ليس من باب المصادفة أن تأخذ دول أفريقيا هذا الحيّز من اليونسكو في الاحتفاء باليوم العالمي للغة الأم، وتعتبر اليونسكو (اللغة السواحلية) رغم علمنا أنها تشكلّت بقرار بريطاني، تعتبرها من أهم (اللغات العابرة للحدود) وبأنها الأكثر ازدهاراً وانتشاراً بحسب وصف (أودري أزولاي) المديرة العامة لليونسكو، مع تأكيد اشتقاق تلك اللغة من العربية واللغات المستخدمة في الشطر الجنوبي من القارة الأفريقية وفي القارة الأوروبية وشبه القارة الهندية.
هذا الإقرار بتوحيد اللغة لدول أفريقيا التي تشكّل الدول العربية ١٢ دولة منها واللغة الرسمية فيها اللغة العربية يعني أن هنالك محاولات لإضعاف العربية وإذابتها بذرائع ومسميّات ومصطلحات ليبرالية جديدة ترسم ملامحها وتسوّق لها أكبر منظمة دولية في العالم، (لغات عابرة للحدود صورة من صور التنوّع الثقافي) للأسف ليست سوى رؤوس أموال عابرة للحدود تتحكم بمصائر الشعوب ولغاتها وثقافاتها وقومياتها، ولاينفي عن اليونسكو رفعها لشعار الحفاظ على اللغة الأم تسويقها للغات فرضها الاستعمار الغربي بطرق مباشرة وغير مباشرة.
لأننا إذا مانظرنا بشكل فعلي إلى لغات الدول الأفريقية الرسمية نراها إما فرنسية أو انكليزية، وتوحيدها تحت شعار ( حفظ التنوع والسلام) يعني محاولات إذابة القسم الأفريقي العربي بكيانه ولغته وثقافته وقوميته فيما تدّعيه من تقرّب بين الناطقين (بلغات عابرة للحدود) وتحويل الحدود إلى جسور بدلاً من أن تكون عوائق وحواجز…!!!.
وبحسب اليونسكو أيضاً ثمة تقدّم ملموس في إطار التعليم متعدّد اللغات القائم على اللغة الأم.. وتجد في دول الامبريالية العالمية وضمن الجاليات ذات الجنسية الواحدة منع تعليم اللغات الأم في المدارس وبخاصة في المراحل الأولى من التعليم، من هنا يأتي التأثير الثقافي الذي تحدث عنه (تيجاني محمد باندي) رئيس الجمعية العامة أُحادي الجانب كبقية القرارات الأممية التي لاتعنيها الوحدة والتعاون والتفاهم والشراكة إلّا شعارات تسويقيّة لأغراض سياسية اقتصادية إمبريالية مُهيمنة على من صنّفتهم دول العالم الثالث.
بالمقابل نحن دول عربية توّحدنا لغة واحدة وتاريخ إنساني وموروث ثقافي واحد وهوية وقومية تتوحّد حتى بالجغرافيا ولم نتمكّن إلى اليوم من إذابة وإزاحة الحدود التي رسمتها دول الاستعمار والإمبريالية العالمية.
رؤية- هناء الدويري