من تابع هذه الأيام المشهد السياسي والإعلامي الذي رافق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونشاطات الوفد السوري بقيادة السيد الرئيس أحمد الشرع على هامش هذه الاجتماعات، يلاحظ من دون أدنى شك، أن سوريا أخذت تستعيد موقعها ومكانتها على الساحة الدولية، بشكل يليق بتاريخها وحضارتها، ودورها كدولة مؤسسة للمنظمة الأممية ذاتها.
فحضور سوريا الاجتماعات الأممية عالية المستوى، بعد نحو 60 عاماً من الانكفاء، ليس مجرد خطوة دبلوماسية عادية، بل هو فصل جديد في تاريخ العلاقات السورية الدولية.
فعندما يتحدث الرئيس الشرع أمام زعماء العالم وقادته، بعد نحو عشرة أشهر من سقوط النظام البائد، فهذا يعد بمثابة إعلان نصر جديد للسوريين، يضاف إلى ما تم تحقيقه حتى الآن في الداخل، من إعلان دستوري وحوار وطني وتشكيل حكومة موسعة، إلى التحضيرات لإجراء انتخابات مجلس الشعب، مروراً بتشكيل هيئة وطنية للعدالة الانتقالية وأخرى للمفقودين.
وهذا في حد ذاته يمثل اعترافاً دولياً بالتغيير السياسي في سوريا، وتأكيد مواقف معظم دول العالم، فرادى وجماعات ودعمها بكل الإمكانيات والوسائل، لوحدة سوريا وسيادتها.
كما يشجع الحضور السوري بهذا المستوى في نيويورك، على رفع العقوبات الأميركية والأوروبية بشكل نهائي عن الشعب السوري، ويفتح أبواباً جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية، بين سوريا ودول العالم الأخرى.
بالمقابل يلقي هذا الزخم السياسي الدولي الكبير، على كاهل الدولة السورية، المزيد من المسؤوليات، بالمضي قدماً في مسار العدالة الانتقالية، وتحقيق المصالحة الوطنية، وضمان حقوق المجتمع السوري بمختلف فئاته ومكوناته، وتحقيق النهوض الاقتصادي بما يخدم إعادة الإعمار والبناء، وتأمين متطلبات عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.