بداية لابد من الاعتراف أن اقتصادنا في الظروف التي نعيشها يفترض أن يُبنى على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لكون هذه المشاريع تحقق عدالة اجتماعية كبيرة، وبنفس الوقت لا تتأثر بالحصار المفروض علينا، بمعنى أن هذه المشاريع تحقق نمواً لخلق وظائف تتوزع ثمارها على قاعدة اجتماعية أوسع، وبالتوازي مع إعادة إعمار البنى التحتية وتطويرها، من هنا جاء صدور القانون رقم /8/ لعام 2021، الذي يسمح بتأسيس “مصارف التمويل الأصغر” بهدف تأمين التمويل اللازم لمشاريع شريحة صغار المُنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ومحدودي ومعدومي الدخل عبر منحهم قروضاً تشغيلية، وذلك من أجل تأمين دخل إضافي لهذه الشريحة وخلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.
فشروط تحول القانون رقم 8 إلى فعل إيجابي ملموس في الواقع الاقتصادي الراهن مرهونٌ بحسن التخطيط والتنفيذ والإشراف، ووفقاً لذلك تمنح مصارف التمويل الأصغر التي أحدث بعض منها قروضاً تشغيلية لشريحة محدودي الدخل تصل إلى 15 مليون ليرة سورية، من أجل تأمين دخل إضافي لها وخلق فرص عمل لتلك الشريحة.
أي إن القانون هدف إلى تحقيق النفاذ المالي لأكبر شريحة ممكنة من ذوي الدخل المحدود، وذلك من خلال تقديم الخدمات المالية المختلفة في مجالات الائتمان والادخار والتأمين، والخدمات غير المالية المرتبطة بها، من التدريب وبناء القدرات وتقديم المشورة وغيرها، بهدف تأمين دخل إضافي وخلق فرص العمل وتحسين نوعية الحياة سعياً وتعزيزاً للبعد الاقتصادي والاجتماعي.
فهو إذاً أي القانون 8 يشكل بوابة لتحسين الوضع المعيشي للفئات ضعيفة الدخل من خلال تمويل الورشات والأعمال الإنتاجية، فهو يجمع في بيئة قانونية مرنة بين المموِّلين والمقترضين، فيضعُهم أمام فرصة غير مسبوقة من تبادُل المنفعة. كما أنه يفتح طاقة أمل أمام الكثير من الراغبين في إنشاء مشاريع صغيرة لكنهم لا يملكون التمويل اللازم لإنشاء هذه المشاريع والتي لا يتمكنون من الحصول عليها من القطاع المصرفي لمساعدتهم في إيجاد فرص عمل والدخول بنشاطات إنتاجية، بمعنى أن هذا القانون يحمل بُعداً اجتماعياً وتنموياً ويهدف إلى مساعدة الكثير من العائلات والأفراد الذين يودون الحصول على فرص عمل أو تحسين دخلهم وبالتالي تحسن مستوى معيشتهم.
وإذا ما استعرضنا ما نفذ من مشاريع صغيرة ومدى انعكاسها على أصحابها نلحظ المنعكسات الإيجابية على وضعهم الحياتي والمعيشي، من هنا ندعو الكثيرين في إقامة مثل هذه المشاريع التي تسهم في عملية الإنتاج والتي تسهم أيضاً في إيجاد دخل إضافي يحسن من الوضع الاقتصادي لأصحاب هذه المشروعات، ولا ننسى أن بلدنا قد خاض تجربة التمويل الصغير منذ مطلع العام 2001 عبر مؤسسات تنموية، لكن هذا القانون يأتي اليوم لتطوير هذه التجربة وتمكين الفئات الضعيفة المنتجة من امتلاك أدوات عملها.
حديث الناس- إسماعيل جرادات