التصادم بين شركاء الأمس

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم:

تزدحم حلبات السباق التي نشأت على عجل بمتسابقين امتهنوا ركوب الموجة، ولم تكد الأمم المتحدة تعلن عن موعد المؤتمر الدولي, حتى انهمكت أطراف إقليمية – في مقدمتها تركيا – وأوروبية على رأسها فرنسا,
في تسطير رسائل الحجز المسبق للمقاعد في قطار جنيف, على قاعدة الحسابات والمعادلات الافتراضية الناشئة التي تقتضي في الحد الأدنى تقديم مقاربة انعطافية في مضمونها وفي طريقتها.‏

على المقلب الموازي له تماماً والمفترق عنه، كان للسعودية وأسراب مرتزقتها مقاربة أخرى تبتعد بالتدريج عن مضمار سادتها ووكلائهم المستجدين، وفرّخت داخل الحلبات الناشئة متزاحمين مختلفين وأحياناً متناقضين، لكنهم اجتمعوا على المنحى ذاته، وبدت الفروق الظاهرية بينهم تتلاشى على حساب بروز التقاطعات الجوهرية، التي تمثل بالنسبة لهم هدفاً كان من الصعب الإفصاح عنه دون أن تسقط ورقة التوت الأخيرة.‏

ربما لم يكن مفاجئاً هذا الاصطفاف في كلا الاتجاهين، فقد كان محسوماً منذ البداية أن الكثيرين سيعتلون الموجة، في حين سيقف آخرون ليحشدوا آخر ما تفتقت عنه مفردات التصعيد الإعلامي والسياسي، دون أن يترددوا في ضخ ما يستطيعون من تحريض وتمويل وتدريب للمرتزقة والإرهابيين، في فرصة أخيرة يتم تداولها في الكثير من الأروقة الإعلامية والاستخباراتية.‏

وبالتالي أيضاً، لم يكن مستبعداً هذا التناحر القائم في المواقف الذي سيصل إلى حد التصادم بين مكونات الحلفاء بتدرج أدوارهم، وتعدد مسمياتهم، واختلاف توضعاتهم داخل حلبة التآمر السياسي أو الإعلامي والإرهابي، وهذا ما بدأت تباشيره بالبروز تباعاً وبتسارع يشي بأن المعركة القادمة ستتعدد فيها المحاور والاتجاهات وسيتحول الكثير من حلفاء الأمس إلى أعداء الغد، وأصدقاء الإرهاب الذين كانوا يتقاطرون إلى قاعات الفنادق والابتسامات العريضة تسبقهم، سيتبادلون الاتهامات وربما النظرات العدائية والاتهامية، وما يعجزون عنه بلسانهم لن يترددوا بالإفصاح عنه بأيديهم، وصولاً إلى فوهات بنادقهم التي ستتقاسم معهم تلك الحلبات التي يتزاحمون عليها، وقد بدؤوا فعلياً بتقاسم خنادق الجبهات التي تشتعل فيما بينهم.‏

بين هؤلاء وأولئك ثمة من لا يزال يعاني من الصدمة ويواجه الحيرة في الاتجاه الذي يريد التحرك نحوه أو من خلاله، وبالتالي يزداد ضياعاً بين هواجس الخوف من تدحرج الأحداث، وكوابيس العزلة والحصار من تداعياتها، حيث يصعب عليه الجمع، وفي الوقت ذاته غير قادر على الحسم في الخيارات، وبعضهم لا يزال يراهن على الوقت، حاله كحال الأميركي الذي دفع بالمؤتمر شهرين إضافيين كمهلة أخيرة ونهائية، وإن كانت قابلة للخرق مرة ثانية وثالثة.‏

اللافت أنه على الهوامش تنشأ حلبات إضافية طفيلية في الوقت بدل من الضائع، وهي مزيج من شركاء الأمس وخصوم اليوم وأعداء الغد، وتمارس هوايتها في اللغط والخلط، ولا تتردد في الزج المتعمد لقضايا خارج سياق أي تداول، وتبحث بين الأسطر عن أي كلمة يمكن من خلالها أن تصطاد بعض اللغط، وتستدرج تفسيرات لا معنى لها ولا أي دور.‏

والمفارقة أن مقاربات المهرولين ورؤية المؤججين لأتون الإرهاب لم تتغير، ولم يعدل المناخ الدولي المغاير وأجواء الانفراج فيه من مفرداتها، ولا من مصطلحاتها، وتعود إلى النفخ في القربة المثقوبة، وهي إذ تتيقن من عبثية ما تقوم به، تراهن على دور عرقلة إضافي يمكن من خلاله أن تماطل لبعض الوقت، في عملية تعود من خلالها إلى التقاطع في مواقفها.‏

فالزاحفون نحو حجز مقاعد لهم، وأولئك الباحثون عن مزيد من الرمال لدفن رؤوسهم فيها، أو هؤلاء الذين يزيدون من النفخ على جمر الإرهاب، يتقاسمون الحاجة لمزيد من الوقت لإطالة الأزمة، والرغبة في البحث عما يزيد من عرقلة المؤتمر وتأخير الحل السياسي.. توحّدهم المصالح في تعطيل الجهد الدولي، وتفرّقهم إلى حد القطيعة أي خطوات أو مؤشرات تنهي فصول أدوارهم في المشروع الغربي، وتسدل الستار على حقبة سجّلوا فيها بصمتهم بزرع الإرهاب وتفشيه، ليكون التحدي الأخطر والأصعب الذي تواجهه المنطقة والعالم.‏

a.ka667@yahoo.com ‏
 

آخر الأخبار
مشاريع صناعية تركية قيد البحث في مدينة حسياء الصناعية تطوير القطاع السياحي عبر إحياء الخط الحديدي الحجازي محافظ درعا يلتقي أعضاء لجنة الانتخابات الفرعية تجهيز بئر "الصفا" في المسيفرة بدرعا وتشغيله بالطاقة الشمسية توسيع العملية العسكرية في غزة.. إرباكات داخلية أم تصدير أزمات؟. "الذكاء الاصطناعي" .. وجه آخر  من حروب الهيمنة بين الصين و أميركا الجمعية السورية لرعاية السكريين.. خدمات ورعاية.. وأطفال مرضى ينتظرون الكفلاء مدارس الكسوة والمنصورة والمقيليبة بلا مقاعد ومياه وجوه الثورة السورية بين الألم والعطاء يطالبون بتثبيت المفصولين.. معلمو ريف حلب الشمالي يحتجّون على تأخر الرواتب تقصير واضح من البلديات.. أهالٍ من دمشق وريفها: لا صدى لمطالبنا بترحيل منتظم للقمامة ماذا لو أعيد فرض العقوبات الأممية على إيران؟ "زاجل" متوقف إلى زمن آجل..مشكلة النقل يوم الجمعة تُقّيد حركة المواطنين في إدلب وريفها الدولة على شاشة المواطن..هل يمكن أن يرقمن "نيسان 2026" ثقة غائبة؟ تعزيز الشراكة السورية- السعودية في إدارة الكوارث بين الآمال والتحديات.."التربية" بين تثبيت المعلمين وتطوير المناهج "العودة إلى المدرسة".. مبادرة لتخفيف الأعباء ودعم ذوي الطلاب "بصمة فن" في جبلة.. صناعة وبيع الحرف اليدوية إسرائيل تبدأ هجوماً مكثفاً على غزة المشاريع السعودية في سوريا.. من الإغاثة الإنسانية إلى ترسيخ الحضور الإقليمي