الثورة- علا محمد:
في خبرٍ صادم، كشفت هيئة الرقابة والتفتيش عن تزوير شهادات جامعية في إحدى الجامعات الخاصة إبان النظام البائد، منحت لأشخاص متنفذين وأبناء متنفذين وحتى تجار مخدرات وعددهم أربعة عشر طالباً، في وقتٍ كان آلاف الطلاب يكدحون للحصول على درجاتهم بعرق الجبين.
قد يبدو للبعض أن المسألة مجرد قضية فساد إداري كبقية القضايا، لكن الحقيقة أعمق بكثير، فتزوير الشهادات يعني ببساطة سرقة المستقبل، والخريج الحقيقي الذي تعب وسهر قد يجد نفسه منافَساً على وظيفة من قبل شخص يحمل شهادة بلا جهد أو علم، والمؤسسة التي توظف المزور تُهدد كفاءتها وإنتاجيتها، لنصل إلى مجتمعٍ يدفع الثمن في ثقة مفقودة واقتصاد هش.
التقرير أشار إلى مخالفات مالية في أعداد الطلاب بلغت 1,448,000,000 ليرة سورية (مليار وأربعمائةٌ وثمانيةٌ وأربعونَ مليونَ ليرةٍ سورية) سيتم وفق مطالب هيئة الرقابة بالحجز عليها، لكن الخسارة الأعمق هي انهيار قيمة الشهادة نفسها، إذ كيف يمكن لجامعة تمنح شهادات مزورة أن تظل مصدر ثقة؟ وكيف يمكن لبلد يسعى لإعادة بناء مؤسساته أن يسمح بتحويل التعليم إلى سلعة تُباع وتُشترى؟
اليوم، وبعد هذه الفضيحة أصبحت الكرة في ملعب وزارة التعليم العالي، فهل ستكتفي بالإجراءات القانونية والمالية؟ أم ستذهب أبعد من ذلك، إلى مراجعة شهادات سابقة، وتشديد الرقابة على الجامعات الخاصة، وفرض آليات شفافة تضمن أن من يحمل شهادة جامعية في سوريا هو بالفعل أهلٌ لها؟
القضية ليست أرقاماً ولا ملفات قضائية فقط، إنها قضية أجيال، وقضية وطن يحاول أن ينهض من جديد.