الثورة أون لاين – ريم صالح:
إذا ما نظرنا بعين المتابع، وإذا ما استعرضنا وبدقة متناهية كل ما جرى طوال سنوات الحرب العدوانية على سورية، ووقفنا عند كل ما صدر من تصريحات لسياسيي الغرب العدوانيين، من أميركيين وأوروبيين وصهاينة وأتراك، فإن ذلك يقودنا إلى الوصول إلى حقيقة مفادها أن هذه المؤامرة وجدت أساساً للنيل من الدولة السورية وتدمير مؤسساتها وإخراجها من معادلة الصراع في المنطقة.
فمنظومة العدوان كانت تخطط لنسف كل منجزات هذه الدولة، دون أن ننسى طبعاُ الأهداف الأخرى الموضوعة على الأجندات الاستعمارية، وفي مقدمتها نهب وسرقة ثروات وموارد السوريين، ومقدراتهم، وتحويل سورية من دولة مقاومة وممانعة لكل مشاريع الهيمنة والاستعمار إلى دولة فاشلة، وما عليها بالتالي سوى أن تنفذ ما يملى عليها من وراء البحار والمحيطات.
وارتباطاً بذلك فإن نظام الإرهاب الأمريكي لم يرسل جنوده المحتلين، ولم يقم قواعده غير الشرعية على الأراضي السورية، ولم يشكل تحالفه الهوليودي الاستعراضي لما يسمى محاربة الإرهاب كرمى عيون السوريين كما يدعي، أو من أجل ما يزعم أنه حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة، بل إنه فضح نفسه بنفسه، وأعلن على الملأ عن السبب الحقيقي لوجوده على أراضينا، وكان ذلك على لسان رئيس نظام البلطجة الأمريكية السابق دونالد ترامب، عندما قال إن القوات الأمريكية موجودة في سورية من أجل المنشآت النفطية، وأنه يتوقع جني ملايين الدولارات من الاستيلاء على النفط السوري والحبوب المخزنة في محافظات الحسكة، ودير الزور، والرقة!.
مكانة سورية اقتصادياً، وموقعها الريادي قبل الحرب ليس مجرد كلام، وإنما حقيقة يعرفها القاصي والداني، ولكنها تراجعت كثيراً بسبب الحرب الإرهابية المفتعلة، وتداعياتها، والعقوبات الأمريكية والغربية الجائرة، فقد كانت سورية قبل الحرب العدوانية تنتج معظم حاجاتها وأغذيتها، وأدويتها، وألبستها، وتصدر الفائض منها إلى العديد من دول العالم، وكان الإنتاج السوري من النفط يغطي نسبة جيدة من السوق المحلية، ويصدر الفائض، كما كانت سورية من بين البلدان الخمسة الأولى في العالم بإنتاج القطن، وتربية الأغنام، والأبقار، أما إنتاجها من الحبوب فوصل في بعض السنوات إلى أكثر من خمسة ملايين طن سنوياً، أي ما يزيد على حاجة السوق المحلية في معظم السنوات.
الرغبة الأمريكية بتدمير سورية وتخريب مقومات صمودها لم تقف فقط عند حدود الصناعة، إنما أيضاً طال استهدافها الجسور، والطرق، والخطوط الحديدية، حيث تم تدمير معظمها، أو تفكيها، وبيعها كخردة، كما لحق الدمار بمحطات الكهرباء، وخطوط الغاز والنفط، ووفق العديد من المراجع فإن سورية كانت قبلة لملايين السياح سنوياً، بسبب رخص منتجاتها وجودة صناعاتها الاستهلاكية وعراقة تاريخها وكرم أهلها.
التفوق، والمكانة المرموقة، والاكتفاء الذاتي الذي حققته سورية في المجال الاقتصادي على الصعيد المحلي، والعربي، والعالمي إذاً، أثار جنون معسكر المعتدين، باعتبار أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة سيادية واحدة، والقوي بالسياسة هو بالمجمل قوي بالاقتصاد، ويعتمد على عجلة إنتاج رائدة ومكاسب زراعية وصناعية وتجارية وفيرة، لذلك وبعد أن عجز الواهمون عن تحقيق أطماعهم وأجنداتهم عبر شعاراتهم الزائفة، وعبر مفخخاتهم الميدانية، لجؤوا إلى سلاحهم الاقتصادي القذر من حصار جائر وسن ما يسمى قانون “قيصر” وتدمير الصناعة، والزراعة، وقطاع الصحة، والتعليم، وصولاً إلى فرض سلسلة غير متناهية من العقوبات القسرية الجائرة، وغير الشرعية، وابتزاز السوريين ومساومتهم بسلاح التجويع، ورغم ذلك فإن السوريين لا زالوا صامدين بوجه من يحاربهم بقوت يومهم، وأدويتهم، وحليب صغارهم، وكلهم أمل بغدٍ أجمل.. غدٍ يسطره حماة الديار، يكون عنوانه الانتصار الحاسم، يوم توضع النقاط على الحروف، ويطرد الغزاة المارقون، وتُحرر الأرض من رجس الإرهابيين التكفيريين.