الثورة – ميساء السليمان:
افتتحت الوحدة الإرشادية في بلدة حجيرة بريف دمشق المعرض التسويقي للمنتجات الغذائية واليدوية، في مبنى الوحدة الإرشادية وسط حضور واسع من الأهالي والمهتمين.. في خطوة تهدف إلى دعم الأسر المنتجة وتعزيز دور الصناعات المحلية،
جاء المعرض ليشكل منصة لعرض منتجات متميزة صنعت بأيادٍ محلية، مجسداً روح التعاون المجتمعي والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، وفتح آفاق تسويقية جديدة للمشاركين.. وقد تنوعت المعروضات بين منتجات غذائية تقليدية ومشغولات يدوية تعكس التراث السوري الأصيل، مما أضفى على الفعالية طابعاً تراثياً واقتصادياً في آن واحد.
مؤسسات داعمة
أوضح القائمون على تنظيم المعرض أن هذه الفعالية جاءت في إطار دعم وتمكين الأسر المنتجة، وفتح نافذة تسويقية جديدة لأصحاب المشاريع الصغيرة في بلدة حجيرة والمناطق المجاورة.
وفي تصريح لصحيفة الثورة، أوضحت المهندسة آمنة ضيا أن تنظيم المعرض جاء استجابة لحاجة فعلية لدى النساء الريفيات لعرض وتسويق منتجاتهن اليدوية والغذائية، مشيرةً إلى أن المنطقة تزخر بالطاقات النسائية القادرة على الإنتاج والعمل اليدوي، ولاسيما في مجال تصنيع المواد الغذائية من مكونات محلية متوفرة.
وأضافت: “بعد مشاركتنا في معرض أُقيم ضمن مديرية الزراعة بدمشق وريفها، راودتنا فكرة إقامة معرض مماثل في بلدتنا، لما نملكه من إمكانيات بشرية ومجتمعية تؤهلنا لتنظيم حدث كهذا، وعرضنا الفكرة على عدد من المؤسسات التي تُعنى بدعم النساء الريفيات، إلى جانب أفراد من المجتمع المحلي، فلاقينا تجاوباً كبيراً ودعماً ملحوظاً.”
وأشارت إلى أن المعرض أقيم بدعم من مديرية الزراعة، وبإشراف كل من الدكتور زيد أبو عساف، والمهندس أحمد شحادة، والدكتور جهاد المحمد، وهم من أبرز الداعمين.
كما شاركت في المعرض عدة مؤسسات، من بينها “مؤسسة نوى لدعم الفقراء” و”مؤسسة الصراط التعليمية”، وتضم هاتان المؤسستان نساء، إلى جانب سيدات من المجتمع المحلي في حجيرة والقرى التابعة لها، وهي: سبينة، صهيا، يلدا، حوش صهيا، نجها، وخربة الورد.
وتنوّعت المعروضات بين المنتجات الغذائية والمشغولات اليدوية، مثل الأجبان والألبان، المكدوس، دبس الرمان، عصير الحصرم، وزيت الزيتون، والمربيات والعسل، والمخللات، كما تشمل إكسسوارات، وحقائب، ودمى، ومفارش طاولات، ومنتجات تجميلية طبيعية، حيث حرصت المشاركات على تقديم مواد طبيعية مصنّعة منزلياً بجودة عالية.
ونوّهت إلى أن الهدف الأساسي من المعرض هو إيجاد آلية فعالة لتسويق هذه المنتجات، إذ تعاني معظم الورشات المنزلية من ضعف في تصريف الإنتاج، الأمر الذي يحدّ من قدرتها على التوسع.
وقالت:”تعمدنا حصر المشاركة في المعرض على أصحاب المشاريع الصغيرة والحرفيات، من دون السماح للمعامل الكبرى، لضمان إبراز المنتج المحلي ودعمه بعيداً عن المنافسة التجارية.”
وفيما يتعلق بالإقبال، أكدت أن المعرض شهد حضوراً واسعاً منذ يومه الأول، حيث زاره عدد كبير من أبناء المجتمع المحلي، إضافة إلى وفود رسمية من محافظة ريف دمشق، واتحاد الفلاحين، والجمعية الفلاحية.. كما قدم التسهيلات اللازمة والدعم للمعرض.
وختمت تصريحها بالقول: “نحن بحاجة إلى دعم مادي لتأمين المواد الأولية، فالكثير من الورشات لا تستطيع التوسع في إنتاجها بسبب محدودية الموارد، كما أننا نطمح إلى دعم إعلامي يساعد في تسويق منتجاتنا بشكل أوسع.. فهدفنا لم يكن البيع بحد ذاته، بل إيصال صورة المنتج المحلي الطبيعي إلى المجتمع، وقد التزمنا بتحديد الأسعار بسعر التكلفة فقط، كما نأمل بتخصيص مكان دائم لعرض هذه المنتجات على مدار العام، يكون مجهزاً بثلاجات لحفظ المواد الغذائية، ومزوّداً بالكهرباء بشكل مستقر، لضمان استمرار تسويق هذه المنتجات بطريقة منظمة وآمنة.”
تجربة جديدة
من جانبه، أشار رئيس دائرة زراعة داريا المهندس فراس الأسعد، إلى أهمية الاستمرارية لجهة هكذا المعارض، قائلاً: “حظينا بتعاون من الجمعية الفلاحية، والبلدية، وعدد من الزملاء في المديرية. ورغم غياب دعم المنظمات الدولية حتى الآن، إلا أن انطلاقة المعرض كانت مشجعة، خاصة أن هذه التجربة تُعد جديدة على المجتمع.”
وأوضح أن أبرز الصعوبات تمثلت في غياب الكهرباء، ما أثّر على حفظ المنتجات الغذائية، مشيراً إلى أن نجاح التجربة يدفعهم للتفكير بإقامة نسخة قادمة من المعرض في بلدة عقربا.
رئيس الجمعية الفلاحية في حجيرة محمود حلاوة، ثمّن هذا الجهد المجتمعي، قائلاً:”المعرض يُعدّ خطوة مهمة لتعزيز ثقافة الإنتاج المنزلي والزراعي، ودعم المرأة الريفية في تسويق منتجاتها. لاحظنا مستوى جيداً من التنظيم، وتنوعاً في المنتجات يعكس جدية المشاركين والتزامهم بالمعايير الصحية والجودة.”
تجارب المشارِكات
عضو جمعية نوى للأشغال اليدوية غفران الشامي، قالت: “بدأت مشروعي في مجال الأشغال اليدوية وتصميم الإكسسوارات بدافع الدعم الاجتماعي، وحرصت منذ البداية على إنشاء ورشات صغيرة لتدريب النساء، وخاصة الأرامل، بهدف تأمين فرص عمل حقيقية لهن، كنت أعمل على توفير المواد الأولية والمدربات، لتمكين النساء والفتيات الصغيرات وتشجيعهن على العمل والإنتاج.”
وأوضحت أن هذه هي تجربتها الثانية في المعارض، ووصفت المعرض بأنه “تجربة ناجحة بكل المقاييس”، مؤكدة أنها لاحظت إقبالاً واسعاً من الزوار على منتجاتها، وهو ما شكّل حافزاً قوياً لها لتوسيع نطاق عملها في المستقبل.
المهندسة رحاب، صاحبة مشروع المواد التجميلية الطبيعية، أكدت أنها بدأت مشروعها باستخدام مواد أولية طبيعية لصناعة العطور والصابون الطبيعي، ومع الوقت عملت على تطويره وتوسيعه، مضيفة: قمتُ بإدخال جهاز تقطير لاستخلاص ماء الورد الطبيعي المُخصص للعناية بالبشرة، كما بدأت بإنتاج سيرومات معالجة للوجه تعتمد على تركيبات طبيعية مدروسة بدقة، من حيث المكونات والنِسب، لضمان الفعالية والأمان.”
شعارنا الجودة
سناء إبراهيم، صاحبة مشروع لإنتاج المواد الغذائية المنزلية، لفتت إلى أنها تعتمد في عملها على مكونات طبيعية 100 بالمئة وطرق تقليدية متوارثة، أسوة بالكثير من النساء الريفيات في المنطقة.
وأضافت: “نقوم في منازلنا بصناعة الأجبان والألبان والمكدوس، وزيت الزيتون، وعصير الحصرم، ودبس الرمان، وحتى الكاتشب، مع الالتزام التام بمعايير النظافة والجودة العالية”.
صحيفة “الثورة” رصدت انطباعات الزائرين حول المعرض، حيث قالت أم محمود، من سكان حجيرة: “المعرض رائع جداً ، وأعجبني تنوع المنتجات، خصوصاً المربيات والصابون الطبيعي. كل شيء مصنوع بإتقان.”
أما أبو عبدو، من أهالي سبينة، فأشاد بالفكرة قائلاً: “نحن بحاجة لهكذا فعاليات تعرض منتجات البلدة وتشجع النساء على الإنتاج ولاسيما أن الأسعار مناسبة والجودة ممتازة.”
يشكّل هذا المعرض خطوة أولى في مسار طويل نحو تمكين النساء المنتجِات في ريف دمشق، ودعم المشاريع الصغيرة التي تشكّل ركيزة أساسية في الاقتصاد المحلي، ومع المطالب المتكررة بتوفير أماكن عرض دائمة وتوسيع دائرة الدعم، يبقى الأمل معقوداً على استمرارية هذه المبادرات واحتضانها بشكل مستدام من الجهات الرسمية والمجتمعية على حدّ سواء.