ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم:
وصلت الاستنتاجات إلى خواتيمها، والمبعوث الأممي يصنف أوراقه ويعيد ترتيب حقائبه، في وقت ترتسم فيه معالم المؤتمر الدولي افتراضياً أكثر منها واقعياً، رغم اليقين والقناعة بأن ما كان يعترضه لا يزال هو ذاته مع متغير في حجمه وشكله،
لكنه يتمترس في بعض حوانبه نوعياً عبر لغة الإرهاب دعماً وتمويلاً وتمسكاً بالدفاع عن التواصل معه سياسياً وإعلامياً.
وفيما تتفاعل قضية الاستنتاجات على المستوى السياسي والإعلامي، فإن ما يجري وراء الكواليس يأخذ أبعاداً ربما مغايرة في بعض جوانبها، ولا تعكس الأجواء التي أملتها القضية من بوابة استصعاب التسليم بتلك الخلاصات فكان لا بد من توزيع للأدوار.. العقدة إقليمية والضمانة غربية لحين التوصل إلى تفاهمات تؤجلها باعتبارها متسرعة وغير مقنعة، ولا طائل من الأخذ بها على محمل الجد وفق مقارباتهم!!
فالأجواء الدولية التي بدت أكثر تفهماً لمحددات انعقاد المؤتمر الدولي، وأقرت قبل غيرها بأولوية تلك المحددات في ضبط النوازع التي تتحكم بتوجهات المصالح وتضارباتها القائمة، فإنها على المستوى الإقليمي لا تبدو كذلك، ولا هي على أرض الواقع، في مفارقة لم تعهدها الأجواء الإقليمية منذ عقود خلت، حيث اعتادت أن تساير الأجواء الدولية وأن تتقمص انعكاساتها على الأرض، وقد تكون سابقة لها في بعض الأحيان.
هذه المفارقة تستمد حضورها ووجودها من عاملين اثنين، الأول ناتج عن تبدلات جوهرية في بنية النظام العالمي أفضت إلى حدوث خلل واضح في إفرازاته الإقليمية، والثاني يتعلق بحسابات جزئية تتلمّس استمرارية وجودها من خلال التمسك بمعادلات الأحادية القطبية، ورسم مواقفها وخطواتها بناء على تلك الاعتبارات في رفض مسبق لنتائج أي تبدلات، وهي التي تعتقد أن وجودها المحلي والإقليمي مرتبط ببقاء تلك الأحادية.
هذا الأمر قد يعطي تفسيراً جزئياً لرفض السعودية، وتمسكها بهذا الرفض في كل ما يجري من متغيرات، بدءاً من رفض المؤتمر الدولي والامتناع عن تحديد موعد للمبعوث الأممي، وصولاً إلى تمسكها أيضاً باستمرار دعم الإرهابيين والإقرار العلني بذلك في سابقة سياسية لم تعهدها المنطقة ولا العالم.
لكنه قد لا يكفي لتغطية بقية الجوانب المتعلقة بالاستطالات المرضية الناتجة عن هذا الموقف، وهي التي تحاكي في الظل أطرافاً أخرى لا تزال تتوازع موضع قدميها على الضفتين، وبعضها بانتظار الفصل النهائي وبعضها من خلال مواقف لا تعكس حقيقة ممارساتها ولا سياسياتها على أرض الواقع، مثل تركيا التي يمكن الاستدلال على استمرارها في الموقف ذاته من خلال قياس رتم تعاطيها مع الإرهابيين، والتسهيلات المقدمة التي لم تتعرض لأي متغير عملي.
وفيما تميل بقية العُقد الدولية نحو الحلحلة، سياسياً وإعلامياً وواقعياً، تتجه العقد الناتجة عن موقف السعودية وتركيا إلى مزيد من التعقيد مع الإضافات الناتجة عن رفض مسبق لكل ما يترتب على ذلك بمختلف الاتجاهات، ما يدفع إلى الاعتقاد أن المبعوث الأممي الذي جال على دول المنطقة بعيدها وقريبها.. المؤثرة مباشرة أو تلك التي اكتفت بدورها غير المباشر.. التي تعتمد سياسة المراجعة لمواقفها أو تلك المترددة في ذلك، يجد نفسه أمام المقاربة ذاتها التي حالت في الماضي دون أن يتمكن من تقديم محاكاة مقنعة للمجتمع الدولي، حيث يصطدم اليوم بالعُقد الإقليمية الناتجة عن رفض السعودية – وتركيا معها- وقف دعم الإرهاب.
ومع تصاعد حدة العُقد الإقليمية مقابل تلاشٍ نسبي لكثير من قريناتها الدولية، تبدو المقارنة طبيعية والحديث المباشر أكثر من ضروري، وجوهره وقف دعم الإرهاب والضغط على الدول الممولة والحاضنة من أجل وقف تواصلها مع تنظيماته، ورعايتها سياسياً وإعلامياً وميدانياً، وبدايتها من فك خيوط ترابط موقفها مع الموقف الغربي الذي لا يزال يشكل حاضنة لتلك المواقف الإقليمية، وربما ذريعة جديدة لتعطيل المؤتمر الدولي، وإفشال الجهود المبذولة على قاعدة أنه لا يزال في الجعبة بعضاً من أوراق لم تستخدم، حيث العُقد إقليمية والضمانة غربية..!!
a.ka667@yahoo.com