الثورة أون لاين – عمار النعمة:
صدر العدد الجديد من مجلة التراث العربي عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق متضمناً عدداً من المواضيع والدراسات المتنوعة نذكر منها: (ابن خفاجة الأندلسي ناثراً – ابن رشد في شرحه الوسيط لفن الشعر لأرسطو – العمارة الطينية بين التراث والمعاصرة – تراثنا الحضاري بين عبق الماضي والرؤية المستقبلية ..الخ).
وكتب د.فاروق اسليم افتتاحية العدد بعنوان (هذه المجلة.. إلى أين؟) تحدث فيها عن سؤال ورد من طالب جامعي (لماذا نهتم بالتراث؟) فقال أسليم: الإجابة عن السؤال في غاية البساطة أولاً.. وفي غاية التعقيد ثانياً، أما البساطة فتأتي من كوننا أمة لها تراث عربي عريق وعميق وممتد دون انقطاع منذ ألف وستمئة سنة، ولهذا التراث جذور هي أكثر عمقاً في تاريخ الأرض العربية وفي تاريخ الإنسانية أيضاً.
وأما التعقيد فيأتي أولاً من قدامة هذا التراث، ويأتي ثانياً من اتساع دائرة تراثنا مكاناً، فهو شامل للأقطار العربية المعاصرة التي تشكل وطناً ثقافياً واسعاً جداً، وله حضور يتجاوز حدود الوطن الحالية، لأنه ممتد إلى مسافات شاسعة من الأماكن التي سُلخت من العرب حديثاً، وهو ممتد أيضاً إلى الأماكن التي تجذر فيها هذا التراث من اسبانيا غرباً، إلى الصين شرقاً. ويأتي ثالثاً من تنوع تراثنا انفتاحاً وانغلاقاً.. فثقافة الانفتاح هي أصل راسخ في تراثنا العربي الحضاري وهذا أمر بديهي.
إذن للتراث حضور مهم جداً في الثقافة العربية، وهو متنوع ومتفاوت في قوته وتأثيره في الحياة، وهذا يعني أنه جزء أصيل من نسيج حياتنا.
بدوره د.أحمد عبد القادر صلاحية تحدث عن (ابن خفاجة الأندلسي ناثراً) محاولاً تبيان الوجه الآخر لإبداع أديب الأندلس ابن خفاجة ألا وهو نثره الفني، فقد اشتهر ابن خفاجة بوصفه شاعر الطبيعة في الأندلس، وبشاعر الصورة الفنية الخيالية المبدعة، ولكنه لم يشتهر بوصفه كاتباً مبدعاً من كبار كتّاب عصره ومصره، ولم يحظ نثره قديماً وحديثاً بما يستحقه من اهتمام على علوّ طبقته وسمو صنعته، واتسامه بالصبغة الذاتية، وشفوفه بصفاته المعنوية الخاصة التي بدأ بها البحث، ثم عرّج صلاحية على الإشارات اليسيرة التي أثنت على نثره، ونبّه على وجود نصوص نثرية لابن خفاجة موزعة في ديوانه الشعري الذي صنعه ابن خفاجة بنفسه في العقد السابع من عمره، ونبّه كذلك على نصوص مفرقة في ذيل الديوان، ونصوص أخرى منه في بعض المظانّ التراثية الأندلسية والمشرقية.
أما د.عبد النبي اصطيف فتناول في دراسته ابن رشد في شرحه الوسيط لفن الشعر لأرسطو، وفيها أكد أن الدارس لتلقي عمل ابن رشد “التلخيص الوسيط” يلاحظ أن ثمة بوناً شاسعاً مابين التقويم المجحف للباحثين العرب الحديثين لهذا العمل الصوّة في تاريخ النقد العالمي، وبين تقويم الباحثين الغربيين، الذين ظلوا يشاغلونه بترجماتهم ودراساتهم وأبحاثهم، ويناقشون ما أسهم به في النقد الأوروبي على مدة عدة قرون بل يرونه مصدراً مهماً من مصادر تحقيق الشعر