«نصير شورى».. مكرَّماً في مئويّته الأولى

 

الملحق الثقافي:الهام سلطان :

ضمن احتفاءِ الموسم الثالث لأيامِ الفنِّ التشكيليِّ السوريِّ، وبمناسبة مرورِ مئة سنة على ولادة الفنان «نصير شورى»، أصدر الناقد التشكيليّ «سعد القاسم» كتاب «مئوية شورى – 1920- 2020»، وهو من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب.
على الغلاف الأول: نصير شورى في المرسم ١٩٥٤ المتحف الوطني بدمشق، وعلى الغلاف الأخير: بورتريه لـ «نصير شورى»، بقلم: «محمود حماد».
يُعتبر الفنان «نصير شورى»، أحد أهم الاسماء في الحياة التشكيلية السورية، وقد انتهج درب «ميشيل كرشة» رائد الاتِّجاه الانطباعي في الفن التشكيليّ السوريّ، ثم كان بدوره رائداً في أسلوبٍ واتِّجاهٍ جديد، عمَّق الهوية المحلّية من خلال الالتقاط البارع للمناخ اللونيّ، للخصوصية البيئية، وما لبث أن وجّه ذلك المناخ نحو شكلٍ من التجريد، أو الواقعية الاختزالية، ليرتبط هذا الأسلوب باسمه.
ولد في دمشق عام ١٩٢٠، فكانت مناظر دمشق الساحرة هي أبجدية ذاكرته الفنية التشكيليّة، وقد ظهرت موهبته الفنية المحبّة للرسم في سنٍّ مبكرة، وكان والده من أوائل صيادلة دمشق، افتتح في مطلع حيّ المهاجرين صيدلية باسمه، ولا تزال قائمة في المنطقة التي تحمل اليوم اسم شورى، وكان خاله هو العلامة المؤرخ «محمد كرد علي» مؤسس المجمع العلمي العربي بدمشق.
تأسَّس أول تجمّع فنيّ سوريّ عام 1930 في سوق ساروجة، وشارك في تأسيسه، رائد التشكيل السوريّ «توفيق طارق». لكن، لم يشارك فيه «شورى» لصغر سنه.. فيما بعد، شارك في كل التجمُّعات الفنيّة التي بدأت بالظهور منذ أواخر الثلاثينات، وشارك في معرضٍ هامٍ في كلية الحقوق، مع مجموعة من الفنانين السوريين والعالميين.
منذ بداية عمله الفنيّ، جمعته صداقة عميقة مع الفنان «محمود حماد»، وقد شاركا معاً في تأسيس مرسم «فيرونيز» في دمشق، مع عدد من الفنانين من بينهم محمود جلال، وميشيل كرشة، ورشاد قصيباتي، وعبد الوهاب أبو السعود، وربما كان هذا التجمع التشكيلي، هو الأول في تاريخ الحركة التشكيلية السورية.
«فيرونيز» هو الاسم الذي عُرف به فنان عصر النهضة، الإيطالي «باولو كالياري» (١٥٢٨- ١٥٨٨) وقد اعتبرت لوحاته التي اعتمدت على التأثير الشعريّ للألوان، نموذجاً لفنٍّ نسب إليه «الفن الفيروني».
في عام ١٩٤٢ انضمَّ «نصير شورى» إلى الجمعية العربية للفنون الجميلة التي ولدت من مرسم فيرونيز، وشارك في معارضٍ عدّة.. في العام التالي، سافر إلى إيطاليا لدراسة الفن، إلا أنه حوّل وجهته إلى القاهرة، لدراسة الفنّ في مدرسة الفنون الجميلة الملكية.
بعد تخرجه عام ١٩٤٧ عاد إلى دمشق، وعمل مدرِّساً في المدارس الثانوية، وفي دار المعلمات، كما افتتح مرسمه الخاص عام ١٩٤٨، مستقبلاً فيه المواهب الشّابة، والفنانين السوريين والأجانب.
ساهم في تأسيس المعهد العالي للفنون الجميلة في دمشق ١٩٦٠، وقد أصبح فيما بعد، وكيل كلّية الفنون الجميلة، ومُنح وسام الاستحقاق الرئاسي من الدرجة الأولى.
كان شغوفاً بتصوير مشاهد الطبيعة، بأسلوبٍ انطباعيّ، وتطورت تجربته من الواقعية الطبيعية، إلى التجريد الهندسيّ، ومن ثمَّ إلى الانطباعية، فالانطباعية التجريدية، وظلّ مرافقاً لها حتى آخر يوم في حياته.
هذه المعلومات، وردت في القسم الأول من الكتاب. السيرة الذاتية، البيئة التي ولد فيها، دراسته داخل وخارج سورية، حصوله على وسام الاستحقاق الرئاسي، لوحاته، المدارس الفنية التي ينتمي إليها…
أما القسم الثاني، فكان بعنوان: «نصير شورى.. بعيونِ الكتّاب والنقّاد والفنانين»، ومنهم الروائي «صدقي إسماعيل» الذي كتب أحد أقدم النصوص التي نُشرت عن «نصير شورى»، وهي مقالة صحفية نشرها عام 1950، مستعرضاً فيها تجربة «شورى» التي قارنها بتجارب عالمية .
من هؤلاء أيضاً، «سليم عادل عبد الحق»، المدير العام للآثار، ومؤسّس المعرض السنوي، نشر مقالة عن المعرض عام ١٩٥٠ تتحدث عن الفائزين بجوائزه، وكان «شورى» الفائز الثاني بهذه الجائزة.
أيضاً، كتب الشاعر «أدونيس» عن تجربة «شورى» مقالة نشرها ١٩٥٠ تحت عنوان «مع الفنان نصير شورى» تضمنت السيرة الذاتية لحياته، من لحظة ولادته وصولاً إلى كلّ أعماله ولوحاته ومدارسه.
أما الموسوعي «عفيف بهنسي»، فكان له قراءة شاملة عن الاتجاهات التشكيلية في الاقليم السوري ١٩٦٠، وعن تجربة «شورى» ومفهومه للفن، باعتبار الفن بنظره، تعبيراً عن جمال الطبيعة، وأيضاً عن تطوّر تجربته، حيث لم يستقرّ على أسلوبٍ فنيّ.
وعن تحوّل تجربة «شورى» نحو التجريد، كتب الفنان المبدع «نذير نبعة»، عن لوحاته، ومدارسه، ومناخه اللونيّ، وعن علاقته باللون والخطّ والمساحة، منوّهاً إلى أنه قد قدم كثيراً للحركة الفنية.
الناقد «صلاح الدين محمد» كتب عن منحِ «شورى» وسام الاستحقاق السوريّ من الدرجة الأولى، وكتب أيضاً، الفنان «محمود حماد» و»الياس زيات» و»طارق الشريف» و»غازي الخالدي» وغيرهم كُثر.
ننتقل إلى القسم الثالث والأخير من الكتاب، وقد تضمّن لوحات «نصير شورى».. بورتريه لنصير شورى، وطبيعة صامتة، ووجوه إنسانية تحمل الهمّ الإنساني، ولوحات متنوعة لقصر العظم، ومعلولا، ولوحات عن الحرف اليدوية من المتحف الوطني بدمشق، ولوحات للطبيعة، ولمناظرٍ من دمشق ولوحات تجريدية..
أخيراً نقول: الكتاب عبارة عن ذاكرة مهّمة للتشكيل السوريّ، يوثق لشخصيّةٍ فنيِّة رائدة في الفنِّ التشكيليّ، ولمجموعة من التشكيليين الرواد، التي لاتزال لوحاتهم حتى اليوم، أيقوناتُ الذاكرة الإنسانية الإبداعية، ومدرسة للأجيال القادمة.

التاريخ: الثلاثاء27-4-2021

رقم العدد :1043

 

آخر الأخبار
الرئيس الشرع.. الاستثمار بوابة الإعمار واستقرار سوريا خيار ثابت المولدة تحرم أهالي "الصفلية " من المياه.. ووعود ! مسؤول العلاقات العامةلحملة "الوفاء لإدلب" يوضح لـ" الثورة" موعد الانطلاقة وأهدافها الرئيس الشرع : سوريا لا تقبل القسمة ولن نتنازل عن ذرة تراب واحدة الرئيس الشرع  يطرح رؤيةً لعهد جديد: سوريا في مرحلة مفصلية عنوانها بناء الدولة بأغلبية ساحقة.. الجمعية العامة تتبنى إعلاناً حول حل الدولتين توافق دولي في مجلس الأمن على دعم التعاون السوري – الدولي لإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية اللجنة العليا للانتخابات: إغلاق باب الترشح وإعلان الأسماء الأولية قريباً الرئيس الشرع يستقبل الأدميرال تشارلز برادلي كوبر قائد القيادة المركزية الأمريكية دخول 31 شاحنة مساعدات إنسانية أردنية قطرية عبر مركز نصيب ترحيل القمامة والركام من شوارع طفس "التربية والتعليم": قبول شرطي للعائدين من الخارج وزيرة الشؤون الاجتماعية: مذكرة التفاهم مع الحبتور تستهدف ذوي الإعاقة وإصابات الحرب مهرجان «صنع في سوريا» في الزبداني… منصة لدعم المنتج المحلي وتخفيف الأعباء المعيشية خطوات صغيرة وأثر كبير.. أطفال المزة  ينشرون ثقافة النظافة محافظ حماة يفتتح "المضافة العربية" لتعزيز التواصل مع شيوخ القبائل   " التعاون الخليجي" يجدد إدانته للعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية  البرلمان الأوروبي يدين  منع "إسرائيل " المساعدات عن غزة ويدعو لفتح المعابر  تفاقم أزمة المواصلات في ريف القرداحة  منحة نفطية سعودية لسوريا… خطوة لتعزيز الاقتصاد والعلاقات الثنائية