الثورة – ثورة زينية :
في تطور خطير يعكس هشاشة منظومة التعليم العالي الخاصة في سوريا في ايام النظام البائد كشفت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عن فضيحة فساد من العيار الثقيل تتمثل بمنح شهادات جامعية مزورة استناداً إلى أوراق امتحانية مزيفة لأشخاص ذوي نفوذ وأبناء متنفذين وحتى متورطين في قضايا مخدرات.
هذا الكشف لم يعد مجرد ملف فساد تعليمي، بل صار إدانة صريحة لانهيار منظومة القيم والممارسات المهنية داخل قطاع حيوي وأساسي لبناء مستقبل الوطن.
أكثر من مجرد تزوير
إنها ليست قضية تزوير تقليدية بل نموذج صارخ لفساد ممنهج مسكوت عنه، يعكس خرقاً أمنياً واجتماعياً خطيراً فالشهادة الجامعية ليست مجرد وثيقة رسمية، بل ركيزة أساسية لثقة المجتمع في مؤسساته وقاعدة صلبة لكفاءة سوق العمل والوظائف، فما تم كشفه هو انهيار مريع لمعايير العدالة الأكاديمية ونزع لمصداقية مؤسسات التعليم العالي، وهو أمر لا يمكن تجاوزه أو التهاون معه.
ضرب الثقة بالمؤسسة التعليمية
الخبير الأكاديمي الدكتور رامز المصري أكد لصحيفة الثورة ان هذا الكشف سيؤدي لا محالة إلى تراجع حاد في ثقة الطلاب وأولياء الأمور وحتى الشركاء الدوليين ببعض الجامعات الخاصة السورية ما يهدد بكساد هذا القطاع الحيوي ويدفع نحو هجرة علمية أو البحث عن بدائل خارجيةالأمر الذي يضاعف تحديات تطوير القدرات الوطنية، مشيرا إلى أن الحجز الاحتياطي على أموال مالكي الجامعة بقيمة تزيد على مليار ليرة يعكس حجم الأضرار المالية والاقتصادية الناتجة عن الفساد حيث إن أموالا طائلة ضاعت نتيجة تسجيل طلاب وهميين ومنح شهادات بلا أساس علمي وهو هدر يمس الاقتصاد الوطني وينهك موارد الدولة والمجتمع.
واضاف: مع تداخل السياسة والاقتصاد والفساد داخل التعليم تتعرض القيم الأخلاقية التي يجب أن تبنى عليها المجتمعات للتآكل ويترسخ في أذهان الشباب والطلاب أن التفوق الحقيقي لا يتعدى الواسطة والرشوة، ما يهدد الروح الوطنية ويقوض أي جهود إصلاح أو تطوير.
نقطة تحول
واعتبر الدكتور المصري هذه الفضيحة بأنها تمثل نقطة تحول أو فرصة لا تعوض لإعادة بناء منظومة التعليم العالي الخاص وعلى الجهات المعنية وخاصة وزارة التعليم العالي والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش أن تتخذ إجراءات عاجلة وحاسمة تشمل: تفعيل رقابة دورية صارمة وشفافية على الجامعات الخاصة عبر لجان مستقلة وموثوقة ومراجعة واعتماد أنظمة إلكترونية موحدة للقبول والامتحانات والشهادات لضمان الحد من التلاعب والفساد، إضافة لإطلاق حملات توعية وطنية لتعزيز ثقافة النزاهة والشفافية في التعليم مع تفعيل آليات العقاب القانوني بشكل رادع ضد كل من تسول له نفسه المساس بسمعة العلم والتعليم ، منوها بأنه لعل الرسالة الأهم أنه لن تكون هناك ثقة في شهادة جامعية سورية ما لم تكن نابعة من اجتهاد علمي وأكاديمي حقيقي، وملتزمة بالقيم الوطنية والمهنية.
كلمة المحرر:
التعليم هو الاستثمار الأثمن لأي دولة ولا يمكن القبول بأن يتحول إلى سوق للفساد والمحسوبيات.
وفي النهاية على القائمين على التعليم أن يدركوا أن مواجهة الفساد لا يمكن أن تكون جزءا من اللعبة بل هي شرط أساسي لاستعادة الثقة وبناء مستقبل أفضل لأجيال قادمة تستحق تعليما نزيها وعادلا.