أول الكلام .. الأمُّ السيِّدة

 

الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:

عندما نفكّرُ بجوهرِ الكلماتِ ومعانيها، وما هو أصلُها، يعني أننا نُمعنُ النظر جيداً، إلى الهدفِ الأساس من كلِّ كلمة، وكلِّ اسم.
ففي الآرامية، لغة بلادِ الشَّام القديمة، كان السَّيد يسمّى «مار» أو «المر»، ويضاف إلى الاسمِ للتعظيم، فنقول مثلاً: «مار جرجس». أي السيد جرجس. أيضاً، «مار إلياس» و«مار مارون» وغيرها من الأسماء.
مؤنّث «المر» هو «المرا»، وتعني السيدة، وكانت ماري وماريا، اسمين لنفسِ الصفة. صفة السيادة، ومريام أيضاً، وقد أصبحت تُلفظ وتُكتب مع مرورِ الزمن الأبجدي، بـ «مريم»، واليمُّ هو البحر، أي إن معنى الاسم، «سيدة البحر». أتت اللغة العربية، وأضافت الهمزة على ألف «المرا»، ملحقة بالتاءِ المربوطة، فأصبحت: المرأة، وهذا لا يغيّر في المعنى الجوهري الأساس للاسم، فمازالت المرأة تعني السيدة.
فإذا كان الرجل يوصف بسيِّد البيت، فالمرأة توصف أيضاً بسيِّدة البيت. الرجل الأب، والمرأة الأم.. الأب السيّد، والأم السيِّدة.
إنها لعبة الجواهر الداخلية للأسماء والحروف والكلمات، وها هو آذار يخلعُ على الشِّتاءِ بُردة الأخضر، فيتفتَّح الربيع بعيِّد السيِّدة الأم، أو الأم السيِّدة.
ولمّا كانت الأمُّ الأولى تسمَّى «نمُّو» وهي مرتبطة بالأرض، بل من أوائل أسمائها، كانت المرأة الأم هي أرضٌ خصبةٌ للرجلِ ولأبنائها، ومنها اشتقَّت الأم الكبرى-الأرض.
أتذكّر في العام الماضي، وقفت سيّدة أمام البرلمان الأوروبي، في عيدِ الأم، رافعة لافتةً كُتب عليها: «أيها الرجل أنا لستُ من ضلعكَ، بل أنتَ من رحِمي».. كم كانت عبارتها جميلة ومعبِّرة وواقعية، عبّرت عن الحقيقة التي أراد الرجل أن يطمسها.
إنها صاحبة الرحم الذي يمنح الحياة. ذاك الكأس المقدسة عبر الدياناتِ القديمة، حيث كان الرجل للصَّيد والأعمال العضلية الشَّاقة، والمرأة للبيت والحقل. تزرع وتحصد وتُطعم أبناءها، وتنظّم الحياة الأسرية في عصرٍ عُرف بالعصرِ الأمومي.
إن قوّة المرأة في أمومتها، وقوّتها في عشقها، هي قوّة العاطفة وقوّة العاصفة. هي الأم التي لولاها ما قامت للرجلِ «قاف» القائمة، فكلّ عامٍ والمرأة الأم، سيِّدة الحياة وفصولها الأريعة.

mayhoubh@gmail.com

التاريخ: الثلاثاء23-3-2021

رقم العدد :1038

 

آخر الأخبار
  "اختيارك بصمتك" .. مبادرة ترسم الطريق لطلاب بيت ياشوط   الاستثمار في طاقات الشباب ..هدف مجدٍ لتحقيق النهوض "أوتشا" تدعو لدعم سوريا وتُحذّر من توقف المساعدات مطلع2026  جنبلاط يدعو إلى علاقات ندّية بين سوريا ولبنان وطيّ صفحة الماضي وزير الطاقة يكشف تجاوزات بمليارات الليرات في قطاع المياه  جسر الرستن بين الخراب والأمل.. متى سيعود ليربط شرايين الحياة؟ أغلى لاعبي كلاسيكو الأرض إنزال أول كابل بحري دولي يربط سوريا  بالعالم  سوريا تعزز موقعها الاستثماري في "مبادرة مستقبل الاستثمار 2025" بالرياض   الدواء السوري يعود إلى الواجهة   دعم منظومة مياه الشرب في بصرى الشام بدرعا   مسؤول أممي: إعمار سوريا ضرورة لاستقرار المنطقة الذهب والمعادن الثمينة.. فرصة لتعميق التعاون بين سوريا وأذربيجان أول سفير تركي في دمشق منذ 2012 ..ترسيخ للعلاقات والتعاون الاستراتيجي بمشاركة 50 صناعياً.. انطلاق معرض خان الحرير للألبسة الرجالية في حلب بحث تعزيز التعاون بين جامعة حلب ومنظمة "إيكاردا" و "السورية للبريد" هاكان فيدان يعيّن نُوح يلماز سفيراً لتركيا في سوريا "المؤتمر الطبي الأوروبي العربي الأول".. شراكة للعلم والحياة قطر وباكستان تجددان دعمهما لوحدة وسيادة سوريا الأمم المتحدة: 300 ألف لاجئ سوري عادوا من لبنان إلى وطنهم منذ مطلع 2025