الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
تقول غيتي ايماجز في مقالة لها في صحيفة الغارديان البريطانية بأنه يجب على جو بايدن أن يكون أكثر تعاونا مع إيران، وأن يساهم بشكل جدي برفع العقوبات عنها، كما ينبغي عودة بلاده إلى الاتفاق النووي وإظهار حسن النية للحكومة الإيرانية.
لقد ألحقت الولايات المتحدة أضرارًا فادحة بحق الشعوب ومنها الشعب الإيراني بسبب العقوبات الظالمة التي فرضتها على المنتجات الإيرانية خاصة في هذه الظروف التي يعيشها العالم اليوم في ظل جائحة كورونا التي فتكت بملايين الناس عبر العالم، بينما يصر بايدن على اتهام إيران بعدم احترام الاتفاق ويطالبها بإعادة التزامها به قبل رفع العقوبات الأمريكية عن شعبها.
هذا الكلام الصادر عن رئيس الولايات المتحدة الجديد هو فقط لذر الرماد في العيون لتبرير عدم التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي وانسحابها منه، فمنذ حوالي السنة كتب جو بايدن في افتتاحية لشبكة سي إن إن الامريكية قال فيها: “إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم للاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة ستعود للانضمام إلى الاتفاقية كنقطة انطلاق لمفاوضات المتابعة”، طبعا تصريحات بايدن كانت بمثابة إعلان أو دعاية في حملته الانتخابية التي خاضها ضد دونالد ترامب، وفي المقابل قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: “أمريكا كانت أول من خالف الاتفاق ويجب أن تكون أول من يسارع للالتزام به”.
تقول ايماجز لا جدال في أن الولايات المتحدة كانت مخطئة بشكل كبير وتعمدت الإساءة لإيران عندما انسحبت من الاتفاق النووي عن قصد وبسوء نية، بينما انضمت إيران إلى الاتفاق النووي بحسن نية، وكانت تفي بشروط الاتفاق عندما قام الرئيس ترامب فجأة بالانسحاب منه في عام 2018، وأظهر جانب العداوة لإيران ضاربا بعرض الحائط كل القوانين الدولية خاصة عندما أعاد فرض العقوبات عليها، ما ألحق الضرر باقتصادها بشكل أساسي وأدى إلى ارتفاع معدل التضخم، وسرعان ما تطور النقص الحاد في العديد من السلع – خاصة الإمدادات الطبية إلى تفاقم وباء الفيروس التاجي هناك بشكل كبير، حيث اضطرت المستشفيات لعلاج مرضى كورونا COVID-19 بدون معدات واقية مناسبة أو معدات حيوية، ومن المؤكد أن الآلاف ماتوا كنتيجة مباشرة للإجراءات والعقوبات الأمريكية.
علاوة على ذلك، لدى إيران الكثير من الأسباب التاريخية لعدم الثقة بأمريكا، في عام 1988 أسقطت القوات الأمريكية طائرة ركاب إيرانية وقتلت 290 شخصًا، كما دعمت الولايات المتحدة العراق بالمال والتدريب والغطاء الدبلوماسي في الحرب التي شنها صدام حسين على إيران عام 1980، ما أدى إلى ثماني سنوات من الحرب المدمرة.
باختصار أمريكا خانت الثقة الدولية، وخانت الاتفاقية الدولية بحجة الحفاظ على أمنها القومي ليصبح الشماعة التي تعلق عليها الولايات المتحدة ورؤساؤها المتعاقبون أخطاءهم الفادحة بحق الشعوب، وقد شوّهت هذه الحركة أيضاً مكانة الولايات المتّحدة الأمريكيّة في المجتمع الدّولي عبر تقويض مصداقيّتها، أوّلاً كشريك غير موثوق به في الاتفاقيات الدولية، وثانياً قامت الولايات المتحدة بتوجيه ضربة لشركائها الأوروبيين وهي ضربة قاسية من المحتمل أن تضر بمستقبل التعاون معهم وهم الذين لطالما طالبوا ترامب وواشنطن بمحاولة إنقاذ الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 التي تم التوصل إليه عام 2015 عقب محادثات في العاصمة النمساوية فيينا.
لقد اشترطت إدارة بايدن على إيران أن تعود أولا لالتزاماتها بموجب الاتفاق الذي انسحب منه ترامب، في المقابل تطالب إيران بأن تبادر الولايات المتحدة بالعودة للاتفاق بعد رفع العقوبات عنها، وهو الاتفاق الذي أعلنت عنه منسقة السياسة الأوروبية الخارجية والأمنية فيديريكا موغيريني في العاصمة النمساوية فيينا يوم 14 تموز عام 2015، ولكن العالم ذهل عندما قررت ادارة ترامب في عام 2018 الانسحاب منه ومن ثم البدء بفرض عقوبات طالت الشعب الإيراني بشكل مباشر في غذائه ودوائه، خاصة بعد انتشار وباء كورونا كوفيد 19والركود الاقتصادي العالمي ما أدى إلى تفاقم معاناة الناس بسبب نقص الأدوية والمعدات الطبية اللازمة لمعالجة مرضى كورونا أو الفيروس التاجي.
المصدر: الغارديان
