الثورة أون لاين – سهيلة إسماعيل:
لم يتوقع الشاب محمود حمود (مواليد 1994) من حي المهاجرين في حمص أنه سيرى بقلبه بدل عينيه يوماً، على مبدأ أن الأعمى هو ليس أعمى البصر بل أعمى البصيرة، من جرّاء اللغم الفردي الذي انفجر في وجهه في مدينة حلب في عام 2015، ليبدأ بعد أن استقر وضعه الصحي في رحلة تحقيق الذات ومجابهة الحياة من خلال مشروع صغير، بعزم ثابت وإرادة قوية لا تعرف الاستكانة، معتمداً على نفسه وعلى مساعدة الأهل وبرنامج جريح وطن.
* البداية والصعوبات..
حدثنا الشاب حمود بداية عن ظروف أسرته الصعبة جداً، حيث استشهدت أخته الصغيرة سوزان حمود (تسع سنوات) أمام البيت بسبب قذيفة أطلقتها العصابات الإرهابية المسلحة حين كانت تلعب أمام باب المنزل، وفي العام 2016 نال أخوه مصطفى حمود شرف الشهادة، كما أصيب الأب وهو موظف في إدارة الخدمات الطبية (المشفى العسكري بحمص) بشظايا قذيفة في كتفه.
* مشروعه الصغير..
ورغم كل هذه الظروف ورغم إصابته البليغة هو أيضاً، لم يستسلم ويستكين بل صمم على تحدي الظروف الصعبة لأن الحياة “كما قال” ستستمر، وهي لن ترحم الضعفاء، لذلك فكرت ببناء محل صغير بجانب منزلي لأصنع فيه المنظفات وأبيعها، وذلك بمساعدة زوجتي ووالدتي.
وقد كان اسمي أول اسم في برنامج جريح وطن حيث سجلت فيه بتاريخ 12-12- 2017، ويعود للحديث عن مشروعه الصغير قائلاً: بدأت بشراء المواد الأولية اللازمة لصنع المنظفات وأصنع خلطات منها ثم أبيعها في الحي، ومن المواد التي أصنعها (البلسم – الشامبو بأنواعه المتنوعة – سائل الجلي – القاشط والساطع – شامبو خاص بغسيل السجاد – مسحوق الغسيل للغسالة العادية والآلية)
* التغلب على الجراح..
وعن بداياته قال: واجهت في البداية بعض الصعوبات وخاصة المادية منها، لا سيما في الفترة الأخيرة حيث ازدادت الأسعار بشكل غير معقول، واستطعت بمساعدة بعض الأشخاص وجمعية (صامدون رغم الجراح) أن أتغلب على الكثير من المصاعب، كما كان لوقوف زوجتي وأهلي معي في كل مراحل العمل أكبر الأثر في تحقيق النجاح والهدف الذي أصبو إليه، وهذا ما ساعدني على تطوير المحل، حيث لم يعد اعتمادي على العمل بالمنظفات فقط وإنما وضعت بعض المواد الأخرى التي تحتاجها أي أسرة، أي اتجهت إلى مواد (السمانة)، بالإضافة للأدوات المنزلية.
وختم حمود حديثه قائلاً وموجهاً كلمة للجرحى في صفوف الجيش العربي السوري أو القوات الرديفة: يجب أن نتغلب على جراحنا، وأن نكون أقوى منها بإرادتنا وقوّتنا، متسلحين بالإيمان بالله عزَّ وجلَّ، وأنا أزور الكثير من الجرحى في مدينة حمص وأشجعهم لكي يتجاوزوا محنهم ويتغلبوا على ما يواجههم من صعوبات.
* نستمد القوة منه..
كما التقينا بزوجة الجريح وهي ربة منزل حيث أكدت وقوفها إلى جانب زوجها في محنته ومساعدتها له منذ انطلاقه بمشروعه الصغير وحتى الآن، فقد رزقهما الله بطفلين الأول بعمر سنتين، والثاني ثلاثة أشهر، ويجب تأمين ظروف مريحة لهما، لذلك نحن نعمل باستمرار ونحاول تطوير مشروعنا حتى لا نحتاج أحداً.
وأضافت: نحن في المنزل نستمد القوة من زوجي فهو مؤمن بقضاء الله وقدره، ولا يجعلنا نحس أبدا بأنه أعمى على العكس تماماً.
أما والدته فقالت والحزن يبدو على وجهها: تغيرت نفسية ابني بعد انطلاق مشروعه نحو الأفضل، وأصبح يشجع الآخرين على البدء بأي مشروع حتى لو كان الأمر صعباً في البداية، لأن ظروف الحياة في الوقت الحالي تتطلب المزيد من العمل والقوة