الإبراهيمي ..التواءات اللغة وتعرجات الدبلوماسية

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم:

ربما انتظر الكثيرون أن يبنوا على ما قاله الإبراهيمي في ختام جولته في دمشق، وبعضهم لم يخفِ أمنياته بإمكانية الاستدلال على مؤشر يمكن الأخذ به من الكلام الكثير الذي قاله،
لكن ما وجد الإبراهيمي فيه مؤشراً على مواعيد زمنية قادمة قد تحددها بضعة أسابيع، يرى فيه أخرون معطيات غير كافية للجزم، وبعضهم لا يخفي هواجسه من تسرع في غير موضعه، خصوصاً بعد مواربته في تسمية الكثير من الأشياء بمسمياتها.‏

فالحديث عن المنعطف الخطير والذروة التي وصلت إليها الأزمة، لا يتلاقى بأي حال من الأحوال مع منطوق الحرص والدعوات الوجاهية التي لا تقبل الصرف ولا التحويل في بنوك الإرهاب ولا مصارف الممولين والراعين والحاضنين، وكثير من الساكتين على ما تفعله تلك الدول والقوى والتنظيمات.‏

وبالقدر ذاته يصبح الحديث عن الجمع بين نيات تتقاذفها إرادات كاذبة ووهمية، وبين خبايا تفرج عنها مقاربات تفشي ما بقي في الجعبة من احتمالات مسكوت عنها أو عليها، امراً مطروحاً في سياق التعمية وحالة الاستلاب التي تروج لها مقولة ان الجميع مع الحل السياسي، وهي الكذبة المعمول بها على مدار أشهر طويلة، إذ يصعب على منطق عاقل أن يتقبل أن السعودية مثلاً مع الحل السياسي، وهي التي تجاهر برفضه وتجاهر بدعمها للإرهاب، وأن ما تمارسه حكومة العدالة والتنمية من دعم وتنسيق مع التنظيمات الإرهابية يستهدف الوصول إلى حل سياسي، وان ما تنسق بشأنه بعض الدول الإقليمية مع الاستخبارات الأميركية والغربية عموماً يأتي في إطار دعم الحل السياسي.‏

بين قدومه إلى دمشق ومغادرته لها وصولا إلى بيروت تبدلت لغة الإبراهيمي، وهناك من رصد تغيراً في الكثير من مفرداتها، حتى وهو في دمشق بين لقاء وآخر، وربما بين طرف وآخر، ولا أحد يستبعد أيضاً أن يتحدث بعد مغادرته للمنطقة بلغة مختلفة، أو وهو في المنطقة كما حصل في بيروت.‏

ما أخطأ فيه في دمشق لم يستطع تصويبه في بيروت، وما تعجل في إطلاقه هنا من أحكام كرره ولو ببعض التغيير هناك، وما توارى به في دمشق أمام الأضواء، أضاف عليه في بيروت خارجها وبعيداً عن عدسات الكاميرات.‏

وإذا كان للبعض أن يحكم على تصريحاته ومواقفه، فإن الفارق الذي كان يعوّل عليه في البداية يكاد يتبخر قبل النهاية، بعد أن أفاض في المؤشرات المتعارضة التي يحملها في سياق توجهه، حيث لغة التفاؤل التي تعلو وتيرتها حيناً ومنطق التشاؤم الذي يسيطر معظم الأحيان، يدفع بالمسافة الفاصلة إلى أن تتسع وتكبر وبالمسار الذي يتحرك عبره إلى الالتواء والتعرج، مما يزيد من المتاعب التي تعترض مهمة المبعوث الأممي.‏

ولا تقتصر المتاعب على اللغة الملتوية للمبعوث الأممي حسب المكان والتوقيت والظرف، بل أيضاً التراكمات والإضافات التي تفيض على تعرجاته التي يحملها خارج مهمته، سواء أكانت في الأجندات التي يعيد طرحها أم في الرسائل التي يريد إيصالها، حيث يخوض أحيانا في قضايا خارج اختصاصه ومهمته، وفي أحيانٍ أخرى يتعمد تجاهل ما هو في صلب مهمته، وفي مقدمتها تحديد الدول المعرقلة والرافضة للحل السياسي، ودور الجماعات التكفيرية والإرهابية وآلية مواجهتها وآلية التعاطي مع الدول الداعمة والراعية لها.‏

لن نخوض في التفاصيل التي أسهب في شرحها والتوليفة التي أراد تسويقها، لأن المسألة لا تتعلق برؤية تتعدل وفق المناخ، وأحياناً حسب المزاج العام أو الشخصي، بقدر ما تعكس رؤية أطراف وقوى دولية تملي وجودها في أجنداته الخاصة، بعيداً عن مقتضيات المهمة ودورها وحدود المسموح فيها، ولم يتردد في كثير من الأحيان في تبنيها والعمل بمقتضاها، لكن هذا لا يغير في واقع الحال من منطوق الفهم الدقيق لأبعاد الإضافات التي يصر على تسويقها، والتي تعكس رغبة شخصية أبعد من المساحة التي تحكمها الأدوار التمهيدية.‏

على هذا الأساس لا يمكن التعويل على مؤشرات تصدرها قراءات خاطئة ومغلوطة، ولا يمكن الرهان على متغير ناتج عن جملة تبدلات أساسية لا تزال تعمل على وقع دبلوماسية الرسائل غير المكتوبة أو المكتوبة وفق معيار الأجندات المحمولة مسبقاً، وتلحق بها في السياق ذاته حسابات ومعادلات تنطلق من فرضية تسجيل مواقف سياسية كتعويض عن الفشل في تسويق الرسائل المكلف بها من كثير من الأطراف التي تبحث عن مزيد من العصي.‏

a.ka667@yahoo.com ‏
 

آخر الأخبار
"ذاكرة اعتقال"..  حلب تُحيي ذاكرة السجون وتستحضر وجع المعتقلين "صندوق التنمية السوري".. خطوة مباركة لنهوض سوريا على كل الصعد من الجباية إلى الشراكة.. إصلاح ضريبي يفتح باب التحول الاقتصادي فضيحة الشهادات الجامعية المزورة.. انعكاسات مدوية على مستقبل التعليم   أزمة إدارية ومالية.. محافظ السويداء يوضح بشفافية ملابسات تأخير صرف الرواتب "صندوق التنمية السوري".. إرادة وطن تُترجم إلى فعل حين تُزوّر الشهادة الجامعية.. أي مستقبل نرجو؟ جامعة خاصة تمنح شهادات مزورة لمتنفذين وتجار مخدرات  وزير الاقتصاد: ما تحقق في"دمشق الدولي" بداية جديدة من العمل الجاد "اتحاد غرف التجارة الأردنية" يبحث تطوير التعاون التجاري في درعا تفعيل دور  الكوادر الصحية بالقنيطرة في التوعية المجتمعية "المرصد السوري لحقوق الإنسان" يقطع رأس الحقيقة ويعلقه على حبال التضليل حملة فبركات ممنهجة تستهدف مؤسسات الدولة السورية.. روايات زائفة ومحاولات لإثارة الفتنة مع اقتراب العام الدراسي الجديد...  شكاوى بدرعا من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية  برامج تدريبية جديدة في قطاع السياحة والفندقة إلغاء "قيصر".. بين تبدل أولويات واشنطن وإعادة التموضع في الشرق الأوسط دعم مصر لسوريا..  رفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية  تطوير التشريعات والقوانين لتنفيذ اتفاقيات معرض دمشق الدولي أزمة المياه تتجاوز حدود سوريا لتشكل تحدياً إقليمياً وأمنياً "كهرباء القنيطرة": الحفاظ على جاهزية الشبكة واستقرار التغذية للمشتركين جهود لإعادة تأهيل مستشفيي المليحة وكفربطنا