الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
فيما تواصل القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية مخططاتها ومساعيها الهادفة لإسكات صوت الحق والحقيقة بكل ما يتعلق بتفاصيل وتطورات الحرب الإرهابية الظالمة على سورية – إنزال القنوات الفضائية السورية عن قمر اليوتلسات جزء من هذا المخطط الخبيث – وتستمر في محاصرتها وضغطها على الإعلام الوطني السوري لمنعه من إيصال صوته إلى العالم وشرح حقيقة ما يجري على الأرض من جرائم وانتهاكات ترتكبها أميركا وحلفاؤها وأدواتها بحق الشعب السوري وبحق دولته التي تحارب الإرهاب التكفيري نيابة عن العالم، يفاجئنا الإعلام الغربي بوقاحة موصوفة وانحطاط غير مسبوق وانحدار منقطع النظير عندما يسخّر أقنيته الفضائية ووسائل إعلامه ومراسليه من أجل تبييض صفحات الإرهابيين الملطخة بالوحل والعار.
فطيلة سنوات عمر الحرب الإرهابية على سورية لم يتوقف الإعلام الغربي عن محاولاته لتشويه الحقائق على الأرض وتقديم صورة مغايرة عن الواقع لما يحدث في سورية، نافياً استهدافها من قبل الإرهاب العالمي، ومتحدثاً في نفس الوقت عما سماها “معارضة معتدلة” لا وجود لها، وعندما نجح الإعلام الوطني السوري بإظهار الحقيقة وفضح المخططات الأميركية والغربية التي كانت تقف خلف التنظيمات الإرهابية كداعش وجبهة النصرة وبقية الجماعات المتفرعة عنهما والملتحقة بهما، قدّم الغرب نفسه بكل وقاحة كمحارب للإرهاب، وحشد جيوشه واستخباراته وأدواته على نية محاربة الإرهاب في سورية، وهو الذي كان يجند ويمول ويدرب ويسلح وينقل كل إرهابيي العالم لزجهم في الحرب على سورية، ثم أنشأ تحالفاً مزعوماً لمحاربة داعش واستغله لتدمير البنية التحتية السورية وقتل الشعب السوري واحتلال جزء من أرضه، ولاحقاً استغله لسرقة ثروات ومقدرات الشعب السوري – كما تفعل أميركا وتركيا في الشمال السوري – والأغرب أنه يدعي أن سلوكه يخدم جهود الحل السياسي وفرص إنهاء الحرب الإرهابية.
اليوم ومع المقابلة التي أجراها مراسل موقع فرونت لاين الأميركي مارتن سميث مع متزعم جبهة النصرة الإرهابي “أبو محمد الجولاني”، يتضح أن الإعلام الغربي يحاول شرعنة الجماعات المسلحة التكفيرية المصنفة على قوائم الإرهاب العالمية وتقديمها للرأي العام العالمي كما لو أنها جماعات “معارضة معتدلة” مدافعة عن حقوق الإنسان وصاحبة مشروع وطني، وذلك من أجل الاستثمار فيها من جديد لتعطيل الحل السياسي في سورية، فعندما يُفتح المجال لهذا الإرهابي في وسائل الإعلام الغربية والتابعة لها كي يقدم نفسه “كثائر من أجل الحرية” وأن نشاطه العسكري يقتصر على محاربة الدولة السورية والدفاع عن المهجرين واللاجئين، دون أن يكون له أي نية أو رغبة لاستهداف الغرب ومعاداته، ثم يتحدث عن تقاطع مصالح بين تنظيمه وبين الولايات المتحدة، ويأتي السفير السابق لدى الإرهابيين في الشمال السوري جيمس جيفري، ليؤكد أن جبهة النصرة هي جزء أساسي من الاستراتيجية الأميركية في سورية والمنطقة، فهذا يشكل اعترافاً صريحاً بتطابق مصالح هذه الجماعة الإرهابية في سورية مع مصالح الدول الغربية التي تعادي الشعب السوري، ولا سيما أن هذه التطورات تأتي في وقت شديد الحساسية من عمر الحرب على سورية، حيث لم يبق سوى جبهة واحدة للإرهابيين محصورة في محافظة إدلب، وبعض الجيوب الداعشية في البادية السورية ومناطق أخرى متفرقة، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على رغبة أميركا بإعادة تعويم وتبييض صفحة الإرهابيين – وخاصة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي – من أجل استخدامهم في مخططات تعطيل الحل السياسي، وإطالة عمر الحرب على سورية، على أمل تحصيل بعض المكاسب السياسية وفرض بعض الإملاءات والشروط التي تخدم الكيان الصهيوني الذي يعتبر صديقاً حميماً لجبهة النصرة بالتحديد وشريكاً أساسياً لكل التنظيمات الإرهابية الأخرى طوال فترة الحرب.
الكشف عن العلاقة بين أميركا و”جبهة النصرة” رغم تصنيفها كجماعة إرهابية، يؤكد مرة أخرى أن كل ما جرى في سورية هو مخطط تآمري هدفه النيل من سورية أرضاً وشعباً وحكومة وقيادة، وأن كل الشعارات التي يرفعها الغرب بخصوص الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية هي مجرد افتراءات وأكاذيب وأضاليل دحضها جيمس جيفري ودونالد ترامب وقبلهما باراك أوباما أنفسهم، واليوم تقدم إدارة بايدن من خلال استمرار حصارها للسوريين وتسييس ملف المساعدات الغذائية واستخدام المنظمات الدولية كمنصة للهجوم على سورية، دليلاً إضافياً على أن الإرهاب الذي عانت منه سورية كان جزءاً من الاستراتيجية الأميركية والغربية لتدمير سورية وتركيع شعبها وتفكيك محورها المقاوم خدمة للأجندة الصهيونية.