الثورة أون لاين – غصون سليمان:
حين راهن قطيع الموتورين على خراب سورية، ظن بعض المنحرفين والمتسلقين على أعتاب الظروف الضاغطة، أن الفرج أتاهم من كل الأبواب، وأن نوع صيدهم الذي يحلمون به ويضعونه في أذهانهم ونصب أعينهم ليصطادوه متى سنحت لهم الفرصة، معتقدين أن الأمر سهل المنال وبعيد عن أعين الشبهات كما شبه لهم.
وإن كانت مهنة اللصوصية والسرقة والنصب والتزوير موجودة في حياة البشر منذ بدء الخليقة، ولا يوجد مجتمع معصوم عن هذه السلوكيات المذمومة عند بعض الأفراد، إلاٌ أن هذه الفئة الموتورة كانت وما زالت وستبقى تشكل عبئاً كبيراً في مناح سلبية عديدة على بنية أي مجتمع من المجتمعات، حيث نجدها أكثر حضوراً في ظروف تداعيات الحرب والفوضى، وأنها تنتعش وتظهر بأساليبها الخبيثة مستغلة انشغال البلد بأجهزته ومؤسساته المعنية بالعمل على رد العدوان وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على حقوق المواطنين وحرمة التراب، فتلك مهمة ليست سهلة بالتأكيد.
لكن العين الساهرة المؤتمنة على حماية الأمن والأمان الاجتماعي الذي أخذ البعض من أبناء المجتمع يسيء له بشكل وآخر وفق غريزة انتهاك المحرمات وممارسة كل الموبقات وعلى جميع المستويات، فهي حاضرة دائماً وتقف لهم بالمرصاد، دون نسيان تأثير جوقة العدوان المختلفة بأشكالها القريبة والبعيدة التي صدٌرت وشجعت كل ألوان الانحرافات و الويلات والمصائب وأفعال الشذوذ، إذ نلحظ في تفاصيل الحياة اليومية، تركات ثقيلة لما يحصل في مجتمعنا السوري الذي كنا نحسد عليه قبل عشر سنوات من عمر الفوضى والتخريب الممنهج.
فقد باتت تطالعنا كل يوم عبر وسائل إعلامنا المختلفة قصة سلوك لا أخلاقي قام به شخص أو مجموعة أشخاص بارتكاب فعل مشين مقزز للنفس وبعيد كل البعد عن قيم المجتمع وتقاليده الإنسانية الرحيمة، بعدما أصبح قتل الأبرياء عادة، والسرقة نهج ودراسة، والنصب شطارة، والتزوير اختبار ذكاء، والاحتيال أحد طرق المهارة، والغش رياضة ذهنية، وانتحال شخصيات عامة والإساءة إليها قدرة على الاختراق، قصص عجيبة غريبة تدمي القلب من وجعها وارتداداتها النفسية.
فمن فن التلاعب و الغش بمحتوى المواد الغذائية واحتكارها، وتدويرها رغم انتهاء صلاحيات بعض السلع، وغش صناعة المنظفات وكل ما يتعلق بها، إلى تزوير الشهادات والوكالات والهويات الشخصية وبيع العقارات والمحال التجارية لأكثر من شخص دون أي رادع أو شعور بالذنب، إنها طفرات باتت خصبة ومألوفة على مرأى العين.
وفي موضوع القتل وارتكاب الجريمة في العديد من المناطق والقرى والمدن والأماكن العامة والخاصة بتنا نرى هذه الظاهرة التي ولدتها وبكثرة ظروف الحرب العدوانية على بلدنا وأفرزت شريحة اللصوص والزعران الطائشين من بيئات عديدة ما جعل الإقدام على القتل طعناً بالسكاكين وغيرها من الأدوات الحادة سلوك شبه يومي، سواء بهدف السرقة أم الاعتداء على الكرامة والشرف بدافع الحقد والغريزة.
هو تشوه آخر لبنية النفس المستسلمة، حتى بات الغالبية منا يخشى رعونة البعض كما حصل ويحصل بين الفينة والأخرى على سبيل المثال لا الحصر من إقدام مجهولين بالاعتداء على أشخاص معينين لسرقة أجهزتهم الخليوية أو بالدخول إلى العديد من محال بيع الأجهزة المختلفة والمواد المتنوعة، والأدوات الكهربائية في بعض المحافظات، عن طريق الكسر والخلع وسرقة ما تيسر لهم من أجهزة ولابتوبات ومبالغ مادية إلا أن رصد الأجهزة المختصة ومتابعتها لهذه الحوادث وغيرها المئات من محاولات السطو والسرقات الأخرى تجعلنا ندرك أن الأمور ليست سائبة كما يعتقد ضعاف النفوس من كل الأطراف، وأن كل من تسول له نفسه هو تحت مجهر الرقابة وعينها.
لقد أثبتت الأجهزة الأمنية والجنائية قدرتها الفائقة على استيعاب ومحاصرة مظاهر الشذوذ ومعالجة أمراض المجتمع الطارئة والدخيلة أكانت موجودة بنسب عالية أو متدنية، فكل الشكر لمن يعمل على خدمة الشعب وصون أمنه وأمانه.