الثورة أون لاين- منهل إبراهيم:
مرة أخرى فنلندا مستعدة لاستضافة لقاء محتمل بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن .. ولا ندري عما إذا كان بإمكان فنلندا معاودة عرض هلسنكي أو مدينة فنلندية أخرى كمكان لعقد اللقاء.
ومع استماتت واشنطن بشخص بايدن وشوقها إلى اللقاء قالت فلندا إن العرض المذكور جرى قبل وقت معين وليس أثناء المحادثات التي أجراها بوتين وبايدن عبر الهاتف أمس.
هلسنكي منصة للقاء وهذه المرة قد تكون حصان طروادة جديد للإيقاع بروسيا وللتذكير.. ففي تموز 2018 عقدت في هلسنكي القمة الروسية الأميركية التي جرت ضمنها المحادثات بين بوتين والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.. كما استضافت هلسنكي في السابق أكثر من مرة محادثات روسية أميركية حول الحد من التسلح.
ولعل الفارق الأساسي بين سلوك روسيا والولايات المتحدة الأمريكية على الساحة الدولية هو رغبة روسيا دائماً في إيجاد حلول وسط تأخذ في الاعتبار مصالح الطرف الآخر والأطراف الدولية الأخرى التي تلعب على الساحة بفاعلية.
موسكو تسعى لإقناع واشنطن باستحالة الحلول العسكرية وحتمية وأهمية الجلوس إلى طاولة النقاش والمحادثات كخطوة متقدمة في الوصول إلى حلول.. لكن في كل مرة تقوم واشنطن بدك بناء أي حلول تلوح في الأفق.
مكالمة بايدن مع بوتين ليست إلا مناورة لتقطيع الوقت وتقليص الهوة التي نجمت عن وقاحة بايدن تجاه بوتين .. بمعنى أن الهدف من المكالمة قد يكون تكتيكياً من أجل الحفاظ على إمكانية الحوار والقدرة على إدارة الصراع دون تغيير الخط الاستراتيجي لزيادة المواجهة مع روسيا.
وقد تكون دعوة بايدن للقاء مجرد محاولة لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي أيضاً ليظهر للعالم يده الممدودة للقاء والحوار دون الرغبة في التوصل لحلول حقيقية .. فقط الحوار من أجل الحوار .. هذا إن جرى اللقاء بالفعل على أرض الواقع.
الولايات المتحدة الأميركية في الحقيقة ليس لديها رغبة في التوصل إلى اتفاقيات مفصلية وطويلة الأمد مع روسيا.. فلم يتغير شيء في الآونة الأخيرة لإقناع النخبة الأميركية بأن روسيا ليست “محطة وقود بها صواريخ”
مسار واشنطن في السعي نحو بث الفوضى في روسيا لم يتغير.. والغرض من الدعوة للحديث والحوار ليس سوى دعاية أو تكتيك في أحسن الأحوال… وهذا رأي النخبة السياسية في موسكو وربما من يتابع الأحداث بدقة يلمح اللعب على الحبال الذي تمارسه واشنطن.
بوتين قد يقبل أو يرفض الاجتماع.. فهو رجل سياسة محنك ولن ينسى على كل حال الإهانة التي تلفظ بها بايدن تجاهه .. وعلى واشنطن والغرب الذي تقوده أن يدركوا ضرورة التفاوض والحوار مع روسيا على الفور ضماناً للاستقرار والسلم الدوليين بعيداً عن الفوضى والحروب والقلاقل.