الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
على وقع احتفالات أبناء شعبنا الصامد في سورية بانتخاب السيد الرئيس بشار الأسد لولاية رئاسية دستورية جديدة، وما يرمز إليه هذا الانتخاب وهذه الاحتفالات من تحدٍ بالغ الأهمية لقوى الإرهاب والعدوان التي أخرجت كل ما في جعبتها من مخططات وضغوط ومؤامرات لثني شعبنا عن المشاركة بهذا الاستحقاق الوطني المصيري والتعبير عن انتمائه الأصيل لهذا الوطن، تحلّ الذكرى السادسة والسبعين لملحمة الشرف والكرامة التي جسدها أبطال حامية البرلمان السوري من رجال الشرطة والدرك في التاسع والعشرين من أيار عام 1945 في وجه المستعمر الفرنسي الذي صب جام حقده وغضبه على مبنى البرلمان السوري وعلى مدينة دمشق بعد فشل قواته في إجبار هؤلاء الأبطال الميامين على تحية علم الانتداب أثناء إنزاله من على ساريته فوق مبنى الأركان الفرنسية المقابلة للبرلمان آنذاك، ليستشهد معظم أبطال الحامية في موقف بطولي نادر خلده التاريخ في صفحات ناصعة.
لقد قدم ثلة من أبناء شعبنا في ذلك اليوم الأغر صورة حية عن شعب يرفض الاحتلال والذل والهوان والخضوع، حين واجهوا ببسالة نادرة وبأسلحة بسيطة وبنادق متواضعة مصفحات ومدافع ورشاشات جيش دولة عظمى طاغية، في الوقت الذي قدمت فرنسا الدولة المستعمرة عبر جنودها المدججين بالغطرسة والسلاح أبشع الصور عن احترامها لإرادة الشعوب الحرة المدافعة عن كرامتها وحريتها واستقلالها، ليكون ذلك اليوم الوطني المشهود بداية النهاية للوجود الاحتلالي الفرنسي وجلائه من أرض سورية حيث لم يمض على تلك الملحمة سوى أقل من عام حتى خرج المحتل الفرنسي يجر أذيال الخيبة والعار والهزيمة، بعد أن قاومه أبناء شعبنا بلا هوادة طيلة ستة وعشرين عاماً منذ وطئت أقدامه تراب سورية في ميسلون حتى لحظة اندحاره.
اليوم نستعيد هذه الذكرى الغالية على قلوبنا كسوريين ولا سيما بعد أن قدم أبناء شعبنا أعظم التضحيات وأنبل وأكرم الشهداء في مواجهة حرب إرهابية عدوانية عالمية كانت فرنسا الدولة الاستعمارية، التي سبق لها أن اختبرت مقاومة شعبنا، أحد أطرافها الفاعلين عبر دعمها المباشر والمعلن للإرهاب التكفيري وعبر مشاركتها في العدوان المباشر على سورية في مناسبات عديدة إلى جانب رباعي الإرهاب الدولي أميركا وبريطانيا وتركيا والكيان الصهيوني المجرم، وفي وقت ما زالت فيه فرنسا تحاول التدخل في الشأن السوري الداخلي ومصادرة إرادة السوريين الذين يصنعون مستقبل بلادهم.
المواقف الصادرة عن النظام الفرنسي بشأن الانتخابات الرئاسية في سورية ومدى شرعيتها تكشف أن هذه الدولة ما زالت تحن إلى ماضيها الاستعماري البغيض، وأن كل شعارات الحرية واحترام إرادة الشعوب المستقلة التي تتذرع بها للتدخل في الشأن السوري لا تعدو كونها شعارات فارغة محكومة بأطماع وأوهام استعمارية تحاول تجديدها والعودة إليها دون طائل.
في كل الأحوال لقد أكد أبناء سورية من أحفاد حامية البرلمان ورجالات الاستقلال والثورات السورية المتلاحقة في وجه الاستعمار الفرنسي، أنهم أوفياء لدماء شهدائهم وتراب أرضهم المجبولة بهذه الدماء، وأنهم مخلصون في انتمائهم لوطنهم إلى أبعد حد يمكن تصوره، وما من قوة على وجه الأرض يمكن أن تفرض أو تملي عليهم شروطها، فهم الأدرى بمصالحهم ومصالح وطنهم، وما على الحكومة الفرنسية أو غيرها سوى أن تحترم إرادة السوريين، وأن تكف عن سياستها البلهاء التي تسيء للشعب الفرنسي قبل أن تسيء لبقية شعوب العالم الحرة، وتجعل منها جهة وقحة مستفزة منتهكة للقانون الدولي والشرعية الدولية، ولا تقيم وزناً للشعارات التي تتشدق بها وتروج لها.