بايدن ومستقبل الحرب التجارية مع بكين

الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
في تشرين الثاني 2020 وقعت 15 دولة على الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) وسط تراجع العولمة والحمائية التجارية، وبينما تُظهر هذه الشراكة نجاح دبلوماسية القوة المتوسطة في الآسيان وتعزز التجارة الإقليمية والتنمية الاقتصادية، إلا أنها تخدم أيضاً المصالح الوطنية للصين وستجعلها، بالإضافة إلى كونها أكبر اقتصاد في المنطقة، أكثر قوة اقتصادياً وسياسياً.
تشير التقديرات إلى أن الصين ستشهد أكبر فوائد تصدير من هذه الشراكة بقيمة 244 – 248 مليار دولار بحلول عام 2030، تليها اليابان (128-135 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (63-64 مليار دولار)، وهذا يعني أن الزيادة في الصادرات الصينية ستمثل ما يقرب من 50 في المائة من إجمالي نمو الصادرات لجميع أعضاء RCEP، وعلى الرغم من أن هذه الفوائد قد لا تعوض الخسائر الإجمالية للحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، إلا أنها تساعد الصين في تقليل الاعتماد على صادرات الولايات المتحدة.
تعزز هذه الشراكة أيضاً تقسيم العمل عبر سلاسل التوريد الإقليمية وتساعد في تحديث الهيكل الصناعي في الصين. وشهدت تكاليف العمالة المنخفضة في دول الآسيان تقلص الفوائد التجارية الصينية مع الآسيان منذ عام 2015، ما يشير إلى انتقال سلسلة التوريد الناشئة من الصين إلى جنوب شرق آسيا.
إن الشراكة هذه ستساعد في جلب تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الصين، حيث سيشمل التحرير بموجبها تخفيضات في الحواجز خارج الحدود مثل المعاملة التمييزية ضد الاستثمار الأجنبي، كما وعدت الحكومة الصينية بتقليل القيود المفروضة على الوصول إلى الأسواق وزيادة فتح عدد من القطاعات الخدمية وغير الخدمية للشركات متعددة الجنسيات (MNC).
كما ستكون هناك تدابير أقوى لحماية معلومات إدارة الحقوق الرقمية، وزيادة استخدام برامج الكمبيوتر غير المخالفة وتدمير السلع المقرصنة والمواد المزيفة، وقد تنجذب الشركات متعددة الجنسيات الأجنبية أكثر إلى تخصيص الموارد للبلد، بما في ذلك جلب التمويل والتقنيات الدولية وهو ما سيعزز الإنتاج الصيني المحلي وقدرات الهندسة والتصميم.
ستستفيد الصين بشكل كبير من هذه الشراكة من الناحية الجيو سياسية، أولاً لأن انخراط الصين فيها يطمئن البلدان المجاورة، لأنه يؤكد التزامها بالحفاظ على السلام وتعزيز النمو الإقليمي والحفاظ على التعددية الآسيوية، كما أن مشاركة الصين فيها ستثبت أنها مستعدة لزيادة فتح أسواقها والالتزام بالقواعد الإقليمية المشتركة، وهذا يساعد على تهدئة الشكوك الجيوسياسية بين الجيران.
وثانياً ستتعزز قوة الصين السياسية في المنطقة، حيث ستساعد هذه الشراكة في زيادة الترابط الاقتصادي بين الصين والدول المشاركة الأخرى، وسيؤدي ذلك إلى دفع المنطقة إلى المدار الاقتصادي والسياسي للصين، وتمكين بكين من ممارسة التأثير على اللوائح والمعايير داخل الكتلة.
تسعى الصين إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة ثلاثية مع كوريا الجنوبية واليابان لتعزيز الترابط الاقتصادي وبناء الثقة السياسية، ويمكن لهذه الشراكة أن تلعب دوراً محفزاً في عملية التفاوض مما يعزز تصميم الصين واليابان وكوريا الجنوبية على اتخاذ قرار سياسي.
وقد تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بتسريع المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية في تشرين الثاني2020، ومن المتوقع أن يجتمع القادة للمناقشة في وقت لاحق من هذا العام.
بعد توقيع اتفاقية الشراكة يمكن أن تشتد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، لأن مشاركة الاخيرة فيها سيعزز نفوذها الاقتصادي والسياسي ويدفع الولايات المتحدة للتنافس على الأسبقية الجيو سياسية في المنطقة، وقد يُتوقع من الولايات المتحدة الحفاظ على تعريفاتها التجارية على السلع الصينية، وتسريع الفصل التكنولوجي مع الصين، واعتماد استراتيجيات إضافية لتطوير صناعاتها وتقنياتها، وبغض النظر عن المسار الذي تسلكه الولايات المتحدة، فإن الصين ستواصل تكثيف التعاون مع البلدان في جميع أنحاء آسيا وأوروبا والسعي إلى تطوير تقنياتها المحلية.
ركّز بايدن على الاهتمام بإعادة الانضمام إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، لكن الضغوط المحلية قد تعيق تحقيق هذا حتى في ظل الشروط الجديدة التي تفضلها الولايات المتحدة، وقد تواصل بايدن أيضاً مع القادة السياسيين في أستراليا واليابان والهند وكوريا الجنوبية، معرباً عن رغبته في تعميق التحالفات الأمنية.
لا يمكن لواشنطن أن تؤكد التزامها بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ وتزويد حلفائها وشركائها ببدائل اقتصادية، إلا عن طريق الاتفاقيات التجارية مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ بالإضافة إلى تعزيز شبكة “المحاور” لاتفاقيات التجارة الحرة المتمركزة في جميع أنحاء البلاد، وقد يكون هناك أيضاً مجال للتعاون بين الولايات المتحدة والصين، ولكن يبدو أن الاحتمال الأكبر الذي لا يقبل الشك هو ازدياد المنافسة العلنية والمكثفة بين هاتين القوتين العظميين.

المصدر: Eastasiaforum

آخر الأخبار
الرئيس الشرع والبطريرك يازجي ..وحدة السوريين صمام الأمان أمام محاولات التقسيم والتفكيك  "العدل" : عدم فك احتباس الحفارات التي تقوم بحفر آبار  بدون ترخيص   الشيباني مع المحافظين : الاستفادة من الدعم الدولي بما يخدم الأولويات المحلية   الرئيس الشرع يستقبل البطريرك يوحنا العاشر يازجي وتأكيد على الدور الوطني        انفجار المزة ناجم عن عبوة ناسفة مزروعة بداخل سيارة مركونة  المجتمع الأهلي يجهز بئر مياه كويا بدرعا  تحديات بالجملة أمام عودة أكثر من 2,3 مليون سوري عادوا لديارهم  ارتفاع الدولار وحرائق الساحل تنعكس على الأسعار في الأسواق  ريادة الأعمال في قلب التغيير.. النساء دعامة المجتمع خفايا  ثوب الانفصال!   حملة تنظيف لشوارع الصنمين بعد 15 يوماً على تخصيص رقم خاص للشكاوى.. مواطنون لـ"الثورة": عزز الثقة بعمل مديريات محافظة دمشق بسبب الضياع المائي .. شح في مياه الشرب بدرعا معرض دمشق الدولي .. منصة شاملة تجمع التجارة بالصناعة والثقافة عودة بئر "دير بعلبة" للعمل شهر على اختطاف حمزة العمارين.. قلق متصاعد ومطالبات بالكشف عن مصيره الفرق تواصل السيطرة على آخر بؤر حرائق كسب بريف اللاذقية دراسة إعفاء الشاحنات ومركبات النقل من الرسوم  وتفعيل مركز انطلاق السيارات السورية مع لبنان السويداء بين شعارات "حق تقرير المصير" وخطر الارتماء في الحضن الإسرائيلي "معاً نبني سوريتنا" .. لقاء حواري يعيد رسم ملامح التكاتف المجتمعي في سوريا