أول الكلام .. وللإنسانيّة صورتها

 

الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:

لا شيءَ يوجّه العالم، ويدلّه على مكمنِ إنسانيّته، سوى العقل.. وحدهُ يضيء الحياة، ويرتقي بالمجتمعات، ووحدهُ يخلّص الإنسان من هشاشته الفكرية، ويدفعه إلى التفكير العميق، وصولاً إلى المعرفة التي لا مكان فيها للرؤى، المُستلبة أو الجاهلة أو المُشبعة بالأنانية..
يحضر السؤال هنا، وأمام ما نراهُ من عالمٍ، لا يتوجّه ولا يريد أن يُوجّه، إلا لصالحِ أناهُ المفرّغة من وعيها، والمنفردة برأيها:
هل التطوّر الذي وصل إليه الإنسان في هذا الزمن الذي برمجته فيه التكنولوجيا وأدلجته، هو من فاقم محدوديّة تفكيره وعزلته؟!.. وهل ما قدّمه له من فضاءاتٍ فضفاضة، كان سبباً في جعله غير فاعلٍ ولا مرفوع، إلا بأناهُ المجرورة بهذه الفضاءات، وبكلِّ ما فيها من حريّة غير قائدة وإنما منقادة؟!.
ما دفعنا لهكذا أسئلة، شعورنا بأن الإنسان المعاصر يعيش شكليّاً التطور الحضاري، وفكريّاً العصر البدائي… وبأنه يتطوّر عكسيّاً، فيسعى للتخلّص من بني جنسه، وهو ما يجرّده من أخلاقه وإنسانيّته، ويصمهُ بالفردانيّة التي لا يمكن أن تطوّره…
فهل يعي الإنسان أن عليه أن يتطوّر بالكامل، تطوّر كونيّ، حقيقيّ، لا فردياً آلياً؟!… وهل يعي، بأنه لا يتطوّر ولن يتطوّر، إن لم تكن ذاته قادرة على حملِ الإنسانيّة بأكملها، فيتماهى فيها وتتماهى فيه، معتمداً في رؤاه على العقل الذي ينيرُ بصيرته وبصيرتها…
هذا ما نادى به كثرٌ من فلاسفةِ وحكماء العالم، ممن توحّدت رؤاهم الحكيمة، ورسالتهم العظيمة.. قلائلٌ جداً اتّعظوا وفهموها، والغالبية أشاحوا عنها وأهملوها..
من هؤلاء الحكماء «غوته»، الذي لم يكُ الإنسان لديه مجرّد فردٍ، بل إنسانيّةٍ كاملة هدف الحياة بالنسبة إليها، التطوّر من الفردانيّة إلى الكونيّة.. تحيا في كلّ شيء، وتتعايش مع كلّ شيء، وإلا فهي إنسانيّة ميتة، والإنسان فيها غير حقيقيّ..
إذاً، ولطالما رأينا هذه الرؤية مُقنعة، لأنها تثقُ بصوتِ الحقيقية وصورة الإنسانيّة، اللتين يحيا الإنسان بهما على هيئةٍ عاقلة ومحبّة ومتوحّدة وواحدة، أرى بأنها تشكّل حلاًّ مهمّاً في عصرنا الحاضر.
لكن، يبدو أن الأشرار الذين يحكمون هذا العالم، لا يريدون للعقولِ أن تضاء وتضيء، ولا للإنسانيّة أن تُحيي الإنسان، في ذاته أولاً، ومن ثمّ في كونيّتها التي لا جهل فيها أو أحقاد أو قتل، بات يتعدّى العدو، إلى الصديق والشقيق.
نعم، لا يريد الأشرار كلّ هذا.. لذا، جعلوا كلّ الحلول فاشلة، وهدّامة، بعد أن فرضوا على الإنسان أن يحيا، في جحيمِ تطلعاتهم وأطماعهم وفردانيّتهم الشيطانة.

mayhoubh@gmail.com

التاريخ: الثلاثاء6-7-2021

رقم العدد :1053

 

آخر الأخبار
بعد توقف سنوات.. تجهيز بئر مياه تجمع «كوم الحجر» "موتوريكس إكسبو 2025" ينطلق الثلاثاء القادم رؤية وزارة التربية لتشريعات تواكب المرحلة وتدعم جودة التعليم العودة المُرّة.. خيام الأنقاض معاناة لا تنتهي لأهالي ريف إدلب الجنوبي منظمة "رحمة بلا حدود" تؤهل خمس مدارس في درعا مجلس مدينة سلمية.. مسؤوليات كبيرة و إمكانات محدودة إنقاذ طفل سقط في بئر مياه بجهود بطولية للدفاع المدني  المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء تخرق وقف إطلاق النار هجمات " قسد " و" الهجري " .. هل هي صدفة  أم أجندة مرسومة؟! تجربة إقليمية رائدة لوفد من الاتصالات وحداثة النموذج الأردني في تنظيم قطاع الاتصالات والبريد  صعود الهجري وتعقيدات المشهد المحلي في السويداء.. قراءة في ملامح الانقسام والتحوّل  العائدون إلى ريف إدلب الجنوبي يطالبون بإعادة الإعمار وتأمين الخدمات الأساسية رغم التحديات الكبيرة.. انتخابات مجلس الشعب بوابةٌ للسلم الأهلي  اختيار الرئيس 70 عضواً هل يقود إلى ... صناعيون لـ"الثورة": دعم الصناعة الوطنية ليس ترفاً المجمع الإسعافي بمستشفى المواساة الجامعي .. 93 بالمئة إنجاز يترقب قراراً للانطلاق باحث اقتصادي يقترح إعداد خطط لتخفيض تكاليف حوامل الطاقة  حلب تضع خارطة طريق لتطوير البيئة الاستثمارية وتعزيز التنمية الاقتصادية اختتام امتحانات الثانوية العامة.. طلاب حلب بين الارتياح والترقّب  الثروة الحراجية في درعا.. جهود متواصلة تعوقها قلّة عدد العمال والآليات دعم الأميركيين لحرب إسرائيل على غزة يتراجع إلى أدنى مستوى