أوجاع معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين..غياب المصادر والافتقارلوسـائل الايضــاح.. والمكتبــة الصوتيــة
ثورة أون لاين:
تعاني معاهد رعاية المعوقين نقصاً في الاحتياجات فضلاً عن غياب الخطط حيث تغيب السياسات والبرامج التي من شأنها ان تنهض بواقع هذه المعاهد مواكبة للجديد في ميدان التربية الخاصة،
هذا من جهة، ومن جهة اخرى تفتقد هذه المعاهد للكوادر المتخصصة والمؤهلة، ولعل معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين في محافظة دمشق يمثل أنموذجا.. فما هي المشكلات التي تعترض سير المعهد ؟.
لمحة عامة
أسس المعهد للعناية بالمكفوفين من عمر /7/ سنوات حتى /18/ سنة، ويطبق فيه نفس المنهاج الذي يدرس في المدارس الرسمية مع بعض المساعدات كاستخدام الآلة الكاتبة والألواح الخشبية أو المعدنية والأقلام والورق الخاص، كما يتم تسجيل المنهاج على أجهزة تسجيل ليتمكن الطالب من دراسته ومراجعة دروسه بواسطتها.
يضم المعهد /60/ طالبا وكان يتسع في الأعوام السابقة إلى /300/ طالب موزعين على مرحلتي التعليم الاساسي والثانوية العامة ونظراً لصعوبة تلقي المواد العلمية من قبل الكفيف كالهندسة والعلوم يقتصر التعليم في المرحلة الثانوية على الفرع الأدبي فقط وإلى جانب التعليم النظري يمكن أن يحول الطلاب الذين بلغ عمرهم /14/ سنة ولم ينجحوا بالمجال النظري إلى القسم المهني بعد سبر رغباتهم وامكانياتهم ليتم تدريبهم مدة سنتين ثم ينالون شهادة من وزارة الشؤون الاجتماعية تؤهلهم للعمل.
ويغلب في التعليم الطابع الفردي حيث يتواجد الأهل بشكل كبير خاصة في الصفوف الأولى كي يتمكنوا من متابعة التواصل مع الطالب وتعليمه بعد انتهاء دوام المعهد.
وفي المعهد قسم داخلي للطلاب القادمين من خارج دمشق حيث تؤمن لهم إقامة داخلية وتقدم لهم الوسائل اللازمة لمعيشتهم كما يوجد باصات تؤمنها «الشؤون الاجتماعية» فالتبعية الإدارية والمالية لها، أما وزارة التربية فهي تساعد بإكمال نصاب المدرسين بالاختصاصات التي يحتاجها المعهد.
ويشارك المعهد ببعض النشاطات في المراكز الثقافية والمهرجانات الخاصة بالمعوقين في مجالات الرسم والقصص والعروض المسرحية والأغاني اضافة الى مهرجانات طلائع البعث.
الطابعة
وبالعودة إلى المشكلات التي تعترض المعهد ولاسيما موضوع الطابعة بلغة (برايل) (الأحرف النافرة) وعدم استخدامها منذ أكثر من ثلاث سنوات؟ قالت منى السعود مديرة معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين: إن المعهد يدرس منهاج التربية وهو مطبوع بلغة برايل ففي الحلقة الأولى يستعمل الطلاب لوحات وقلما للكتابة أما الطالب في المرحلة الثانوية فهو بحاجة إلى آلة كاتبة بلغة برايل وهي أساسية بدل اللوحة ويستعملها لجميع المواد وقديماً كان في المعهد طابعة زنك كبيرة عمرها حوالي /50/ سنة ولكن بفعل القدم أصبحت تنعكس سلباً على الوضع الصحي للموظفين الذين يعملون عليها لذلك تم الاستغناء عنها.
وفي عام /2005/ وقع عقد شراكة بين الوزارة وجمعية «بنا» ينص على أن تسد الجمعية النقص في الاحتياجات الضرورية وتم تقديم طابعة جديدة للمعهد، وعندما حلت الجمعية عام/2011/ بقيت الطابعة على قيودها رغم أنها تحتل قاعة في المعهد، وقالت تمت مخاطبة الوزارة في آب الماضي بعدم وجود طابعة او كتب في المعهد، بينما العام الدراسي بات على الابواب مشيرة الى انه يوجد متبرعون يقدمون الكتب عن طريق وزارة الثقافة.
وقالت السعود يوجد في اتحاد جمعيات رعاية المكفوفين أكثر من آلة طابعة ونسعى من خلال الوزارة لاستعارة احداها مع الورق المخصص لكي نستطيع تأمين كتب طلابنا.
وليدة عام /2005/
أحمد فنيخر رئيس دائرة المعوقين بوزارة الشؤون الاجتماعية أشار الى ان مشكلة الطابعة وليدة عام /2005/ ولا يلغي مسؤولية الإدارة في المتابعة خاصة خلال العطلة الصيفية التي يفترض بإدارات المعاهد أن تكون تلك فترة تحضيرية لبدء عام دراسي جديد وتسليط الضوء على طبيعة العلاقة بين المعهد والجمعية تحكمها عقود شراكة تنظمها المرجعيات القانونية في الوزارة وقد عولج الموضوع من خلال الاستعانة بطابعة اتحاد جمعيات رعاية المكفوفين أي ان المسألة في طريق الحل.
البحث عن متبرعين
وبالنسبة لموضوع الكتب وعدم استلامها كاملة حتى هذا الوقت لفتت مديرة المعهد بأن مشكلة عدم وجود طابعة يؤثر على وجود الكتب وطلبنا من «تربية دمشق» توفير كتب مبصرين للطلاب لكن المديرية لم تستكمل النقص في مدارسها إلا بعد مضي شهر من الدوام ونعمل على تسليم بعض الطلاب كتب مبصرين ليستطيع الأهالي مساعدة أبنائهم كما نبحث عن متبرعين لتسجيل الكتب على أشرطة كاسيت لتسليمها للطلاب وهذا ما أدى لتذمر الأهالي من عدم وجود كتب (برايل).
وفيما يتعلق بالمدرسين والاستعانة بهم من ملاك التربية للتعامل مع المكفوفين وبلغة برايل حصراً ؟ علقت السعود: يوجد في المعهد حوالي /85% / من المدرسين مكفوفين وهم من ملاك الشؤون الاجتماعية وعندما نحتاج إلى مدرسين اختصاصيين لبعض المناهج غير المتوفرة في المعهد نطلب من تربية دمشق مما يوقعنا بفخ الروتين وهذا يأخذ وقتاً طويلاً لتأمين الاختصاص المطلوب.
الجديد المتجدد
وأما بشأن غير المختصين بتدريس المكفوفين تابعت السعود: لا ننكر ان مدرس «التربية» غير المؤهل للتعليم الخاص يجهل كيفية التعامل مع المعوق ونحن متفائلون بخريجي قسم التربية الخاصة ونتمنى أن تلحظ الخطط إلزام الالتحاق بمعهدنا مع العلم أن ملاكنا العددي ضيق ومحدود ونعاني مشكلة توسيع الملاك.
المواصلات
من جهة ثانية تعكس مشكلة المواصلات فشل مديرية الشؤون الإدارية على مدار سنوات.. وهذا ما أكده رئيس دائرة المعوقين فيما بينت مديرة المعهد وجود اربعة سرافيس وباص كبير بعضها مستأجر لكن لايوجد سائقون وقد انعكست الظروف الراهنة سلباً على وصول الطلاب بالوقت المحدد.
رئيس دائرة المعوقين اشار الى القرار /904/ لعام /2005/ بخصوص الأعمال التي يمكن للمعوقين ممارستها ومنهم المعوقين بصرياً حيث بدأت الوزارة فعلياً بالخطوة الأولى للانطلاق بقسم مهني حيث استصدرت (شهادة مهنية) يمنحها المعهد لطلبة القسم المهني فالغاية التشغيل ومن شروطه تلك الشهادة الغائبة وهي واردة ضمن شروط تعيين المعوقين في القرار /74/ الخاص باستخدام المعوقين لدى الجهات العامة وتحاول الوزارة حالياً رسم خريطة مهنية تتقاطع فيها الورش المهنية وسوق العمل.
برسم المرجعيات المختصة
مدير الخدمات في وزارة الشؤون الاجتماعية محمد فراس نبهان قال: حتى نستطيع تجاوز العقبات وضعت الاقتراحات الضرورية لتطوير الواقع المهني للمكفوفين وهي الطلب من الجهات المعنية توفير الحماية لصناعات المكفوفين وإعادة النظر في الصناعات التي يمارسها هؤلاء بما يتناسب مع الجدوى الاقتصادية والتقدم التكنولوجي والعمل على تطوير القوانين والتشريعات الخاصة بالمكفوفين بحيث تتلاءم مع أوضاعهم المعيشية ووضع خطة تدريبية تأهيلية وتوفير الدعم الكامل للمكفوفين وخاصة الاعفاءات الجمركية والضريبية للمواد التي تدخل في صناعاتهم مع استمرار الاتصالات على كافة الصعد بما يؤمن الاستفادة من تجارب هذه الدول وتبادل الخبرات معها.
وحول التعليمات الامتحانية وكيفية التعامل مع الطلبة المكفوفين من قبل مدرسين غير مختصين باللغات ولاسيما عند الامتحان أشار الطلبة لجملة معوقات منها أن المدرسين المتابعين بقراءة الأسئلة ولاسيما باللغات الاختصاصية غير مؤهلين مما ينعكس على الطالب المكفوف وتكون الإجوبة بحسب ما قرأ له الاستاذ المساعد وكذلك العمل على اعطاء وقت لهم أكثر من الطلاب العاديين بسبب إعاقتهم ؟
وأجابت مديرة المعهد بوجوب زيادة وقت امتحان المكفوفين ووزارة التربية تعرف حاجة المعوقين لوقت اطول ولقاعات امتحانية ووجود مدرسين اختصاصيين لجميع المواد وخاصة اللغات الانكليزية والفرنسية وكل طالب له مرافق أو مراقب مبصر ليكتب له المعلومات المطلوبة.
آليات التطوير
وعن رؤى الأختصاصيين حول عمل المعهد وآليات تطويره قالت لينا الكردي اختصاصية نفسية: من المفترض كمعهد للمكفوفين يعنى بالتربية الخاصة توافر ما يسمى بغرفة مصادر تشتمل أدوات تعليمية وترفيهية لكي يتم الاستفادة منها في مجال التعليم كونهم لا يستطيعون التعلم أو الدراسة كغيرهم من الأطفال العاديين وهم بحاجة إلى أسلوب تربية معين وتعامل خاص بما يتناسب مع حاجات وقدرات كل طفل بحيث يمكن استغلال هذه القدرات وتوظيفها بالشكل المناسب لكل منهم والاستفادة منها كتغذية راجعة لتوظيف الدافعية في التعلم للوصول بهم إلى أعلى مستوى تستطيعه قدراتهم.
خريطة لمسية
ومن المناسب جداً للطفل المعوق بصرياً التعامل معه بغض النظر عن اعاقته بمعنى توافر أي شيء يحتاجه فيما يتعلق بموضوع التعلم وخاصة الخرائط اللمسية هذا ما أشارت إليه الاختصاصية الاجتماعية مرام عمار أي تحويل الدرس إلى خريطة لمسية يكون الطفل قادرا من خلالها على التعامل بشكل مباشر مع الدرس وليس الاعتماد فقط على الحاسة السمعية التي من الممكن أن يتخللها نوع من الشرود الذهني عند الطالب وخصوصاً ان أغلب المعلمين لديهم إعاقة بصرية فكيف يمكن تجاوز هذا الأمر بالاعتماد على الحاسة السمعية فقط والتي أغلب الأساتذة يعتمدون عليها في موضوع التعليم.
بناء غير ملائم
بناء المعهد لا يختلف عن بناء المدرسة وحسب سريانة حجة «ماجستير تربية خاصة» التي اكدت انه من الضروري أن يكون البناء متكيفا مع الاعاقات البصرية المتدرجة لدينا وقد تصل إلى حد الكف التام في أغلب الحالات فوجود الزوايا والأعمدة في الممرات لا يتناسب مع الاعاقة وتسبب الأذى للمعوقين أثناء تنقلهم وخاصة مع وجود أطفال في الصف الأول الذين يتم التعامل معهم بمهارات التوجه والتنقل ليمتلكوا بعدها الخبرة ولو كانت بسيطة.
وقالت يجب أن تتوفر الامكانات التي تساعد على تنمية مواهب الطلاب المتميزين سواء بالرسم أو الكتابة أو النثر أو الموسيقا والغناء مع توفر أدوات موسيقية، وان المدرسين المختصين والصالات الرياضية المناسبة مع قدراتهم بهذا المجال.
عماد الدين حميد موجه من وزارة التربية يرى أنه يجب عدم تعيين أي معلم في معاهد المكفوفين إلا بعد خضوعه لدورة تدريبية على برنامج تأهيل بطرائق التدريس الخاصة بالمكفوفين نظراً لصعوبة التعامل مع هذه الفئة.
ربط الكفيف بالتكنولوجيا
أحمد الكيال مدرس بالمعهد يرى وجوب استبدال كافة وسائل وطرائق التدريس القديمة من خلال ادخال التكنولوجيا الحديثة تحدث عن الحاجة لتوسيع ملاك المعهد بما يساعد على تطوير وخدمة المكفوفين اشار مروان البابا «موجه إداري في المعهد» الى ضرورة اجراء دورات مستمرة للكادر الإداري والتدريسي حول الأساليب الجديدة المتبعة في الدول المتقدمة في مجال الاعاقة والسعي الحثيث لتدريب الكوادر التعليمية وخاصة المبصرين للتعرف على لغة برايل.
مجلس للمعوقين
هذا وقد علمت «الثورة» من مصادر الوزارة أن المجلس المركزي للمعوقين عقد اول اجتماع له بعد سنتين من الانقطاع حيث أبدت الوزيرة اهتماماً ملموساً بملف الإعاقة وفي تحريك الإدارات الراكدة منذ سنين ولاسيما في تأهيل المعوقين والشلل الدماغي والإعاقة الذهنية حسب تخصصات تتوافق وطبيعة العمل مع تلك المعاهد وفئاتها وقد تم تشكيل لجنة مصغرة لدراسة القوانين والتشريعات وعلى رأسها القانون /34/ لتعديله واثراء مواده بما ينسجم مع الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة التي صادقت عليها الوزارة بالمرسوم /12/ لعام 2009.
محمد عكروش عن صحيفة الثورة