الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
يتعمد الإعلام الأمريكي ممارسة التضليل ونشر الأكاذيب خلال تغطيته للأحداث في العالم ، وغالباً ما يستخدم مصادر مجهولة خلال نشراته الإخبارية أو الصحفية ، وهي سياسة أميركية قائمة بذاتها لتضليل الرأي العام العالمي ، وخلق أمر واقع يناسب المشاريع التي يتم إعدادها في مراكز صنع القرار من قبل اللوبيات الحاكمة في الولايات المتحدة .
فالجميع يتذكر كيف مهّد الإعلام الأميركي لشن الحرب على العراق عام 2003 عبر تقديم معلومات مفبركة من مصادر مجهولة ألهبت عناوين الصحف ونشرات الأخبار الأمريكية والغربية ، وفي المقابل ، غالباً ما يقع هذا الإعلام بمطب كذبه وخداعه ، وتنكشف أساليبه ، ولاسيما بعد أن تنهار الأكاذيب والمبررات التي يخترعها ، كما جرى بعد سنوات من قيام الحرب ، حيث اضطر مسؤولون أميركيون كبار مثل كولن باول للتبرؤ من الروايات الكاذبة التي رووها والاعتذار عنها معترفاً بأنه تم تضليله .
ويوماً بعد يوم تنفضح الأضاليل والأكاذيب التي تسوقها الإدارات الأمريكية ضد الدول الصامدة في وجه المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة ، وأهم ما في الأمر هو أن الفضيحة تأتي من داخل البيت الأمريكي ، على قاعدة شهد شاهد من أهله .
فقد وثَّق المعلق السياسي الأمريكي “جيمي دور” في برنامجه الحواري السياسي الأسبوعي “THE JIMMY DORE SHOW” عبر قناته على اليوتيوب كيف تلاعبت الحكومات الغربية بوسائل الإعلام العالمية وجندتها لصناعة تغطيات مضللة ضد سورية تماماً ، مثلما فعلت قبل وأثناء غزو العراق ، حيث تبين أنه لم يكن للعراق أي علاقة بتفجيرات الحادي عشر من أيلول ، كما لم يكن يمتلك أي أسلحة دمار شامل ، كما ادعت وتناقلت وفبركت الحكومات الغربية وإعلامها بهذا الشأن ، حيث ساهمت وسائل الإعلام آنذاك بالتحضير لشن الحرب من خلال فبركة الذرائع والأدلة التي تبررها لشعوبها من أجل دعم الحرب .
وقد كشف “جيمي دور” الوثائق المسربة التي نشرها موقع “ذي غري زون” الإخباري المستقل خلال شهر أيلول من العام الماضي والتي تفضح عملية دعاية ضخمة مضللة ضد سورية شنها متعاقدون مع الحكومات الغربية وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة ووسائل إعلامها . وتظهر الوثائق كيف طورت الحكومة البريطانية الدعاية الغربية الهادفة لدعم التنظيمات الإرهابية في سورية تحت مسمى معارضة مسلحة للتسويق لها من قبل شركات العلاقات العامة المدعومة من الحكومات الغربية .
وقدم “دور” أنموذجاً عن التغطية الغربية المضللة للأحداث في سورية ، وخاصة الدور الذي قامت به قناة “سي إن إن” الأمريكية بخصوص ما يتعلق بالهجوم الكيميائي المزعوم في دوما قائلاً : قالت “قناة سي إن إن” إن مراسلتها كانت موجودة في دوما أثناء الهجوم المزعوم ، لتبرهن أنه كان هناك اعتداء بغاز سام ، حيث ادعت المراسلة أنها قامت باستنشاق الغاز ، ومن الواضح أنها لم تستنشق شيئاً لأنها لو استنشقت الغاز السام ستكون ميتة ، مستعرضاً مقطع الفيديو الذي تدعي فيه المراسلة استنشاق الغاز .
وبيّن دور عبر برنامجه كيف قامت الحكومات الغربية بإعداد بروباغندا إعلامية لتشويه صورة الدولة السورية لتبرير العدوان عليها بزعم محاربة الإرهاب وخاصة تنظيم (داعش) ، مؤكداً أن أكثر من طرف مرتبط بـ “داعش” هو الولايات المتحدة الأمريكية فهي التي قامت بتمويله في سورية وهذا ما كشفته الوثائق المسربة .
وأشارت الوثائق التي نشرها سابقاً موقع (ذي غري زون) إلى استخدام أكثر من 1600 صحفي ومؤثر دولي لدعم الإرهابيين في سورية والترويج لهم ، وصياغة استراتيجية لإعادة تصنيف التنظيمات الإرهابية في سورية بهدف تلطيف صورتها أمام الرأي العام والتسويق لها .
وكانت وثائق كشفها الكاتب البريطاني مارك كورتيس في مقال نشره موقع ميدل إيست أي في شهر أيار من العام الماضي ، أكدت أن بريطانيا بدأت عمليات سرية ضد سورية في أوائل عام 2012 أي منذ بدء الحرب الإرهابية عليها حيث تورطت بريطانيا وبشكل وثيق في تهريب شحنات الأسلحة إلى الإرهابيين وتدريبهم وتنظيمهم في عملية دامت سنوات بالتعاون مع الولايات المتحدة والنظام السعودي .
كما كشف موقع “ذي كناري” الإخباري البريطاني عام 2016 عن تورط بريطانيا وإعلامها بتلميع صورة الإرهابيين في سورية وتقديمهم للرأي العام على أنهم معارضة معتدلة .
ومما سبق ، يتضح أن للإعلام دوراً خطيراً وفاعلاً في هذا العصر ، وخطورته تكمن في أنه يستخدم كسلاح من قبل أمريكا والدول الغربية والصهيونية العالمية من ضمن استراتيجية مؤثره لتضليل الشعوب والعمل على قلب الحقائق وتزييف الواقع ، بهدف تشويش الرأي العام العالمي وتهيئته لقبول كل ما يخططون للقيام به من حروب واعتداءات وجرائم وإرهاب وحصار وعقوبات