والأملُ لا يبقى عند صاحبه دائماً، إذ يفلتُ من بين يديه في بعض المراحل وهو يكبر مع الأيام والسنين، ولكنه يبقى مُعلقاً بخيوطٍ غير أنها تبقى شديدة السخونة بينه وبين قلبه، يتنقل في دروبه من مكان إلى آخر، ويحتاج عندها إلى أيادٍ تمتدّ إليه لتعطيه دفعاً نحو الوصول والتحقق، وكي لا يبقى ثابتاً أو مراوحاً في المكان، ومن ثم يصير وكأنه متراجعاً إلى حدود التلاشي أحياناً.
نشهد اليوم انطلاقة طويلة عريضة نحو دروب الآمال من خلال توجّه طلاب سورية لخوض الامتحانات، وكلهم يحتضنون آمال النجاح، وبالتأكيد فإن منسوب النجاح المنتظر ونسبته لن تبتعد كثيراً عن حجم الجهد والعمل الذي بذله كل طالب، وبعد حينٍ قصير ستنتهي الامتحانات وتظهر النتائج لتعطي صورة الآمال التي رسمتها حقيقة أعمال كل طالب.
غالباً يكون وسطي نسبة النجاح بحدود 67% من كلا الشهادتين (الأساسي والثانوية) هذا يعني أن من بين 566566 طالباً قد ينجح هذا العام نحو 379599.22 طالباً، وغالباً ما يدخل بعد أربع سنوات ثلاثة أرباعهم إلى سوق العمل، أي بحدود 284699.415 شاباً وشابة، ومن الآن إلى أربع سنوات سيكون هناك ثلاث دفعات غيرهم سيدخلون تباعاً إلى سوق العمل أيضاً، غير أن الأعداد متدرّجة ولكن يمكن اعتبارها وسطياً بحدود 284 ألف شاب وشابة في كل سنة خلال السنوات الثلاث التي تسبق هذا الجيل الذي بدأ امتحاناته اليوم.
هذا يعني أنه خلال السنوات الأربع القادمة سيكون قد دخل إلى سوق العمل بحدود مليون و 136 ألف شاب وشابة فعلياً.
الموازنة العامة للدولة عادة ما ترصد أموالاً لإحداث نحو 50 ألف فرصة عملٍ جديدة في العام تقريباً، أكثر أو أقل، أي خلال السنوات الأربع القادمة من المفترض أن توفر الموازنات العامة للدولة بحدود 200 ألف فرصة عمل، ليبقى لدينا نحو 936000 شاب وشابة يبحثون عن عمل.. وطبعاً هذا غير المنهمكين في البحث اليوم.
هؤلاء هم الذين يفلتُ الأمل من بين أيديهم ليبقى معلقاً في قلوبهم بخيوطٍ ساخنة، فهم فعلوا كل ما يمكن أن يفعلوه، من عملٍ مبذول وجهودٍ مضنية حتى وصلوا إلى هنا محققين آمالهم بالنجاح، لتنتقل بعد ذلك تلك الآمال في دروبها من مكانٍ إلى آخر دون امتلاك القدرة الكافية للتحكّم بها.
هنا يأتي دور الأيادي التي يجب أن تمتدّ نحو أصحاب الآمال من خلال خلق فرص العمل، وإبداع بيئة خصبة ومناسبة لإنتاج فرص عمل جديدة كفيلة بتحقيق الآمال المستجدة لهؤلاء الشباب.
بكل تأكيد فإن أبرز هذه الأيادي هي الحكومة، لأنها هي المعنية سواء باستقطاب ما يمكن استقطابه عندها وفي هيئاتها ومؤسساتها، أم بالعمل على إبداع تلك البيئة بكل جدية وهمة عالية في مطارح الأنشطة الاقتصادية والخدمية في البلاد بشكل فعلي وحقيقي نرى آثاره على الأرض محققة، بعيداً عن الأقوال الفارغة والبيانات الطويلة العريضة التي لا جدوى منها ولا ثمر.
على الملأ- علي محمود جديد