«الحبُّ والرعب».. وشرور الحربِ الكونية

 

الملحق الثقافي:حوار: عبد الحكيم مرزوق:

هي روايةٌ صدرت حديثاً للشاعرة والقاصّة «نداء يوسف حسين»، وتقع في حدود ١٤٥ صفحة، وتُعتبر الرواية الأولى للكاتبة التي كانت تنوي كتابة جزءٍ ثانٍ لها، فختمتها بكلمة «يتبع».. لكنها اكتفت بهذا الجزء، بعد أن وجدته ينقل الهدف بأمانة ومصداقيّة كما قالت، ساعية بذلك إلى منح القارئ حريّة بناءِ نهايةٍ جديدة من خياله الخاص.
لأجل هذا ولأنها تجربتها الروائية الأولى، دون أن تكون الأخيرة «حسب تعبيرها»، سعينا إلى الإضاءة على هذه التجربة، ومن خلال محاورتها وسؤالها:
 ما الظروف المحيطة التي دفعتك إلى كتابة هذه الرواية؟.
  ينبع الدافع إلى الكتابة من أعماقنا، وقد تؤدي الأحداث والظروف إلى تأجيل أو تسريع البدء به، أما بالنسبة لي، فقد أجّلت البدء بكتابةِ الرواية بسبب الحرب، والحرب نفسها هي من أوحت لي بأحداثها وقصّتها. إنها غريزة البقاء التي تتملّك القلم، فتحرّره لكي يبقى على صلةٍ بالأحداث والتاريخ، دون تأجيلٍ أو تأخير يشوه المصداقيّة، ويضيع الفكرة والزمن …
 ماذا تقولين عن هذه الرواية، وعما تتناوله بين صفحاتها؟.
  رواية «الحب والرعب» تحكي قصّة من نسجِ خيالي المنبثق عن الواقع المعاش، في الفترة الزمنية الواقعة ما ببن عامي 2010 / 2020. تلك الحقبة التي احتوت على أحداثٍ واقعيّة، اعتُبرت فيما مضى خيالاً لا أكثر.. كلّ ما يُروى في هذه الرواية من واقع هذه الفترة، أو من واقع الحرب والفقر والجهل. بطلة الرواية «مريم» وتمثل الجانب الحيّ من الحياة، فهي تمرُّ بمراحلٍ عمريةٍ متلاحقة، وبأحداثٍ تتأرجح بين البساطة والقسوة، بين الحب والرعب، بين الحياة والموت، تساندها شخصياتٌ وتلاحقها شخصيات أخرى، ويتعرّض قلبها الطفولي المُفعم بالحبّ، إلى سلسلة من الصدمات والمخاوف والهروب القسريّ.. إنها بطلة روايةٍ تصارع فيها كلّ الشرور التي تحيط بها وتلاحقها، على مر سنواتٍ الحرب الكونيّة، ريثما تنضج وتتّخذ قرار المقاومة والاستمرار.
للرواية أهدافٌ أعمق يفهمها من يقرأ ما بين السطور، ويستنتج اللا مقروء من خلال المقروء…
 هل تقصدين أنك استخدمت الأسلوب الرمزي في طرح أفكارك؟.
  بالتأكيد، فأنا أعتقد أننا نحن البشر، عبارة عن رموزٍ ورسائلٍ مغلّفة، وكلٌّ منا لم يُخلق عبثاً، بل له مهمّة ورسالة عليه أن يؤديها. منهم من أنكر ذاته وتنكّر للآخر، عندما أنكر إنسانيته واستهان بإنسانية الآخر، فأعطى لنفسه الحقّ بالتسلّط على الآخر، وانتهاك حريته وحقوقه وإنسانيته أو استغلاله.
 على ماذا اعتمدتِ في بناءِ أحداث الرواية؟.. وما الذي أردتِ قوله من خلالها؟.
  قدمت للقارئ رواية متعددة التفاصيل، ومتفرعة الأحداث، في أمكنةٍ وأزمنةٍ متعددة، تلتقي كلّها في مكانٍ واحد، هو أعماق النفس الإنسانية المُحبة للخير والحبّ النقي والبساطة والجمال، لكي أقول لهذه النفس ذاتها، إن ما يخرج منها يعود ليُدفن فيها، ثم يعود ليخرج منها بطريقةٍ أقوى، وذلك حسب الظروف والمحيط.. النفس مرآةّ صافية، قبضة قطنٍ أبيض، يمتصّ العطر كما يمتصّ البترول، ويعكس رائحةَ ما التصق به، ولون ما صُبغ به، وكلّ ذلك لن يلغي ماهيّته الحقيقية ..
أردتُ أن أقول: علينا أن نموت مراراً لكي نحيا مرةً واحدة، إذ ليس كلّ حياةٍ حياة، وليس كل موتٍ موت، ولا أعني بالموت هنا الموت العضوي، لا.. إنما موتُ الجهل والخوفِ والكراهية والحقد والمعاني السلبيّة المُنهكة للعقل والروح وللإنسان والأوطان، والحبّ النقي الصافي، هبة تتّسع للكون بما فيه ولا تحدّه حدود.. الحبّ ولادة لا موت بعدها، وإن لم يتّسع الحبّ ليشمل جميع من هم حولنا، فهو زائلٌ كما نحن زائلون من دونه. هي فلسفة أحببتها، اختبرتها، وأحببت نقلها بأمانةٍ وبطريقة سرديّة مفعمة بالعواطف والأفكار. لا توجد حبكة واحدة للرواية، بل احتوت على عدّة حبكاتٍ، وسلسلة من العقد التي تهيء لظهور الحل..
 تكتبين القصة والشعر، فما الذي دفعك إلى مغامرةِ الخوض في كتابة الرواية؟.
  الأدب لا يُجزّأ، ومن يدرس الأدب عليه أن يفهم علومه وفنونه، وإن امتلك الموهبة الفطرية بالإضافة إلى دراسته وعشقه، فليس من الصعب عليه أبداً إتقان كتابة الشعر والقصة والرواية، ثم إنّ القصص القصيرة التي كتبتها هي بذور روايات أُجبرتُ على تلخيصها في قصة قصيرة، بسبب اتّجاه القارئ حينها إلى القراءة السريعة، وملاحقة الفكرة الخاطفة، بعيداً عن التفاصيل الطويلة.
الأدب روح، وروحٌ تحاورنا وترشدنا إلى مكانِ القلم، تُمسك بيدنا وترشدنا إلى طريق المحبرة، تبادلنا الأفكار، تصارعنا بالأخيلة، تُجبرنا – ونحن سعداء – على كتابة ما تريده، لأنها نابعة من داخلنا ولابدّ لها من الخروج إلى العلن وإلا فستختنق وتموت ونموت معها. هي روحٌ ملتصقة بي منذ خلقت ولا يمكنني مقاومة إرادتها، خيالي يعشق المغامرة، وأفكاري تحلّق إلى ما هو أبعد من واقعي وأجمل منه، لكنها لا يمكن أن تنفصل عنه بل تسمو عليه..
 هل من صعوباتٍ عانيتِ منها خلال كتابتك الرواية؟.
  في الحقيقة، أجد صعوبة كبيرة في خلقِ ظروفٍ مناسبة لكتابة ما أريد كتابته، وذلك بسبب ضيق الحالة الاقتصادية والمادية، إضافة إلى ضيق الوقت وكثرة الأعباء، حيث لا أمتلك حاسوباً ثابتاً أو محمولاً، أو أيّة وسيلة تسهّل عليّ عملية الكتابة ونقلها وطباعتها كما ينبغي ..
أما عن كتابة الرواية فهي راحتي الوحيدة، ولديّ روايات مكتوبة لم تر النور بعد، وذلك للأسباب التي ذكرتها سابقاً.. إنه تدفق أفكار وقصصٍ حقيقية أو خيالية، تصرُّ عليّ فأكتبها على الورق أو على الحافظة وأحتفظ بها، عساها ترى النور يوماً.. وحده الورق يصادقني وأصادقه، ويحفظ ما في قلبي وعقلي وأحفظه..
 كلمة أخيرة تودين قولها؟.
  أتمنى أن تتحرّر العقول وتسمو حقاً.. أن يتغيّر اتجاه الأفكار نحو ما هو مفيد وقيّم للإنسانية جمعاء.. أن تتغيّر طريقة التفكير المأسورة منذ عهد آل عثمان، والمتشبّثة بمجتمعاتنا كالسرطان الذي يمنعنا أن نعيش بأمان وسلام وحب، ويقمع كلّ ما هو جميل فينا.. أن نتقبّل الآخر دون تصنيف، ودون تأنيث أو تذكيرٍ أو أنسابٍ أو تنسيب، فالعالم واسعٌ والقلب المحبّ، يسع العالم كلّه.
  
بطاقة تعريف
الكاتبة نداء يوسف حسين، من مواليد حمص، درست في معهد تدريس آداب اللغة العربية، ودرّستها في مدارس محافظة حمص. حصلت على ليسانس في الأدب الفرنسي، وأكملت مسيرتها المهنيّة في تدريس اللغة الفرنسيّة في بعض ثانويات حمص.. من نتاجاتها الشعريّة: سأهمس في أذنك، اهنأ في قلبي، ولأني أحبك، وكيف تعشقين الرجل، ويوميات عاشقة.. ومن نتاجاتها القصصّية: أنثى الرماد، المحفظة الفارغة، ليلة سقوط القمر.

التاريخ: الثلاثاء1-6-2021

رقم العدد :1048

 

آخر الأخبار
محافظ السويداء يتفقد المهجرين في بعض مراكز الإيواء بدرعا  بين معاناة الأمس وتطلعات الغد.."صندوق التنمية" بوابة أمل لإعادة الإعمار  "دمشق الدولي".. منصة تكشف عن وجه جديد للسياحة الداخلية  من التبرع إلى التنمية..صندوق لتحويل التضامن إلى مشاريع ملموسة  افتتاح مراكز صحية وأقسام في المستشفى الوطني بطرطوس إعادة تأهيل المنشآت المائية وترشيد الاستهلاك في صلب أولويات المؤسسة  تأهيل المقصف السياحي في بصرى الشام أعضاء لجان دمشق وريفها ودرعا والقنيطرة يؤدون اليمين القانونية.. "صندوق التنمية السوري" خطوة مبشرة بمستقبل مشرق تأخر وضعف ضخ المياه في حلب..ومؤسسة المياه تعد بخطة إصلاح شاملة خريطة طريق لواقع الأحياء الشرقية بحلب وتلبية تطلعات سكانها لجنة انتخابات مجلس الشعب تصدر التعليمات التنفيذية لمرسوم قانون الانتخابات المؤقت تفقد نسب الإنجاز للخطط الزراعية في حلب "صندوق التنمية السوري..بوابة لإعادة إعمار البنى التحتية  خدمات جديدة عبر شركات الحوالات و"شام كاش" لصرف رواتب المتقاعدين الاحتلال يتمادى بعدوانه.. توغل واعتقال 7 أشخاص في جباتا الخشب بريف القنيطرة  تحضيرات في درعا لمشاريع تأهيل مرافق مياه الشرب والصحة والمدارس  حريق كبير يلتهم معملاً للكرتون في ريف حلب الغربي  حضور لمنتجات المرأة الريفية بالقنيطرة في "دمشق الدولي" واشنطن وبكين.. هل تتحول المنافسة الاقتصادية إلى حرب عسكرية