الثورة – مها يوسف :
لم يكن الإعلان عن “صندوق التنمية السوري” حدثاً عابراً، بل محطة فارقة تحمل رسائل عميقة عن حاضر البلاد ومستقبلها. فكانت الانطلاقة ليكون منارةً جديدة في مسار العمل التنموي المستدام، وخطوة استراتيجية نحو التعافي والبناء.
معانٍ كثيرة
محافظ طرطوس أحمد الشامي أكد أن قيمة الصندوق لا تكمن في كونه مجرد وسيلة لجمع الأموال، بل في المعاني والرسائل التي يوجهها إلى الداخل والخارج، فالمعنى الأول هو أن مسؤولية إعادة البناء والنهوض بسوريا تقع على عاتق السوريين أنفسهم قبل أي دعم خارجي. و المعنى الثاني للصندوق هو رسالة للعالم أجمع بأن سوريا بواقعها الجديد تمتلك الإرادة والرغبة للنهوض بعد سنوات الحرب، وهذه الإرادة تجسدها اليوم قيادة قوية تخطط وترسم وتوجّه، وشعب يقف خلفها داعماً ومسانداً.
أما البُعد الثالث، كما يشير المحافظ، فيتمثل في أن الصندوق بصيغته المستدامة سيساهم في دعم البنى التحتية وتهيئة البيئة الاستثمارية، ما يفتح المجال واسعاً أمام المشاريع في مختلف القطاعات، وينعكس بشكل مباشر على تحسين الوضع الاقتصادي وحياة المواطنين.
ويختم الشامي حديثه: إن المعاني كثيرة ولا يمكن حصرها، لكن الأهم أننا نرى السوريين اليوم يقفون مع وطنهم بإخلاص، يقدمون أموالهم وعزيمتهم، وكل واحد منهم يضع نصب عينيه سوريا المستقبل بمدارسها ومستشفياتها وخدماتها التي سينعم بها الجميع.
رمز للتضامن الوطني
في السياق ذاته، كان لرجل الأعمال محيي الدين خالد طعمة رؤية مكمّلة، إذ اعتبر إطلاق الصندوق خطوة استراتيجية طال انتظارها، فالصندوق ليس مشروعاً مالياً فقط، بل رمز للتضامن الوطني، ووسيلة لفتح الباب أمام أبناء المجتمع المحلي للمشاركة الفاعلة في صناعة سوريا الجديدة.
يتابع : لقد قررت التبرع للصندوق من إيماني بأن التنمية ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل واجب جماعي، يتطلب تكاتف الجميع، فلا يليق بنا أن نقف متفرجين على معاناة وطننا.
منصة لتوجيه الاستثمارات
وشدد على أن الصندوق ليس مجرد آلية لجمع التبرعات، بل منصة لتوجيه الاستثمارات نحو مشاريع حيوية في قطاعات الزراعة والصناعة والتعليم والبنية التحتية، وهو أداة لإعادة الإعمار من القاعدة إلى القمة، من القرى إلى المدن، ومن الإنسان إلى المؤسسة. مضيفاً: إن ما نحتاجه اليوم هو اقتصاد متين قائم على الإنتاج المحلي والابتكار وتمكين الشباب، بعيداً عن الاتكال على المساعدات.
ووجه طعمة نداءً إلى رجال الأعمال السوريين في الداخل والخارج، وأنه آن الأوان لإعادة رسم ملامح الاقتصاد السوري على أسس جديدة بعيداً عن المركزية، وبالاعتماد على المبادرات المجتمعية التي أثبتت قدرتها على الصمود والتجدد، فكل ليرة تُستثمر اليوم في هذا الصندوق، ليست مجرد رقم، بل لبنة في جدار وطن يُبنى من جديد، بأيدي أبنائه، وإن صندوق التنمية السوري رهان على الإرادة وتجسيد لفكرة أن السوريين قرروا أن يكونوا بناة وطنهم لا شهوداً على معاناته.