ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:
سرد وزير خارجية بريطانيا وليم هيغ أكاذيبه، جملة وفرادى، ما مضى منها وما هو آتٍ، ما يمكن أن يصدِّقه مرتزقته والإرهابيون الذين ينتظرونه،
وما هو متأكد منه أن لا أحد في العالم بمقدوره أن يأخذه على محمل الجدِّ، بما في ذلك ما توهم أنه يحاكي الكثير من تمنياته.
ويحق للسيد هيغ أن يتبختر أمام نظيره الأميركي بعد أن تفوق عليه في الكذب أسلوباً وطريقة .. في السرد وفي التورية، ما تعمَّد منه وما اضطره إحساسه بالعجز لإعادة التذكير به، وعلى الدبلوماسية البريطانية أن تضيف إلى صفحاتها في التاريخ ما يتجاوز كل ما عرفته في الماضي وهي المتخمة بالأكاذيب والغارقة في قاع الأضاليل والخديعة!.
لم يصدق إلا فيما كذبه، ولم يقل كلمة واحدة تدل على الحقيقة إلا ما يرتبط منها بدعم الإرهاب، وقد سجلت له «براعة» قلَّ نظيرها في تصنيع توليفة من الأكاذيب عجز عنها باول، وفشل بها كيري من بعده ومن قبله، وربما لن يكون باستطاعة من سيليه في رئاسة الدبلوماسية البريطانية أن يجاريه يوماً.
لا نعتقد أنه من المفيد في شيء أن نسترجع شريط الأكاذيب التي تدفقت على لسان هيغ، إذ هي باتت معروفة وقد حفظها الكثيرون عن ظهر قلب، ولا تستحق حتى التوقف لدحضها، وقد تبرع هو شخصياً بذلك أكثر من مرة حين كان يقدم الكذبة وما يناقضها، ولم تشفع له تبريراته اللاحقة، ولا شروحاته المطولة.
وفي الوقت ذاته نستطيع أن نجزم بأن أصدقاء الإرهاب بهذا الخطاب لا يسعون باتجاه المؤتمر الدولي بقدر ما يبتعدون عن طريق نجاحه، وبمقدورنا جميعاً أن نستنتج أي خلاصات يمكن أن يصل إليها أي مؤتمر مهما تكن الجهود المبذولة لنجاحه، فما قدمه هيغ وزمرته في محفل الإرهاب ليس أكثر من مجموعة متفجرات سياسية يتم زرعها منذ الآن في الطريق إلى المؤتمر، وحضورهم سيتحول إلى قنابل موقوتة داخل قاعاته، خصوصاً أنهم يخطبون ودَّ مجموعة من الإرهابيين الذين يريدون تبييض سجلهم وغسل تاريخهم الدموي ببضع كلمات في أروقة المؤتمر.
ربما لم تكن هناك مفاجآت بالمعنى الفعلي فيما صدر عن ذلك المحفل، فالإناء ينضح بما فيه، وكل من كان في قاعاته إما إرهابي بالوصف والممارسة وإما داعم وحاضنا وممول وراعٍ للإرهاب والإرهابيين، وكل من كان فيه لا يريد الحل السياسي ولا يبحث عنه، بل جميعهم يجدون فيه إقراراً غير مباشر بفشل مشروعهم، سواء في العسكرة التي أجمعوا عليها منذ أول لقاء لهم أم في آخر صورة تذكارية تلتقط لهم في هذا المحفل، أم في السياسة التي تسابقهم في شوط الابتعاد عمَّا كانوا يروِّجون ويخططون.
ومن البديهي أن يستمروا في أكاذيبهم.. ومن البديهي أيضاً ألا نعقد كبير آمال على طرف سقفه تلك الأكاذيب، وقاعه مجموعة من المرتزقة والإرهابيين، وبالتالي من السذاجة في مكان أن يتخيل أحد أنهم باتوا مؤهلين للحوار أو قد يشكلون رافعة له في وقت تتداعى فيه الروافع وتتزاحم من كل اتجاه، ومن العبث الرهان على أفق سياسي تشكل فيه نيات أولئك سياقاً وإطاراً وناظماً حتى لو تباينت المقاربات أو تعددت المستويات.
فالذي كذب فيه كيري لا يختلف عمَّا يكذب فيه هيغ، والاثنان يرددان جملة من أكاذيب أدواتهم في المنطقة.. دولاً وقوى وأطرافاً، وحتى شخصيات إلى حد التطابق، والجميع يعيد النفخ في قربة مثقوبة، وما يتحدثون به هو تمنيات الإرهابيين ذاتها مهما اختلفت مشاربهم أو تعددت مستوياتهم أو تباينت تسمياتهم.
بين سقف أكاذيبهم وقاعها لا يبدو الفارق كبيراً، ولا الاختلاف جذرياً، والأمر ينسحب على المستويات الأخرى حيث يتساوون جميعاً.. من كذب منهم، ومن صدق.. من مارس الإرهاب، ومن دعمه.. من وقف إلى جانبه بالمال أو بالسلاح وحتى في الموقف فجميعهم شركاء في الجريمة وفي العدوان وفي الحرب!!
a.ka667@yahoo.com