، ولحماية أفراد المجتمع من الوقوع ضحية لتلك الجرائم.
للحديث عن مخاطر العالم الافتراضي والجرائم الإلكترونية التي تتم عبر منصاته و أنواع الجريمة الإلكترونية، والعقوبات التي فرضها القانون السوري لردع من تسول له نفسه إيقاع الضرر المادي أو المعنوي على الأشخاص، أو على هيبة الدولة، وضرورة بناء وعي قانوني رقمي آمن في مجتمعنا، التقت ” الثورة ” بالمحامي أحمد الحناوي الذي بين أن القانون السوري عرف الجريمة الإلكترونية بأنها ” كل فعل يتم باستخدام الشبكة أو الأجهزة الحاسوبية، و يؤدي إلى اعتداء على الحقوق غير المادية أو المعنوية، و قد نظمت أحكامها وفق القانون رقم 20 لعام 2022 المتعلق بمكافحة جرائم المعلوماتية، وهذا المرسوم وضع الإطار القانوني لمعاقبة الأفعال التي ترتكب عبر الإنترنت، سواء كانت إختراقاً أو تشهيراً أو تهديداً أو نشراً لمعلومات كاذبة.
الابتزاز بالصور أخطرها
و في سؤالنا عن انواع الجرائم الإلكترونية ، أجاب الحناوي بالقول : هناك عدة جرائم إلكترونية شائعة، كالإختراق عبر الدخول غير المشروع إلى الأنظمة او بيانات الغير، مثل البريد الإلكتروني أو صفحة الفيس بوك وسرقة المعلومات، و أيضاً جريمة الاحتيال عبر استخدام وسائل إلكترونية للحصول على مال أو منفعة بطرق غير مشروعة، مثل إرسال روابط وهمية أو صفحات مزيفة للبنوك، وجريمة التشهير و الابتزاز عبر نشر صور أو معلومات خاصة بهدف الإساءة أو الحصول على مكاسب، وهي من أخطر الجرائم انتشاراً في المجتمع السوري اليوم، وجريمة انتهاك الخصوصية بالتقاط أو نشر صور أو تسجيلات دون إذن صاحبها، وجريمة نشر الأخبار الكاذبة و التحريض الإلكتروني باستخدام المنصات لنشر معلومات غير صحيحة تضر بالأمن أو السمعة أو السلم الاجتماعي.
وعن العقوبات التي فرضها القانون على مرتكبي هذه الجرائم نوه الحناوي بأن القانون السوري أدرك خطورة هذه الجرائم على المجتمع لما تتسببه من أضرار مادية و نفسية واجتماعية خطيرة، حيث تختلف العقوبات التي نص عليها القانون 20 لعام 2022 حسب نوع الجريمة المرتكبة، و لم يتهاون في ملاحقة المجرمين و فرض عقوبات رادعة، ولم يترك أي نوع من أنواع الجرائم الإلكترونية دون عقوبة لمرتكبها تناسب الجرم المرتكب والضرر الواقع، سواء بعقوبة الحبس أو الغرامة المالية، فمثلاً يعاقب بجرم انتهاك الخصوصية، بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من خمسمئة ألف ليرة سورية إلى مليون ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة لكل جرم يتم على شبكة الإنترنت، وقد يصل الأمر بالنسبة لبعض الجرائم بالحبس لفترات طويلة وغرامات مالية ضخمة.
وتابع الحناوي بالقول: العقوبات القانونية أيضاً شملت جريمة القدح و التحقير الإلكتروني ، لتصل عقوبتها السجن من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة مالية تتراوح بين 300 ألف و 400 ألف ليرة سورية، وشملت العقوبات أيضاً كل من ارتكب جرائم تمس الحشمة و الحياء، و ذلك من خلال القيام بمعالجة الصور أو محادثات الواتساب أو تسجيلات صوتية، لتصبح منافية للحشمة أو الحياء، فقام بعرضها على الغير أو هدد بنشرها عن طريق الشبكة.
لا تهاون بالمساس بهيبة الدولة
وأشار الحناوي إلى أن القانون السوري شدد العقوبات على كل من أنشأ صفحة إلكترونية، أو نشر محتوى رقمياً على الشبكة، بقصد إثارة أفعال تهدف أو تدعو إلى تغيير الدستور بطرق غير مشروعة، أو سلخ جزء من الأرض عن السيادة السورية، أو إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور، أو منعها من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور أو قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة.
وأكد على أن القانون لم يتهاون بجرائم النيل من هيبة الدولة، ففرض عقوبات بالسجن وغرامات مالية تصل إلى عشرة ملايين والسجن من ثلاث إلى خمس سنوات على كل من قام بنشر أخبار كاذبة من شأنها النيل من هيبة الدولة أو المساس بالوحدة الوطنية، وكذلك الأمر بالنسبة لكل من حاول النيل من مكانة الدولة المالية، عبر إنشاء أو إدارة موقع إلكتروني بقصد إحداث عدم استقرار أو زعزعة الثقة في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة بالنشرات الرسمية .
Violet💞, [13/10/2025 12:37 ص]
ولفت الحناوي إلى أنه لا تقتصر الجريمة الإلكترونية على العقوبة الجزائية، بل يترتب عليها أيضاً تعويض مدني للمتضرر عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به، ويعد هذا التعويض حقاً شخصياً يمكن المطالبة به أمام القضاء السوري، شأنه شأن أي ضرر ناتج عن جريمة تقليدية.
تعزيز الثقافة القانونية
وشدد الحناوي على دور المجتمع في مواجهة الجريمة، فقال: مواجهة هذه الجرائم لا تكون فقط عبر النصوص القانونية، بل من خلال الوعي المجتمعي بخطورة مشاركة المعلومات الشخصية، وأهمية التربية البرمجية للأجيال الجديدة، والتبليغ عن أي إساءة إلكترونية عبر الجهات المختصة، وتعزيز الثقافة القانونية من خلال الندوات والمحاضرات .