الثورة أون لاين – أيمن الحرفي:
للأطفال جاذبية لا تقاوم، تكاد تكون ساحرة تحرك مشاعر الكبار بلهفة وشغف وتجذبهم نحو الصغار، هذا العالم المليء بالبراءة والنقاء والعذوبة، فالطفل بحاجة لأن يحب ويُحب كما قال فيكتور هيجو: “إن أسمى سعادة في الحياة هي في التيقن من أننا محبوبون فالرغبة الباطنية عند الإنسان في أن يحب ويحب قوية جداً” فالمحبة ضرورة قصوى لنمو الطفل السليم و لبناء شخصيته مستقبلاً، يقول المفكر “جورج سانتايانا”: إننا نعرض أولادنا لأخطار شتى إذا حرمناهم محبتنا. و ديقول تشارلز ديكنز: “أحب هؤلاء الصغار، وليس بالأمر اليسير أن يحبونا هم أيضاً و هم قد جاؤوا إلينا حديثاً من عند الله”.
لقد حدد علماء النفس وخبراء بناء الشخصية بأن ذكاء الطفل يرتبط بعوامل الوراثة. لكن الدراسات والبحوث الحديثة أثبتت أن الظروف الأسرية المحيطة بالطفل تلعب دوراً هاماً في تنمية ذكائه و العكس صحيح. فأساليب التربية السلبية التي تعتمد على القهر و الإهمال توقف مستوى ذكاء الطفل، وفي دراسة أجريت في القاهرة و شملت ٣٠٠ طفل تتراوح أعمارهم بين ٨ و ١٠ سنوات تبين للباحثين أن إحساس الطفل بحب و حنان والديه و رعايتهما له وحرصهما على تشجيعه وتقبل أخطائه ومعالجتها يؤدي إلى نمو ذكائه وارتفاع قدراته مقارنة بقرينه الذي يعيش في ظروف أخرى من السلبية حيث يمارس الأبوان القهر والعنف معه و لا يقدمان الرعاية والاهتمام به. مؤيداً ذلك قول د. جان مكنزي: “لا خلاف في أن إبداء المحبة وتلقيها يعطيان المرء شعوراً بالانتماء ما يوفر له إحساساً بالاطمئنان و هو أمر ضروري لامتلاك الثقة و من دون الثقة لا تقوى على مواجهة الحياة”. و تختلف القدرات العقلية و المهارات من طفل لآخر تبعاً للظروف البيئية التي يعيش فيها الطفل لذلك يجب أن نعرف أننا مسؤولون عن نمو ذكاء أطفالنا و عن مفهومهم للذات باعتبار أن الأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى التي ينشأ بها الطفل و يتأثر بها و فيها تزداد ثقته بنفسه أو يصبح شخصية مهزوزة.. تقول حنان و هي أرملة شهيد وأم لطفل يتيم: “بعد أن فقدت زوجي وأصبحت معيلة و مسؤولة عن طفل بلا أب اتخذت قراري بأن أكون الأب والأم معاً وأن أسعى لتربية طفلي أفضل تربية بأحسن أسلوب ألا وهو الحب المغلف بالثقة المرتكز على تحمل المسؤولية وبناء الشخصية كما كان والده يرغب و يحلم، و توالت السنوات وابني يكبر وينجح متألقاً واثقاً من نفسه متسلحاً بالعزيمة والإصرار لتحقيق ما يصبو إليه” د.. لذلك نقول إن الحرمان الذي قد يعيشه الطفل في أسرته و لا نقصد بالحرمان هنا من فقد أحد أبويه بالسفر أو الوفاة أو الطلاق و إنما هو الحرمان المعرفي كحرمانه من الوسائل التي تزيد نموه المعرفي كالسماح له بالتعبير عن رأيه وحرمانه من الاستماع إلى آرائه وحرمانه من متابعة دراسته ومن الأصدقاء هذا الحرمان الانفعالي يعني شعور الطفل بعدم المساواة بينه و بين إخوته و أقرانه.
يقول أحمد وهو أب لثلاثة أطفال: ( لقد عشت في كنف أسرة لأب متسلط وظالم و قد عاملني مع اخوتي و أمي بعنف و قسوة ما ولَّد لدي يأساً و احباطاً نقلته لأولادي و عائلتي و لكن تغير الحال بعد تعرفي إلى عائلة كانت تسكن قربنا ووجدت الحب و الألفة يغمران هذه العائلة وبالتالي السعادة و الاطمئنان عنوان حياتهم فتغيرت حياتنا و نمط سلوكنا شيئاً فشيئاً نحو الأفضل)، فالأطفال الذين يتمتعون بالحب يبدون رغبة في محبة الناس و يسعون لنشر المحبة فمن يحصل على الحب يرغب ان يعطيه و يستشعره بين جوانحه متفاعلاً بين اخذ و عطاء و من خلال هذا يتعلم الإيثار في التعامل و التضحية للآخرين و هذا يهيئ له مجال التكيف مع من حوله، وبالحب يزداد قدرة و حيوية على العطاء و تنمو شخصيته و تتعزز ثقته بنفسه و يزداد احترامه للخير و الإنسان و القيم و النظام.
وفي هذا الاطار ينصح الدكتور ( ديفيد غودمان) الأب و الأم قائلاً: ” لا تقل للطفل البتة (أحبك إذا )و لا تقل له (أحبك و لكن )، بل قل فقط ( أنا أحبك ) وأنت تعني ما تقول مؤيداً القول بالتربيت و العناق و الاعتناء و المواساة و المرح و الضحك و بكل ما يحتاج إليه الطفل كي يتأكد من دون أدنى شك أنه محبوب”.