يُتهم البعض بالتطرف الفكري لمصلحة فكرة ما، وهو بريء من تحيزه المتشدد لها.. إلا أنه مقتنع بمعطياتها، إن كان معتقداً حزبياً ينتمي له ولفكره السياسي، أو ديناً تشرّبه فآمن به وألصق به أفكاره بحثاً وتطبيقاً، فحرية المعتقد متاحة للجميع.
ويبقى العلم هو الرائز الأساس لركام أي فكر يمتلكه المرء بالفطرة، ويصقله بالبحث أو الاكتساب وفق منهج ما، وينميه مع ارتقاء سني الدراسة، وما يتبعه بالمزيد من المعارف والعلوم، هذا هو السبيل الصحيح لبناء إنسانية الإنسان، وبصمة شخصيته.
الإيمان بالقيم العالية المنزلة على الأديان السماوية، وتجارب وقراءات الإنسان تنمي حقائق ومدركات تحدث في حياته بوعي تام، بعيداً عن الزيف والتزلف، وتَرْسَخ في مكامن ذاكرته ونفسه، ومن يرمونها بالسوء يكون السوء في نفوسهم المريضة
المجهلِّون هم من حاولوا من خلال الجَهَلَةِ عنونة حياتنا بالقهر والدموع، عبر الموت الذي فُرض علينا بأشكال همجية.. من وكلاء حربِ؛ فرض الظالمون بها ظُلمة تنشب في الوعي واللاوعي، تدور في محاكمات ومماحكات المخزون الفكري..
وما بين المسلمات والبدهيات تتوضح ثوابت ورواسخ تنضج عبر الزمن، تعززها تجارب معرفية، بتراكمها يمكن أن تصبح منصات لتعديل وتغيير الكثير من أنماط الحياة، تُصقل بتكرار التجربة والقراءة، والمقارنة مع المعارف المستجدة.
فالإيمان ليس أمراً سطحياً، ولا فكراً ساذجاً، إنه رسوخ مبادئ، وصفوة تجارب وأنماط حياتية وفكرية، تقارع عدالة الأرض المفقودة، بسبب القهر والظلم لمصلحة المستفيدين، الإيمان رسوخ للمعتقدات التي تناهض قسوة البعض وتسلط آخرين؛ بقوة الدين أو السلطة التي يمتطي ظهرها من يحاولون تمييز أنفسهم عن الغير.
وهم من يولّوْن /وكأنه لم يولَّ / لأجل خدمة العامة. فينصبون شباكاً عنكبوتية، تحت مسمى/مصطلح/ لحوار فكريّ ما؛ يكون ما خفي خلف أكمته ظلمٌ واتهامٌ وتحيز، ليدّعي طارح الفكرة أنه صاحب الأحقية في حمل راية عقيدته، باتهام الآخر بالظلم.
ولأنه صاحب فكر يطرح غاية رفع الظلم، فهو المنزه في رأيه عن نفسه، مكفّراً الآخر أو ناعتاً إياه بالتطرف الفكري.. وأنه هو صاحب العفة والصلاح والآخرون فاسدون.. وقد يكون غارقاً في الفساد، وطرحه مهاترات.. هي ورقة توت لا أكثر..
كم من الحبر والمداد نحتاج لنكتب على أوراق بعدد أوراق الشجر، مظالم الناس، وسرقة فرحهم، وممارسة اللصوصية على بسمات أطفالهم، وابتزاز عقول الشباب، والمراوغة على أمنياتهم وأحلامهم، والمتاجرة بدم الشهداء.. وقنص حق الشرفاء..
كيف الخلاص من جبروت من على الأرض، وصولاً لملكوت السماء، إن لم يأت الموت ليكون لحظة الفصل والخلاص، كيف للنفوس الفياضة بالعنفوان والصدق؛ وهي المظلومة.. أن تصبو إلى ما تريد، والفساد والقهر والجهل والظلم يحيق بها.
كيف لنا ترسيخ العلم وتوسيع مكامن المعارف، والعقول منغلقة على أقفالها.. ما أتفه المعتقدات التي تقيس نبوغ المرء بالعلامات المدرسية.. التي قهرها أديسون -البليد- حسب تقييم معلمته، وبيتهوفن الأصم.. وبشار بن برد الكفيف.. تنوع الذكاءات يحقق ملحمة النهوض، وقيامة سورية ستكون على ذكاء أبنائها، مهما كانت العوائق
إضاءات- شهناز صبحي فاكوش