الثورة أون لاين – سامر البوظة:
على الرغم من كل النداءات واستغاثات الأهالي والأطفال في مدينة الحسكة، تواصل قوات الاحتلال التركي عربدتها وانتهاكاتها، وتمعن في جرائمها من خلال استمرارها بقطع المياه عنهم للمرة الخامسة والعشرين، الأمر الذي يهدد أكثر من مليون مواطن بالعطش، ويزيد من معاناتهم خاصة في ظل هذه الظروف الجوية القاسية والارتفاع الكبير في درجات الحرارة وينذر بكارثة صحية وبيئية هناك، كل ذلك على مرآى من المجتمع الدولي الذي لا يزال يقف متفرجاً دون أن يحرك ساكناً هو ومنظماته التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، وهم من كانوا يتبجحون قبل أيام قليلة، متباكين على السوريين وعلى الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشونها، بينما تتواصل الجهود الحكومية لتأمين وصول المياه إلى كل بيت في المدينة على الرغم من كل الصعوبات والمعوقات.
هي مأساة حقيقية يعيشها أهلنا في الحسكة الذين يعانون الأمرين في ظل أساليب البطش والترويع والترهيب والتعطيش التي تمارسها قوات الاحتلال التركي من جهة، ومن جهة أخرى ميليشيا “قسد” العميلة التي تواصل جرائمها في تلك المنطقة بأوامر ودعم مباشر من مشغلها وراعيها المحتل الأميركي، فيما المنظمات الدولية والحقوقية غائبة أو مغيبة، ما يثير الشكوك حول مصداقية تلك الجهات ويؤكد ضلوعها وشراكتها المباشرة في الحرب على سورية وعلى شعبها.
فلا تزال محطة مياه علوك، التي تعد المصدر الوحيد لمياه الشرب للمدينة وريفها، متوقفة عن العمل بشكل كامل جراء اعتداءات الاحتلال التركي ومرتزقته من التنظيمات الإرهابية وميليشيا “قسد” المرتبطة بالاحتلال الأميركي على خطوط التوتر التي تنقل الكهرباء إلى المحطة، وإيقاف المضخات داخلها عن العمل ما يهدد بحرمان أكثر من مليون مواطن من المياه في مدينة الحسكة وريفها.
إذاً، ليست هي المرة الأولى التي يقطع فيها المحتل التركي المياه عن أهالي الحسكة، إلا أنها تعتبر الأقسى والأشد حرجاً، خاصة في ظل هذه الأجواء الحارة، وانتشار الأوبئة والأمراض والحاجة الماسة لهذا المكون الأساسي، فهذه الجريمة فاقمت الوضع الإنساني الكارثي لأهلنا في الجزيرة وزادت من معاناتهم الكبيرة، لا سيما أنها تأتي بعد سلسلة من الجرائم التي ارتكبتها عصابات أردوغان وميليشياته المجرمة من ترهيب وقتل وتهجير قسري للأهالي واستبدالهم بإرهابيين موالين لها وعائلاتهم في إطار سعيها لإحداث تغيير ديموغرافي ممنهج في المنطقة، ناهيك عن سرقة الممتلكات ونهب المقدرات.
ومن الواضح أن المحتل التركي بزعامة المجرم واللص أردوغان يصر على استخدام هذا السلاح في بازاره السياسي القذر لابتزاز الدولة السورية والضغط عليها من خلال تعطيش الأهالي لمعاقبتهم على مواقفهم الرافضة للاحتلال والداعمة لدولتهم وحكومتهم، وإجبارهم على الرضوخ لشروطه وإملاءاته والقبول بواقع الاحتلال، مستغلاً صمت المجتمع الدولي وتعاميه المقصود عن تلك الجرائم التي تعد جريمة حرب جديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم الطويلة التي ارتكبها ويرتكبها كل يوم هذا النظام وزعيمه أردوغان الذي يسعى للسير على خطا أجداده البائدين وتحقيق أوهامه الاستعمارية في التوسع والهيمنة.
هذه الممارسات الإجرامية ليست بجديدة على هذا اللص وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى الإفلاس والانحطاط الذي وصل إليه، وهي بلا شك يمكن وصفها بجريمة إبادة جماعية وتندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، ويجب محاسبته عليها، وهذا الموضوع برسم المجتمع الدولي ومنظماته ذات الصلة التي يجب تستفيق من سباتها وتلجم هذا المجرم وتضع حداً لعربدته وبلطجته.
بالمحصلة مهما فعل هذا المجرم وعصاباته فإنه لن يستطيع أن يحقق أهدافه وأوهامه الاستعمارية والتوسعية، ولن يستطيع أن يثني هذا الشعب المقاوم والصامد عن مبادئه وثوابته الوطنية وكما اندحر أجداده المستعمرون من قبل على أيدي السوريين وخرجوا يجرون أذيال الهزيمة، سيأتي اليوم الذي يتجرع فيه أردوغان وزمرته المجرمة من نفس الكأس، وسيخرجون من هذه الأرض المباركة مدحورين مذلولين، وهذا اليوم بات قريباً جداً وهو ليس ببعيد.